بقلم: عمرو حمزاوي
10 فبراير 2011 10:11:09 ص بتوقيت القاهرة
يدرك كل من ذهب إلى التحرير خلال الأيام الماضية مدى التنوع فى الخفليات الاجتماعية والعمرية للمعتصمين فى الميدان. نعم أشعل شباب الشرائح الوسطى شرارة ثورة المواطنين فى 25 يناير وشكلوا الجسم الرئيسى للفاعلين فى التنظيمات والشبكات التى دعت لها. إلا أن جموع المتظاهرين ثم المعتصمين تجاوزت منذ 28 يناير البداية الشبابية ووسعت بحق تمثيل مختلف الشرائح المجتمعية والعمرية.أما المبهر فى الأمر فهو استمرار توافق هذه الشرائح على المطالب الكبرى للثورة، التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية.
الكثيرون ممن تلاقيهم فى ميدان التحرير من موظفى القطاع العام والهيئات الحكومية والعمال، وهؤلاء ينتمون فى أحسن الأحوال إلى الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، انضموا للمتظاهرين والمعتصمين بهمهم الاجتماعى ورغبتهم فى الإسهام فى صناعة مصر جديدة تتيح لهم ولأسرهم حياة كريمة. آخرون، كبار وصغار، يشكون من إهدار كرامتهم وممارسات ظالمة تعرضوا لها على يد جهاز الشرطة أو فى تعاملاتهم مع «الحكومة» ويشعرون بأن مصر ديمقراطية ستحميهم وتضمن لهم حقوقهم. البعض من كبار السن، من المدن والمناطق الريفية، يثير بلغته ومفرداته قضايا العدالة الاجتماعية وضرورة ضمان الفرص المتكافئة لكل المواطنين بغض النظر عن مراكزهم ونفوذهم وثرواتهم.
أوقفنى رجل ستينى فى الميدان وبكى وهو يحكى لى عن بطولاته فى حرب أكتوبر 1973 المجيدة وإعاقته عن العمل بعدها وكيف أن معاشه أبدا لم يمكنه من إعاشة وتربية أولاده بصورة كريمة وكيف أن أولاده وبعد سنوات من إنهائهم للدراسة الجامعية لم يجدوا عملا إلى اليوم. شباب الميدان لا يجمعهم فقط المطالبة بإسقاط النظام وبالديمقراطية، بل توحدهم الرغبة فى معالجة المظالم الاجتماعية التى راكمتها عقود الفساد ومحاباة الأغنياء وحكومات رجال الأعمال والتخلص من المعاملة غير الكريمة للمصريين بتحريرهم من القمع والعوز والجهل.
الحالة الثورية فى مصر أشمل وأكبر من أن تختزل إلى حركات شبابية ومطالب طبقة وسطى.
الرائع وائل غنيم عبر بصدق عن رؤية الطبقة الوسطى التى تبحث عن مصر ديمقراطية لإيمانها بأن الديمقراطية والحرية أفضل لها وللبلاد.
الشرائح الأخرى، إن دون الطبقة الوسطى أو فوقها، لها أيضا مداخلها للمطلبية الديمقراطية إما عبر استعادة كرامة المواطن المهدرة وتأمين العيش الكريم وتكافؤ الفرص للجميع بالتوزيع العادل لثروات المجتمع والقضاء على الفساد أو بصناعة مجتمع عصرى ومتقدم يحقق لمصر المكانة التى تستحقها بين الأمم. هذه ثورة المصريين جميعا وتستحق أن ننتصر لها دون خوف ودون تراجع.
كلمة أخيرة، بعض الشعوب ثار لسنوات إلى أن أسقط بالكامل ديكتاتوريات حاكمة وأزاح الظلم والطغيان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات