كتب أحمد رجب ١٨/ ١/ ٢٠١١
من فضاء تونس حلّقت طائرة الرئيس المخلوع، وفى فضاء مالطا وصلتها الرسالة بأنها «غير مرحب بها»، وقبل وصولها إلى فرنسا كانت حسابات الدولة الصديقة تغيرت، فقررت الرفض، فاتجهت الطائرة إلى إيطاليا، وقبل الهبوط أرسل قائدها رسالة تستأذن السلطات فى السماح لطائرة الرئيس - ربما لم يقل «السابق» زين العابدين بن على - بالتزود بالوقود، وهو ما سمحت به إيطاليا، بشرط عدم خروج أحد الركاب خارجها، ومرة أخرى حلّقت الطائرة فى طريقها إلى دولة خليجية ما، وهنا قرر الملك عبدالله، عاهل المملكة العربية السعودية، استقبالها. ٦ ساعات من الطيران، وسرب متبادل من الرسائل، ما بين رئيس مخلوع وحكومات دول تتداول فى إيجابيات وسلبيات استقبال رئيس مخلوع، وهى المداولات التى تمت فى ٣ دول من بين ٤ تم الإعلان عن اللجوء إليها وأعلنت رفضها، فيما وافقت دولة واحدة هى السعودية، وهى الموافقة التى حولت «زين العابدين» إلى «لاجئ سياسى فى السعودية»، وفق الإعلامى السعودى «جمال خاشقجى» لقناة العربية. قال عمار على حسن، رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن الدول التى تستقبل رؤساء سابقين عادة ما تنقسم إلى دول تريد إعادة هذا الرئيس للحكم، ودول أخرى تستضيفه بشكل إنسانى. ويرى «حسن» أن رفض الدول الأوروبية استضافة «بن على» يعود إلى فرق فى الثقافات بين أوروبا والعالم العربى، الذى يستقبل الرؤساء المخلوعين، كما فعلت مصر مع «الشاه الإيرانى»، فى تصرف أقرب لأخلاق القبيلة، وتنظر وقتها هذه الدول لـ«الرؤساء المخلوعين» باعتبارهم أبناء قبيلة مجاورة طردوا منها، ولا ينظر إلى الأمر وفق مقتضيات السياسة، كما أن الأنظمة، وبسبب تشابهها الكبير، تنظر إلى الرئيس المخلوع وتخاف عليه من شماتة شعبه. وأضاف «عمار» أن المعادلة السياسية التى تجريها الدول أثناء اتخاذها القرار باستقبال رئيس مخلوع لا تجرى بشكل جيد فى العالم العربى، عكس أوروبا، التى لا تستقبل رؤساء مخلوعين إلا فى حالات خاصة جداً، عكس الدول العربية التى تتعرض معظمها للخسارة بسبب استقبال رؤساء مطرودين فى انتفاضات شعبية، مثلما فعلت مصر «الخاسر الأكبر» مع الشاه، وكان أحد أهم أسباب توتر العلاقات بين مصر وإيران، وتجذر التوتر بينهما فى علاقة مركبة للغاية، ورغم استقبال مصر «نميرى» فيما بعد، إلا أنه لم يكن مرفوضاً شعبياً مثل شاه إيران. وهو طرف الحديث الذى يلتقطه الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير فى مركز الأهرام، وقال: «شاه إيران رغم كونه الحليف السياسى للولايات المتحدة لم يستطع أن يبقى هناك فترة كبيرة، بينما استقبلته مصر لتعطى نفسها لقب أهم دولة خسرت بسبب استقبالها رئيساً مخلوعاً من شعبه، وهذا لأسباب عديدة، أولاً أن ثورة إيران كانت حدثاً تاريخياً، لأنها استأصلت النظام السابق بالكامل، وكان تغييرها جذرياً، وثانياً لأن مصر ودائرة مصالحها فى المنطقة متقاطعة مع إيران باعتبارها إحدى القوى المهمة، وهو ما لم تستطع مصر حسابه بشكل جيد وقتها. ويُقسم «الشوبكى» الدول إلى قسمين، دول غير ديمقراطية تسمح باستقبال رؤساء مخلوعين، ودول ديمقراطية لا تستطيع استقبال رؤساء مخلوعين، والسبب: لأن الدول غير الديمقراطية لا يهمها رأى الشعب، وبما تفعله تكتسب عداوة الشعب الذى خلع الرئيس، وعداوة شعبها نفسه، بينما فى الدول الديمقراطية، مهما كانت علاقة هذه الدول بالرؤساء المخلوعين، يبقى الخوف من دفع الثمن سياسياً سبباً كافياً للرفض. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات