الأقسام الرئيسية

الطواغيت يتشابهون في السقوط ويختلفون في المصير المحتوم

. . ليست هناك تعليقات:
بين ليلى الطرابلسي وماري انطوانيت .. الشعوب تقرر وقت الحساب

عدنان أبو زيد

GMT 13:30:00 2011 الخميس 20 يناير

يمثل فرار الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي من بلاده إثر احتجاجات شعبية حلقة جديدة في مسلسل هزائم زعماء وملوك أمام شعوبهم تارة، وتحت لهيب معارك قادها انقلابيون وعسكر تارة أخرى.


ما يثير في أحداث تونس أنها تمثل اليوم صفحة مختلفة في دفتر عربي تشابهت صفحاته من عقود. و مثل كل المنعطفات التاريخية يتوقف اليوم الكثير أمام زمن عربي جديد، تحاسب فيه الكراسي وتسترد فيه حريات الشعوب المصادرة، وتحبط فيه الشعارات المسروقة ، بل هو زمن اضاف العرب من جديد إلى قائمة الشعوب الحية والقادرة على التغيير بعد أن سكنت جذوة ثوراتهم لعقود حتى دب اليأس في العروق.

وفي كل الأحداث العالمية كان ثمة زعيم، وخلفه حراس، بل ثمة نساء يحكمن من وراء الستار حتى انطبع لون السلطة بألوان ترف البطانة الفاسدة، حتى إذا استيقظت الشعوب، أطاحت بالرؤوس في الحفر و علقتها على أعواد المشانق أو عجلت بأقدامها سوقا الى المنافي، وما يثير في كل ذلك أن كل الطواغيت يتشابهون في نهاياتهم، ولم يكن عند جلهم إجابات جيدة حينما يواجهون انتفاضات شعبية، وكان عليهم استخلاص العبرة ممن سبقهم لكن ذلك لم يحدث أبدا، وكان المنتصر في النهاية الإرادة الشعبية.
ومنذ ماري انطوانيت حتى صدام حسين وزين العابدين وملوك وزعماء روسيا والعراق وإفريقيا وشاه إيران، فان ثمة حقيقة لابد من التوقف عندها.. وهي أن الظلم زائل مهما اختلفنا في الظرف الذي تسبب في زواله، سواء اكان انتفاضة شعبية أم انقلابا.
المرأة تحكم
وربما يتشابه التاريخ في بعض صفحاته فيما يتعلق بليلى الطرابلسي وماري انطوانيت كامرأتين قويتين على راس سلطة حيث دارت حولهما حكايات البذخ والتسلط والحكم من وراء الستار، وإذا كانت الشائعات كثيرة في هذا الصدد، إلا أنها بالتأكيد تعكس نظرة الشعوب إلى الحاكم.
ففي حين نسب إلى ماري أنطوانيت ملكة فرنسا وزوجة الملك لويس السادس عشر المقولة المشهورة " إذا لم يكن هناك خبزاً للفقراء.. فدعهم يأكلون الكعك" ، وعلى رغم عدم وجود دليل على انها قالت بذلك فان الحكاية تداولتها الألسن، تماما مثلما يتداول اليوم حكايات بذخ ليلى الطرابلسي وتهريبها كميات كبيرة من المعدن الأصفر إلى خارج تونس.
وبينما كانت الملكة الصغيرة ماري جميلة وذكية ومتهورة، قد ملَّت الشكليات الرسمية لحياة البلاط، و اتجهت إلى الترويح عن نفسها بالملذّات، مثل الحفلات الفاخرة وسباق الخيول والمقامرة.
وكانت تسرف في إغداق الأموال على محاسيب البلاط، ولم تعط أي اهتمام للأزمة المالية بفرنسا، فأن المراسلة الخاصة لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أشارت إلى ذات الظاهرة التي نسبتها وسائل الإعلام إلى الطرابلسي، ففي لقاء لها مع أحد مستشاري الرئيس التونسي المخلوع، أشارت إلى خطة معدة لتولي ليلى مقاليد الحكم خلفا لزين العابدين في العام 2013 وهي التي حشدت لنفسها لتصبح السيدة القوى داخل القصر تماما مثلما فعلت ماري انطوانيت.
بين فرنسا وتونس
وعلى نفس منوال معالجة الاحتجاج الشعبي، قام الملك الفرنسي الذي كان يخضع لنفوذ ماري أنطوانيت بحشد الجنود في أوائل أكتوبر 1789 ضد الثورة الشعبية العارمة لكن الجماهير الباريسية الجائعة أجبرت العائلة الملكية على الانتقال إلى قصر تويلري بباريس.
بعدها أقنعت ماري أنطوانيت لويس بالفرار لتخرج العائلة الملكية متنكرة في عربة، ولكن أحدهم تعرف على الملك من صورته المطبوعة على العملة الورقية، وتم إيقاف الملك والملكة في فاران وأعيدا تحت الحراسة إلى باريس ليحكم عليها بقطع الرأس ونفذ الحكم العام 1793 في ساحة الكونكورد بينما أعدمت أنطوانيت في العام 1793، بعد أن اقتيدت بعربة مكشوفة دارت بها في شوارع باريس حيث رماها الغوغائيين بالأوساخ وكل ما يقع تحت يدهم، وقصوا شعرها الطويل ثم وضعوا رأسها الصغير في المكان المخصص في المقصلة التي أطاحت برأسها.
مجزرة بعد السقوط
وقادت نهايات أخرى ملوكا إلى الموت وعلى يد الثوار ومن ذلك ما حدث العام 1917 حين ثار البلاشفة تحت إمرة فلاديمير لينين ليعدم القيصر وجميع الأسرة الملكية رميا بالرصاص ودفنهم في مقابر جماعية، بعد أن شملت التصفيات الأطفال والنساء.
فاروق.. الهرب بشروط
و اشترط الملك فاروق المحافظة على كرامته في وثيقة التنازل عن العرش حين أطاحت به حركة الضباط الأحرار العام 1952. الذين قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر، وفي 26 يوليو 1952 غادر الإسكندرية مرتديًا لباس أمير البحر ليتوفى العام 1965، بعد تناوله لعشاء دسم في مطعم ايل دي فرانس الشهير في روما بحسب بعض المصادر.
ملوك العراق..الوقت لم يسعف
وانتهت الملكية في العراق بعد قيام حركة 14 يوليو 1958 على يد تنظيم الضباط الذين رفضوا بحسب بعض المصادر إعدام أو قتل الملك أو تصفية العائلة المالكة، وكانت تفضل عملاً هادئا لكن الذي حدث هو العكس في قصر الرحاب حين كان الملك فيصل الثاني مجتمعاً مع عائلته وبعض الزوار وقد احيّوا حفلا عائليا صغيرا ليستيقظ الجميع في فجر اليوم الثاني على أصوات طلقات نارية.
وعند الساعة الثامنة صباحا أعلن الملك فيصل الثاني استسلامه، وبعد تجمع الأسرة في باحة صغيرة في الحديقة فتحت النار على الجمع، فأصيب الملك في مقتل برصاصتين في رأسه ورقبته وأصيب الأمير عبد الإله في ظهره ثم لقي حتفه هو الآخر وتوفيت على الفور الملكة نفيسة والأميرة عابدية وجرحت الأميرة هيام في فخذها.
لكن نوري باشا السعيد حاول الاختباء تمهيدا للهرب وتنكر بزي امرأة ليتمكن من الفرار من الحشود، وأسقطت من يد السعيد كل محاولات الاختباء والهرب.
صدام.. هروب أم انسحاب
وتداولت وسائل الإعلام أخبارا متواترة من أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رفض وقتها عرضا بغية الحصول على اعترافات، أو تنازلات، لينجو بجلده لكنه فضل المحاكمة والموت في العراق بحسب وكالة أنباء «انترفاكس» الروسية التي نقلت عن مصادر عراقية نفيها المعلومات التي تحدثت عن استعداد الرئيس للخروج من العراق الى المنفى. غير أن خصوم صدام يرون أن صدام هرب واجبر على الاختفاء، وانه مات ذليلا في حفرة حين لم يدافع عن نفسه. ولا يعزي البعض سقوط صدام إلى الغزو الأجنبي للعراق بل إلى انتفاضة شعبية تزامنت مع الغزو وأجبرت صدام على الهرب، كما اضطرت عائلته الى الاختباء ومن ثم الهرب. ويرى عراقيون ان الشعب العراقي كان يستطيع حماية صدام ومساعدته على المقاومة لو كان يريد، لكن الشعب طارد زعيمه الذي نكل به وادخله في أزمات استمرت لحوالي ثلاث عقود.
فرح بهولوي.. البوم صور وأحذية
وتتشابه حكاية هروب زين العابدين بنعلي مع تفاصيل هروب شاه ايران العام 1979 حين أنهت مظاهرات شعبية النظام الشاهنشاهي مما أدى إلى هروب الشاه إلى مصر اثر توقف الجيش عن دعم النظام .
ومثلما دارت حكايات ترف ليلى الطرابلسي تداولت الألسن تفاصيل الفردوس الذي عاشته زوجة الشاه فرح بهلوي وكيف ان الكثير من القرارات العامة كانت تتخذ في مخدع الزوجية.وغادرت الأسرة إيران العام 1979 لتبدأ رحلة منفى قاسية، حتى وفاة الشاه العام 1980 حيث دفن بالقاهرة.
وتروي فرح كيف كانت ترى الدموع في عين زوجها محمد رضا بهلوي لأنه كان يرى نفسه مطرودا من بلاده، إلى جانب عدم قبول العديد من الدول لاستقباله.وحين خرجت فرح من ايران لم تكن قد حملت معها سوى البوم صورها وزوجين من الأحذية المفضلة لديها.
آخرون.. هروب ومذابح واختفاء
وفي العام 2003 تخلى الرئيس الليبيري تشارلز تايلور المتهم بجرائم حرب عن السلطة ليختار العيش في المنفى . لكنه اعتقل العام 2006 حيث باشرت المحكمة الدولية الخاصة بسيراليون محاكمته.
وغادر الرئيس البوليفي غونزاليس سانشيز دو لوزادا القصر الرئاسي العام 2003 تحت جنح الليل هاربا على متن مروحية متجها إلى الولايات المتحدة هرباً من حركة احتجاج شعبية قوية.
وأدى الاحتجاج الشعبي والضغوط الدولية وسقوط عشرات الضحايا الرئيس جان برتران اريستيد على مغادرة السلطة العام 2004، ليختار المنفي في جنوب إفريقيا. وأنهار العام 2005 نظام الرئيس عسكر اكاييف الحاكم تحت ضغوط آلاف المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على نتائج الانتخابات وفساد السلطة حيث فر الرئيس الى روسيا.
وأسقطت انتفاضة شعبية العام 2010 الرئيس كرمان بك باكييف المتهم بالفساد بعد سقط عشرات القتلى ليفر هاربا من بلاده حيث يعيش في المنفى في بيلاروسيا. وسقط النظام الملكى فى مملكة نيبال فى قارة أسيا العام 2008 و أستبدل بنظام برلماني بعد مجزرة ذبح العائلة المالكة على يد ولى العهد.
وكان العام 2001 شهد إطلاق ولي العهد النار على احد عشر فردا من الأسرة المالكة، بينهم الملك بيرندرا والملكة ايشواريا قبل ان يطلق النار على نفسه. وكانت هذه الأحداث مقدمة لنهاية العصر الملكي في نيبال إذ سقط النظام الملكي العريق البالغ من العمر 240 عاما من دون إراقة دماء رموزه، بل من دون اعتقالهم للمحاكمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer