الأقسام الرئيسية

كالعادة القتل هدية الأقباط فى عيدهم – بقلم: د. يحيى القزاز

. . ليست هناك تعليقات:

وكأنها أصبحت عادة، أن تحصد أرواح الاقباط فى أعيادهم. لم يبرح مخيلتنا الحادث الآثم الذى أودى بحياة الكثيرين من المصريين المسيحيين فى “الكشح” فى يوم عيدهم عام 2000، وتلاه حادث آثم ثان أمام كنيسة فى “نجع حمادى” في يوم عيدهم من العام الماضى، وفى نفس اليوم من بداية العقد الثانى من الألفية الثالثة، وبعد منتصف ليلة الجمعة وبداية بزوغ اليوم الأول من السنة الميلادية الجديدة “يوم عيد الكريسماس” 1/1/2011، يتكرر نفس ماحدث فى الكشح ونجع حمادى، تُحصد أرواح المصريين المسيحيين وهم خارجون من صلاتهم أمام ليلا كنيسة بالإسكندرية احتفالا بقدوم رأس السنة الميلادية، ووصل عدد القتلى حتى كتابة هذا المقال 21 قتيلا و40 جريحا. ويبدو الفرق واضحا فى تطور تقنية القتل، ففى الجريمتين السابقتين استخدم القتلة البنادق، وفى هذه الجريمة أمام كنيسة الإسكندرية استخدموا سيارة مفخخة أو وضع عبوة ناسفة تحت سيارة كانت تقف أمام الكنيسة يقدر وزنها بحوالى 100 كيلوجرام من مادة TNT المتفجرة.

التقنية الحديثة المستخدمة توحى بتدخل جهات خارجية فى تنفيذ العملية لزعزعة استقرار أمن مصر الداخلى، يعضد هذا الاحتمال تصريحات رئيس مخابرات العدو الصهيونى فى العام المنصرم بأنهم نفذوا إلى داخل العمق المصرى وللموساد يد طولى فيه، وقد يكون هناك خلايا إرهابية نائمة أو وافدة بدأت تصنيع المتفجرات محليا، وهذا شيئ يمكن عمله بسهولة تحت “بير السلم” فى غياب الأمن الراصد، وقد تكون عملية مقصودة من قبل النظام الحاكم لإلهاء الشعب داخليا حتى لايفكر فى فقره ومرضه وفساد الدولة وتحللها وتزوير الانتخابات، وقد تكون تصفية حساباته مع قوى معارضة ليتسنى له توفير غطاء دولى لتزوير انتخابات الرئاسة القادمة من خلال تصدير فزاعة الإسلام السياسى للعالم الغربى، ويغضون الطرف عن استمرار نظام قاتل لشعبه بديلا عن الإسلام فوبيا، يدعم هذا الاحتمال السخط العام المحلى والدولى على سوء إدارة النظام الحاكم للدولة وتزوير الانتخابات البرلمانية. والطريف أن الغرب يعرف هذه اللعبة ويشارك النظام الحاكم مساخرها، ونحن المخدوعون نردد ونحذر مما يعلمه ويعرفه الغرب.

فى كل الحالات المسئول الرئيسى عن هذه الأحداث هو غياب الأمن أو التراخى فى حماية الكنائس، ومن الطبيعى أن يختفى الحرص على أمن المواطن، مقابل المبالغة فى الحرص على أمن الرئيس وأسرته ولصوص السلطة والمال. وزارة الداخلية هى التى تحكم وتتحكم فى شعب مصر داخليا، وهى التى تمنح وتمنع، وكان دور جهاز “ضرب الدولة” المدعو ظلما بــ (أمن الدولة) واضحا أولا فى استدعاء المرشحين لمجلس الشعب وعمل مقابلات شخصية لتحديد مقياس ولائهم للنظام المستبد ومنع المشكوك فيهم، وثانيا فى تزوير انتخابات مجلس الشعب. وسواء كان الحادث من تدبير جهات خارجية أو داخلية فالمسئولية الرئيسية تقع على جهاز الأمن المصرى المتفرغ لاعتقال الشرفاء وسحلهم وحماية اللصوص، خاصة وأنه حادث متكرر ولاحق لحادثين سابقين فى “الكشح” و “نجع حمادى”، ولايغيب عن فطنة المواطن العادى أن الكنائس مستهدفة فى أوقات تجمعاتها فى أيام الأعياد، وبعد تنامى تهديدات من “جماعات القاعدة”، لكل ذلك كان الحرص واجبا ولازما من أجهزة الأمن حيال المصريين المسيحيين فى أعيادهم. ولايمكن أن نغمض أعيننا ونعلق مايحدث على شماعات الأجندات الغربية ومنها الأمريكية والصهيونية، فكل دولة لها سياستها واستراتيجيتها التى تعمل على تحقيقها، فماذا فعل النظام المصرى لحماية شعبه وتأمين سيادة دولته؟ لن نعصر أذهاننا فى الإجابة، فالنظام المصرى جعلها سهلة وأجاب ببساطة “لاشيئ” لانه مشغول بالحفاظ على السلطة والاستمرار فى نهب وتجريف ثروة الشعب المصرى. وقد يغيب عن النظام المصرى أنه عند الشروع فى تنفيذ المخطط الأمريكى وتفكيك مصر –لاقدر الله- إلى دويلات مثل السودان فإنه الخاسر الأول، والشعب لن يخسر كثيرا، وسيتحول من مقاومة المستبد الداخلى (مبارك ونظامه) إلى مقاومة المحتل الاجنبى أو قواته القادمة بزعم التقصى وحفظ الامن والسلام، وثبت بالدليل العملى أن المصريين مسلمون ومسيحيون يتوحدون وينسون خلافاتهم وآلامهم فى أوقات الشدة والدفاع عن أمن الوطن استقلاله.

الحديث عن مسئولية الأمن المصرى ومحاكمة المسئولين وعلى رأسهم وزيرهم حبيب العادلى بتهمة الخيانة والتفريط فى أمن المواطنين، لا يمنعنا من الإشارة الصريحة إلى مسئولية النظام الحاكم عن سوء اختياره وسوء أدائه، وفساده واستبداده. نحن لانطالب بمحاكمة حبيب العادلى وإقالته فقط فهو رجل عبدالمأمور، وإنما نطالب بمحاكمة النظام الحاكم ورحيله، وهذا لايتأتى إلا فى معارضة تعرف طريقها وتحدد من هو خصمها السياسى ولاتشاركه مبارياته، وترفض اللعب على أرضه وفق قواعده. من يثق فى هذا النظام ويشاركه ألعابه آثم فى حق الوطن ويمنح النظام الفاسد شرعية الوجود.

مايحدث خسارة لمصر، والقتلى هم مصريون بلا جدال وشركاء فى هذا الوطن، والحديث عن الوحدة الوطنية وعنصرى الأمة تكريس لزعامات طائفية من الطرفين، ويساعد على بث الفرقة بين المصريين شاءت الأقدار أن يكون أحدهم كثير العدد والآخر قليله. وفى دولة القانون توجد المواطنة ولاتوجد أقليات بل توجد حقوق وواجبات. وتصدع مؤسسات الدولة وتداخلها وانتشار الفساد وتسرطن الاستبداد يلغون دولة القانون. ودولة القانون هى الأساس الحامى للمواطنة. مصر للمصريين.. لمن عاشوا وتعايشوا فيها، وماحدث هو همنا ومصابنا جميعا، ومبعث الداء يكمن فى ترهل النظام الحاكم وشيخوخة رئيسه.

مصر فى خطر فانتبهوا، والأمثلة واضحة ونموذج السودان ليس ببعيد فانتبهوا يا أولى الألباب.

1/1/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer