شهداء من أجل الوطن...دم رجال الشرطة في رقبة من؟ | ||||
| ||||
تحقيق:رحمة رمضان
لقد أصبح في الآونة الأخيرة خبر استشهاد ضابط الشرطة أو الجندي من الأمور المعتادة، ويجب أن نعترف بأن هناك فجوة صنعتها بعض الصحف والقنوات بين الشرطة والمجتمع يجب سدها حتى لا يصبح التجرؤ على رجال الشرطة مشهداً يومياً.
وعلي الرغم من أننا ننتقد سلوك الكثيرين من ضباط الشرطة عندما يعتدون على حريات المواطنين،أو ينتهكون كرامة المواطنين، لكن فى بعض الأحيان يكون التجاهل من نصيب ضباط شرطة الذين يستشهدون أثناء عملهم أو يرفضون الرشوة والفساد ويضحون بحياتهم لحماية الأرواح والممتلكات. فبجانب عدد من الضباط الذين تخلوا عن إنسانيتهم وحولتهم وزارة الداخلية للتحقيق، هناك عشرات ومئات من الضباط الشرفاء الذين يستحقون أن نذكرهم ونطالب بتكريمهم ومنحهم أعلى الأوسمة. ربما يرى البعض أن القيام بالواجب لا يستحق الشكر، لكن الواجب أحيانا يكون مخلوطا بالدم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو دم شهداء الشرطة في رقبة من؟ من المسئول عن سقوط شباب منهم في عمر الزهور يخرجون من بيوتهم تاركين أولادهم و زوجاتهم لتحقيق الأمن والأمان لمصر، ومن منا يستطيع أن ينكر فضل رجال الشرطة في حماية زوجته أو شقيقته أو والدته إذا عادوا إلي بيوتهن في وقت متأخر و من ينكر وقفتهم ليلا ونهاراً في الشوارع لتيسير حركة المرور رغم تجاوزات سائقي الأجرة والميكروباص و أيضا الملاكي، رجال الشرطة يستحقوا منا أن نتذكرهم في عيدهم يوم 25يناير، وأن نذكرهم دائما. وهذه بعض من نماذج ضحوا بأرواحهم لحماية المواطن المصري من تجار المخدرات وقطاع الطرق. شهداء الشرطة لكل منهم قصة وبطولة تستحق أن نقف أمامها بكل الحب ونذكر حسن صنيعهم.
في أغسطس عام2009 استشهد اللواء مصطفي زيد مدير مباحث الجيزة قبل انطلاق مدفع الإفطار عندما كان يقوم بأداء واجبه وهو يترأس قوة من الشرطة لتسيير حركة المرور فوق محور المنيب حتى يتمكن قادة السيارات من اللحاق بمدفع الإفطار. وقف الفقيد مع رجاله يشرف علي تسيير حركة المرور والتي شهدت سيولة ويسر بعد أقل من نصف ساعة وفجأة جاءت سيارة طائشة تسير بسرعة جنونية وحاول قائدها تخطي سيارة أمامه إلا أنه انحرف بشدة ليطيح باللواء مصطفي زيد حيث أصيب بكسور ونزيف حاد. وبسرعة قام أفراد القوة بنقله إلي المستشفي في سيارة الشرطة إلا أن اللواء زيد كان قد فارق الحياة من شدة نزيف الدماء قبل ان يصل للمستشفي. حدث ذلك في الوقت الذي كانت فيه أسرة الشهيد مصطفي زيد زوجته وأبناؤه الثلاثة أيمن' مهندس' وأحمد الطالب بالأكاديمية البحرية وأمل الطالبة بإحدي الجامعات الخاصة في إنتظار والدهم علي طعام الإفطار كما إعتاد كل يوم أن يحضر إليهم بعد أن يكون المدفع قد إنطلق وتأخر بعض الوقت، ولكن ساورهم القلق في هذا اليوم حتى جاء النبأ المفجع عبر التليفون بأن اللواء مصطفي تعرض لحادث تصادم وهو الآن في مستشفي الشرطة. وقتها سارع أفراد الأسرة تسبقهم دموعهم تتوجع قلوبهم لرؤيته والاطمئنان علي عائلهم المصاب وأيديهم تتجه بالدعاء إلي الله أن تكون الإصابة بسيطة أو متوسطة وعند وصولهم المستشفي, انقبضت قلوبهم وقفزت من بين ضلوعهم فقد كان المشهد وعلامات الصمت الحزين بالمستشفي ودموع أصدقاء الفقيد تعلن عن الفاجعة لقد رحل الفقيد مصطفي زيد دون أن يودع أسرته التي اعتادت انتظاره علي طعام الإفطار وقبل أن يسافر لأداء العمرة في هذه الليلة, كما اعتاد كل عام ولكن القدر لم يمهله.
أعلى برج المراقبة على الحدود بين رفح المصرية والفلسطينية صعد الجندي أحمد شعبان ليقوم بخدمة عادية، اعتاد عليها منذ تجنيده فى سلاح حرس الحدود، جلس أحمد على الجانب المصري، بينما فى الجانب الفلسطيني كانت حركة حماس تعقد مؤتمرا جماهيريا للتنديد بمصر بسبب ما قيل إنه رفض لإدخال قافلة شريان الحياة إلى غزة، وبعد كلمات حماسية مليئة بالتحريض انصرف قادة حماس بينما هاج الحضور واندفعوا نحو الحدود يقذفون الجنود المصريين بالحجارة.. ظن أحمد أنها مجرد حالة توتر عابرة وسرعان ما تمضى، لكن قناصاً فلسطينياً كان يتربص من بعيد، فأطلق رصاصة أصابت أحمد فى رأسه، ليلفظ ابن إهناسيا فى محافظة بنى سويف بصعيد مصر أنفاسه الأخيرة، وتخرج روحه على مرأى من تراب فلسطين.. وهو لم يكمل بعد عامه الثاني والعشرين.
وفي فبراير 2008 أصدر رئيس الجمهورية بترقية الملازم أول محمد عاشور الضابط بوحدة مباحث مركز شرطة القناطر الخيرية إلي رتبة نقيب بعد استشهاده أثناء تأدية وظيفته لاصطحاب المدعو هنادى سليمان عبد العظيم السابق إتهامه فى عدة قضايا مخدرات. وفى مأمورية إرشاد عن إتجار غير شرعي فى الأسلحة بعزبة دار الكتب بالقناطر الخيرية فاجأ الأخير السيد الضابط لدى الوصول إلى مدخل القرية بإطلاق عيار نارى عليه من "فرد محلى الصنع" مما أسفر عن استشهاده.
كما صدرر قرار جمهوري في يوليو2008 قرار بترقية الملازم أول محمد فاروق علي حسن القرش من قوة قطاع الأمن المركزى فى إطار المتابعات الأمنية بالحدود المصرية بمنطقة سيناء إلي رتبة نقيب بعد أن استشهد الملازم أول أثناء قيامه في دورية أمنية بالمرور بمنطقة بئر معين على خط الحدود الدولى وملاحظة قيام بعض الأشخاص بالتسلل من الجانب المصرى إلى الجانب الآخر ، ولدى قيام القوة بمحاولة استيقافهم، قاموا بإطلاق النيران تجاه القوة وأسفر عن ذلك إصابة الملازم أول محمد فاروق على حسن القرش بطلق نارى بالبطن استُشهد على أثره.
وفي يوليو 2008 أستشهد الملازم أول أحمد حسن نشأت معاون مباحث مركز شرطة قويسنا إثر مطاردته تشكيل عصابى تخصص بسرقة كابلات بعد أن أبلغ أحد المواطنين إدارة شرطة نجدة المنوفية بقيام بعض الأشخاص " يستقلون سيارة نقل بيضاء اللون بدون لوحات معدنية " بسرقة الكابلات التليفونية بطريق قريتى مصطاى /الرمالى دائرة مركز شرطة قويسنا - 2 كم عن طريق القاهرة/ الإسكندرية الزراعي السريع - ..وعلى الفور إنتقل لمحل البلاغ كلا من الملازم أول أحمد حسن نشأت معاون مباحث مركز شرطة قويسنا - وتقابل مع السيد النقيب باهر عدلى من قوة المركز والمعين مرور أمنى بطريق القاهرة/ الإسكندرية الزراعى ، حيث قاما والقوة المرافقة لهما بمطاردة السيارة محل البلاغ. وأمام عزبة أبو سعد زمام طوخ / طنبشا دائرة مركز شرطة بركة السبع قام مستقلى السيارة من الصندوق الخلفى بإطلاق عدة أعيرة نارية إتجاه قوة الشرطة، أسفرت عن إستشهاد الملازم أول أحمد حسن نشأت وإصابة أحد أفراد القوة و قد أصدر رئيس الجمهورية قرار بترقية الشهيد إلي رتبة نقيب.
كما استشهد الملازم أول محمد ناجى الشماشرجى الضابط بقطاع الأمن المركزى أثر إصابته بطلق نارى بالصدر وذلك بعد انضمامه لإحدى الحملات الأمنية المكبرة التى شارك فيها كل من أجهزة مديرية أمن القليوبية ، وقطاع الأمن العام ، وقطاع الأمن المركزى ، والتى كانت تستهدف تصفية إحدى البؤر الإجرامية المعروف عنها الإتجار فى المخدرات بمحافظة القليوبية ، التى يتسلح عناصرها بالأسلحة الآلية لحماية نشاطهم ومقاومة الضبط وقد صدر قرار جمهوري لترقية الشهيد إلي رتبة نقيب.
و في مارس 2009 أستشهد النقيب أحمد عبد اللطيف سليمان الضابط بقطاع الأمن المركزى أثر إصابته بطلق نارى وذلك بعد مشاركته فى إحدى الحملات الأمنية التى كانت تستهدف بعض العناصر التى تقوم بالإتجار فى المواد المخدرة بمنطقة الجعافرة بشبين القناطر بمحافظة القليوبية حيث فوجئت قوة الشرطة بإطلاق وابل من الأعيرة النارية تجاهها والتى بادلته بالمثل مما أسفر عن إستشهاد النقيب أحمد عبد اللطيف و قد أصدر رئيس الجمهورية قرار بترقية النقيب أحمد عبد اللطيف إلي رتبة رائد.
ويروي كتاب فرسان لا يعرفون الخوف لمؤلفة د.نبيل خلف قصص لعدد من شهداء الشرطة حيث رأت والدة الشهيد النقيب محمد بدر محروس رؤيا قبل وفاة نجلها لن تفارق عينيها حيث رأت الشيخ محمد متولي الشعراوي يقف أمامها و يمد يده إليها ليعطيها زرعاً أخضر فإذا بها تهتف في سعادة يا فضيلة الشيخ محمد أبني بيحبك قوي،لكن الشيخ الجليل يرد بهدوء وهو يربط بيده علي كتفها قائلا:ربنا يقويك،وبعد أيام قليلة كان القدر يفسر الرؤيا دون أن تنتبه الأم، ففي إحدي الأيام قرب الفجر عاد الشهيد النقيب قرب الفجر وذهب لينام بجوار أمه وهو ما لا يفعله منذ صغره و بعدها بساعتين فقط استيقظ النقيب محمد لانه مكلف بمأمورية مهمة،وظلت الأم تتابع أبنها و هو يرتدي ملابسه حتي أكمل استعداده للخروج إلا أنه لم يكد يفتح باب الشقة حتي أستدر وظل ينظر إلي أمه مرة أخري و بعد نصف ساعة بدأت المأمورية لضبط ثلاث ثلاثة من أخطر المسجلين خطر معتادي فرض الإتاوات علي المواطنين والاتجار في المخدرات لكن أحدهم يسارع من الخلف ليطعن النقيب محمد في قلبه بالمطواه ليفارق الحياة ويفارق شقيقته(لمياء)وشقيقه(مصطفي)الذي كان يرتبط به بجنون.
أما الملازم الشاب محمد ناجي الذي يبلغ من العمر 24 و كان يستعد هو وخطيبته لليلة العمر ،أنطلق هو وزملاؤه للقبض علي تجار مخدرات و لكن رصاصة غادرة استقرت في صدره النبيل لتنتهي حياته التي لم تبدأ.
أما اليوم الذي بكت فيه مصر كلها وكل بنت تمنت أن يكون هذا الشهيد أبنها أو زوجها أو حبيبها أو شقيقها،ذلك الشهيد هو النقيب محمد عبد الكريم المتناوي الذي سمع صوت فتاه تستغيث في سيارة ميكروباص فانطلق الشهيد مدفوعا بحمية الرجال مترفقاً بضعف فتاه وقعت في برائن أوغاد لا يرحمون وظل يطاردهم لإنقاذ هذه الفتاه من محاولة اغتصابها و لكن مات وهو ينجد الملهوف ويحرص الغير و ممتلكاتهم وأموالهم وشرفهم.
شهداء الشرطة في كل مكان، نحن فقط ننسى ولا نتذكر بطولات أبناؤنا وأخواتنا الذين سقطوا، وهم يدافعون عنا ويسهرون على حماية بلدنا .. غفر الله لهم وأسكنهم فسيح جناته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات