كتب عمر حسانين ١٤/ ١/ ٢٠١١ |
كشف حادث مقتل ١١ طفلاً وعاملاً، فى التصادم الذى شهده طريق فاقوس، عن مأساة تعيشها أعداد كبيرة من الأسر، مكدسة فى عشش تؤوى أجساداً يحاصرها الفقر من كل جانب، يكتسبون رزقهم يوماً بيوم، من عائل العمل فى حمل الطوب أو جمع الفاكهة وفى حقول أو بيوت الأثرياء. رغم معاناة سكان العزب التابعة لقرية بنى صريد، فإنهم ألحقوا صغارهم بالتعليم، لكن هؤلاء الأبناء لا يعيشون طفولتهم كغيرهم، إذ يقتطعون أياماً من الدراسة، ويتجمعون للعمل فى مزارع الخضروات والفاكهة مقابل ٥ إلى ٧ جنيهات. حسن الذى لم يتجاوز عمره ١٠ سنوات، ذهب مع شقيقه وابن عمه ليساعد أسرته المكونة من ٦ أفراد، لكنه فقد حياته، والدته تعجز عن الكلام وتوأمه «نورهان» تقف على الباب تنتظر عودته ليلعب معها ويشاركها الرحلة اليومية إلى المدرسة. ولم يجد السيد ثروت طاحون طريقاً للوفاء بمتطلبات أطفاله وزوجته سوى اصطحاب ٣ من بناته للعمل فى جمع البرتقال، ووقع الحادث وفوجئ الأب بتساقط أسطوانات البوتاجاز على الضحايا، فجعل من جسده درعاً لإنقاذهن، لكنه لم يتحمل وسقط جثة بينهن وأصيبت إحدى بناته بكسر مضاعف فى الحوض. ورفض التلميذ محمد صلاح نصيحة والده بالبقاء فى المنزل لمراجعة دروسه، وصمم على الذهاب مع ابن عمه لكى يكسب مالاً يساعد نفسه به، وشاء القدر أن يدفعا حياتهما معا ويتركا الحسرة فى قلوب أفراد أسرتيهما، وبكى الطفل «صلاح» لفراق صديقه «محمد أبوحامد»، الذى ضاعت حياته من أجل بضعة جنيهات تعين والده المتزوج من ٣ سيدات بحثاً عن إنجاب الذكر، وكان يحلم بإتمام دراسته وإعانة أهله وجيرانه، وأنهت حياته أسطوانة غاز طائشة، وأنقذ القدر الطفل اليتيم «محمد عبدالسلام»، الذى رفض توسلات والدته وركب السيارة مع الأطفال لينال بضعة جنيهات. اكتست القرية باللون الأسود ورائحة الموت خلف كل باب والأمهات وأرملة وأطفالها لا يتوقفون عن البكاء، ويقول الأهالى إن الإعانات التى قررت الدولة صرفها لهم مجرد مسكنات لا تعالج المرض الذى يمسك بهم منذ زمن طويل. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات