أين يؤدى رئيس الجمهورية المنتخب القسم الدستورى؟ وأمام مَنْ؟.. حكم هذا السؤال على الأرجح أعضاء لجنة تعديل الدستور، وأثر على قراراتهم، بالشكل الذى جعل ترتيب الأولويات فى أذهانهم معكوساً، حسبما نظن، وغير متواكب مع التفاعل السياسى الحاصل.
أراد أعضاء اللجنة انتخاب البرلمان أولاً حتى يحلف الرئيس الجديد اليمين الدستورية أمامه، دون أن يدركوا أن تعديل الدستور القائم لم يصلح ما به من تشوهات، وأن هذه التشوهات، إلى جانب إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردى فى ظل أحزاب هشة وضعيفة وفى غياب القوى السياسية التى قادت إلى الثورة، ستأتى ببرلمان ملىء بالتشوهات أيضاً، ثم يأتى رئيس جديد ومنتخب ليرتكز فيما نطلبه منه من إصلاحات على برلمان «مشوه سياسياً»، سيتولى انتخاب لجنة إعداد الدستور الدائم، بما يعنى أن هذا الدستور الجديد سيعكس تشوهات البرلمان أيضاً وربما ينحاز لأغلبيته.
ولأن التعديلات التى خرجت من اللجنة مازالت «مقترحات» عليها نقاش، فإننا فى «المصرى اليوم» نطرح هذه الرؤية أمام الرأى العام وأصحاب القرار، انطلاقاً من قناعة بأن إعادة ترتيب الأولويات صارت واجباً، لنكسب أولاً رئيساً مدنياً منتخباً، وليؤدى اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، أو مجلس القضاء الأعلى، ثم نشرع فى إعداد دستور يليق بمصر، ليأتى برلمان جديد وفق أحكامه.
إن تأخير الانتخابات البرلمانية سيمنح المجتمع فرصة لبناء نفسه، ويعطى الشباب الذين صنعوا الثورة مهلة لتنظيم أنفسهم فى أحزاب جديدة، ويعيد تشكيل مؤسسات الدولة وهيكلة الأحزاب القائمة، لضمان بيئة تنافس وتنوع، تصون التحول الديمقراطى وتدعمه.
إن عدم ترتيب الأولويات بصورة جيدة، واستمرار الانتخاب بالنظام الفردى، لن يخدما سوى التنظيمات الجاهزة والمتمرسة على الانتخابات الفردية، وهى الإخوان وبقايا الحزب الوطنى، ووقتها سنبدو وكأن ثورة لم تقم، وتغييراً لم يحدث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات