الصحف البريطانية الصادرة الأربعاء أبرزت عددا من قضايا الشرق الأوسط في مقدمتها المظاهرات الحاشدة في مصر للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس المصري حسني مبارك كما تناولت تسريبات الوثائق السرية بشأن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكتبت صحيفة الجارديان تحت عنوان " الاحتجاجات في مصر تفتح آفاقا جديدة" حول المظاهرات التي شارك فيها عشرات الآلاف من المصريين في العاصمة المصرية القاهرة وعدة مدن أخرى للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس حسني مبارك وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية.
ويقول كاتب المقال إن مصر ليست مثل تونس سواء من حيث عدد السكان الذي يبلغ حوالي 80 مليون نسمة أو الطبيعة الجغرافية أو الموقع الاستراتيجي وإن كان البلدان يتفقان في جانب واحد وهو مطالب الشعب الغاضب وحذر الكاتب من أن مصر إذا انفجرت فسيكون الانفجار أقوى وأكبر مما حدث في تونس.
ويضيف المقال أن مشهد التظاهر ليس بجديد في مصر فقد حدث عام 2005 عندما طالب المتظاهرون بإجراء إصلاحات دستورية ولكن أحلامهم تبخرت مع إعادة فرض قوانين الطواريء والحالة الاقتصادية المتردية كما وقعت مظاهرات وأعمال شغب في مدينة المحلة الكبرى في عام 2008.
وترى الجارديان أن الأمر مختلف هذه المرة فهذه الاحتجاجات تبعث رسالة مقلقة للنظام الحاكم الذي تعود على حالة الاستقرار، فالمتظاهرون خرجوا في "يوم الغضب" كما أطلقوا عليه في مجموعات كبيرة وليست صغيرة وتحركوا سوية حتى وصل الأمر إلى أن قوات الأمن عجزت عن الوقوف في وجه المتظاهرين في بعض الأحيان.
وأضافت أن هذه التظاهرات أجبرت الرئيس مبارك ووزراء حكومته على الخروخ عن حالة الراحة التي كانوا ينعمون بها ونقلت الصحيفة عن وزير الداخلية حبيب العادلي قوله إنه لايمانع من خروج تظاهرات صغيرة وسلمية ولكن أن تخرج هذه الأعداد الغفيرة بدون توجيه رسمي وبشكل جماعي فهذا المشهد جديد وله أبعاد خطيرة.
وذكرت الجارديان أن وجه الاختلاف واضح هذه المرة في الاحتجاجات، فجماعة الأخوان المسلمين المحظورة أكبر قوى المعارضة في مصر أعلنت عدم مشاركتها رسميا في المظاهرات، فهذه المرة من شارك هم الآلاف من الشباب المحبط العاطل عن العمل والطلاب والعمال والمثقفين.
قنابل غاز
صحيفة التايمز تناولت الموضوع أيضا وكتبت تحت عنوان " المصريون واجهوا الشرطة وقنابل الغاز في صحوتهم للحاق بثورة الياسمين".
وذكرت التايمز أن نجاح التظاهرات في تونس ألهمت آلاف المصريين للخروج إلى الشوارع للمطالبة بإنهاء 30 عاما من حكم الرئيس مبارك.
وأضافت الصحيفة أن المتظاهرين سيطروا على أجزاء كبيرة من القاهرة إضافة إلى خروج مظاهرات في عدة مدن سواء في صعيد مصر أو شمال البلاد ومحافظات الدلتا.
وأشارت إلى أن آلاف المصريين خرجوا في مظاهرات في عام 2003 قبل غزو العراق ولكن المظاهرات هذه المرة لم تشهد لها مثيل من قبل وبخاصة في بلد يقيد النشاط السياسي.
وتقول الصحيفة إن التظاهرات لفتت أنظار بعض المصريين الذين دائما ما يتجنبون أي نشاط سياسي سواء خوفا من الاعتقال أو بسبب اليأس من حدوث تغيير.
ونقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين وهو يسير وسط مجموعة من الشباب الغاضب في منطقة بولاق أبو العلا الشعبية نداءه للمواطنين " انضموا إلينا، لا تخافوا، فلن تذهبوا إلى السجن".
واقع جديدة
صحيفة الاندبندنت نشرت مقالا للكاتب روبرت فيسك بعنوان " واقع جديد يشرق على العالم العربي" ويتناول فيه الكاتب عدة مشاهد على الساحة العربية نادرا ما تحدث في وقت واحد ومتلاحق حسبما يرى ووضعت المنطقة في حالة "ثورة".
وأول هذه المشاهد التسريبات التي نشرتها قناة الجزيرة القطرية وصحيفة الجارديان للوثائق السرية للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائييليين.
ووصف الكاتب في مستهل مقاله الوثائق الفلسطينية التي تم تسريبها بأنها "ملعونة" وشبه قبحها بوعد بلفور الذي منح لليهود وطنا على أرض فلسطين.
ويقول فيسك إن "السلطة الفلسطينية أبدت استعدادها للتخلي عن حق عودة أكثر من 7 ملايين لاجيء فلسطيني إلى أرضهم".
ويضيف وتزامنا مع الكشف عن هذه الملفات يخرج الشعب المصري ثائرا لإسقاط حكم الرئيس مبارك وفي لبنان تم الإعلان عن تعيين رئيس وزراء جديد مؤيد لحزب الله اللبناني.
ويشير الكاتب إلى أنه فيما يتعلق بالملف الفلسطيني فإنه من الواضح أن ممثلي الشعب الفلسطيني كانوا على استعداد للقضاء على آمال اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم.
ويقول فيسك إنه لا مجال في الوقت الحالي أن تكذب الشعوب العربية على بعضها أو أن يصدقوا كلمات زعمائهم التي هي بالأصل كلماتنا " يقصد الغرب".
ويرى الكاتب أن مستقبل الرئيس المصري أصبح مقلقا أكثر من أي وقت مضى وبخاصة أن الشعب لا يريد ابنه جمال أن يخلفه وربما يفكر مبارك الآن إلى أين سيغادر.
ويطرح فيسك تساؤلات حول المستقبل في المنطقة وهل قرر الشعب العربي الآن اختيار زعمائه؟ وهل نحن في طريقنا لأن نرى عالما عربيا جديدا لا يخضع لسيطرة الغرب؟.
ويختتم الكاتب مقاله بقوله "لا أحد يعرف ماذا سيحدث ولكن المستقبل القريب سيجيب عن هذه التساؤلات".
تسريبات
وتناولت الديلي تلجراف قضية التسريبات للوثائق السرية الفلسطينية والتي كشفت أن المخابرات البريطانية نصحت السلطة الفلسطينية ب"سحق حركة حماس" والجماعات المسلحة الأخرى في الضفة الغربية عن طريق اعتقال قادتهم.
وذكرت الصحيفة أنه خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية وضعت المخابرات البريطانية استراتيجية في عام 2004 لمساعدة قوات الأمن التابعة للرئيس الفسلطيني الراحل ياسرعرفات لتحييد الجهات المعارضة لتوقيع اتفاق سلام مع الإسرائيليين.
وأوصت الخطة طبقا للصحيفة "باحتجاز ضباط من ذوي الرتب المتوسطة" من حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى والجماعات التي تقوم بالعمليات الانتحارية والهجمات الصاروخية ضد اسرائيل.
وتقول التلجراف إنه أثناء إعداد هذه الخطة كانت الولايات المتحدة قد أوقفت مساعداتها لقوات الأمن التابعة لعرفات احتجاجا على فشله في وقف أعمال العنف.
وطبقا للتسريبات فإن بريطانيا قررت التدخل آنذاك في محاولة لاحياء محادثات السلام التي توقفت بعد رفض إسرائيل استئنافها حتى تقوم السلطة الفلسطينية بكبح جماح الجماعات المسلحة.
كما ساهمت بريطانيا في تدريب وإعداد كوادر من قوات الأمن الفلسطينية على مدار سنوات في إطار المبادرات التي تمت تحت إشراف وزارتي الخارجية والدفاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات