تفتتح جل الصحف البريطانية اعدادها ليوم الثلاثاء بالتفجير الذي استهدف مطار دوموديدوفو الدولي في العاصمة الروسية موسكو، لكنها مازالت تتتبع باهتمام تداعيات تسريبات قناة الجزيرة لوثائق متعلقة بالمفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وخصصت صحيفة الاندبندنت صفحتين كاملتين للموضوع، ومما جاء فيهما ما كتبته كاترينا ستيوارت من رام الله، بان المسؤولين الفلسطينيين يسابقون الزمن لاحتواء الازمة التي قد تفضي اليها تلك التسريبات، ناعتين التقارير القائلة بانهم قدموا تنازلات غير مسبوقة لاسرائيل بالفبركات والتشويهات.
وشنت السلطة الفلسطينية هجوما لاذعا على القناة الفضائية، بينما اعتبرت حركة حماس التسريبات دليلا على تورط السلطة في "تصفية القضية الفلسطينية".
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات للصحافة في القاهرة ان وثائق الجزيرة تتضمن "خلطا مقصودا وهذا عيب لقد رأيت بنفسي ما عرضته القناة ويقال انه فلسطيني بينما هو اسرائيلي".
وتتناول ستيوارت ايضا في مقال منفصل المظاهرات التي خرج فيها شبان غاضبون واقتحموا مكتب الجزيرة في رام الله، قبل ان تتصدى لهم قوات الشرطة.
وكتب المتظاهرون بالاصباغ شعارات على جداران مقر القناة يتهمون صحافييها بانهم "جواسيس" لحساب اسرائيل.
وتنشر التايمز مقالا حول نفس الموضوع بقلم جيمس هايدر من طولكرم، يقول فيه ان القادة الفلسطينيين ردوا بغضب على تسريب الوثائق التي قالت انهم ابدوا استعدادهم للتنازل علن اجزاء مهمة من القدس الشرقية لصالح النشاط الاستيطاني الاسرائيلي.
وقد اتهم امين سر اللجنة التنفيية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه امير قطر حمد بن خليفة ال ثاني باعطاء الضوء الاخضر لقناة الجزيرة لنشر هذه الوثائق.
واكدت الجزيرة ان الوثاثق التي كشفت عنها تشكل "اكبر تسريب في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي"، وتضعها على صفحة خاصة تحت اسم "كشاف الجزيرة".
كما تخصص الصحيفة للملف مقالا آخر في صفحة الرأي والتعليق، يقول كاتبه امير طاهري ان التسريبات انما برهنت على ان المفاوضين الفلسطينيين واجهوا اربعة من تابوهات القضية بشجاعة، وان السلام ليس مستحيلا كما يعتقد البعض".
ويقول طاهري انه رغم "المبالغات والشكوك التي تحوم حول صدقية بعض الوثائق، فان تلك التسريبات سيكون لها تاثير بدون شك. فمن الخارج، بدت المفاوضات الاسرائيلية-الفلسطينية وكأنها اعادة لكليشيهات محفوظة عن ظهر قلب، يرددها الجانبان على بعضهما كل مرة تحت انظار امريكا المحتارة".
"لكن هذه التسريبات تظهر ان الامر ليس كذلك في الواقع، بل تبين ان الفلسطينيين تطرقوا الى بعض الجوانب المحظورة بشجاعة رومنسية بينما تراوحت مشاعر الاسرائيليين بين الامل والاحباط".
ويقصد الكاتب بالمحظورات مستقبل القدس والمستوطنات خارج حدود 1967 وحق العودة وعرب اسرائيل.
وتظهر الوثائق، حسب الصحيفة، ان الفلسطينيين طرحوا تنازلا في 2008 بشأن القدس، حيث قبلوا بان تحتفظ اسرائيل بمعظمها بينما يتخذ الفلسطينيون الاجزاء المتبقية بما في ذلك بعض الضواحي عاصمة لهم، على ان تسير لجنة متعددة الديان شؤون المواقع الدينية.
واظهرت الوثائق ايضا ان السلطة الفلسطينية ابدت استعدادها للسماح ببناء المستوطنات الا واحدة، وهي هار حوما، وانهم قبلوا حلا يقدم اللاجئون الفلسطينيون بموجبه طلباتهم للعودة الى فلسطين، على ان تقرر اسرائيل عدد الطلبات التي تقبلها سنويا.
اما المحظور الثالث المتعلق بالمليون ونصف المليون من عرب اسرائيل، فتبين حسب التسريبات ان الجانبين نظرا مطولا في حل كان اقترحه وزير الخارجية الامريكي السابق هنري كيسينجر، وهو منحهم اراض في الجانب الفلسطيني مما سيعزز طابع اسرائيل اليهودي.
ويقول امير طاهري انه "نادرا ما يلمس مفاوض هذه المحاور الحساسة دون ان يتم وصمه بالخيانة" ويتساءل: "خيانة؟ ربما بالنسبة للمتشائمين، لكن ليس بالضرورة في اعين هؤلاء الذين ينتظرون بشوق حلا للقضية من سكان المنطقة."
اما الديلي تلغراف، فتنظر الى هذه التطورات من زاوية مختلفة: "في الشرق الاوسط لا يهم ان تكن الوثائق المسربة حقيقية او مزورة ففي الشرق الاوسط بامكان اية اشاعة ولو كانت مجردة من أي مصداقية ان تغير مجرى التاريخ".
"لكن يبقى السؤال الاهم هو من المستفيد من هذه التسريبات، سواء كانت الوثائق حقيقية او مزورة؟ انها حركة حماس التي تتخذ من محاربة "فساد حركة فتح" اهم شعار لها."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات