الأقسام الرئيسية

أخطر ستة شهور فى رئاسة مبارك

. . ليست هناك تعليقات:
Sun, 02/01/2011 - 08:00
ثمة قناعتان راجتا فى مصر على مدى العقد المنصرم، أولاهما: أن الرئيس مبارك يرغب فى نقل الحكم لنجله جمال، وثانيتهما: أن الاحتقان والسخط المتصاعدين فى المجال العام يتحولان إلى مطلب وطنى بإقصاء الرئيس عن المستقبل، سعياً إلى تغييرٍ بات ضرورة ملحة أكثر من أى وقت مضى. والواقع أن القناعتين فى حاجة إلى مراجعة.

فى منتصف شهر أكتوبر الماضى، كان الرئيس مبارك يفتتح عدداً من المشروعات فى منطقة القناطر الخيرية، حيث وجّه حديثاً بلهجة حازمة إلى الدكتور نظيف قائلاً: «إذا أتيت إلىّ فى 2012 طالباً تمديد مهلة المقطورات، فلن أوافق».

لم تكن تلك هى الإشارة الوحيدة إلى عزم الرئيس على البقاء فى موقعه، فقبلها ألمح إلى مشاركته أحد الزعماء الأوروبيين فى افتتاح متحف فى عام 2016، وهو يبدو حريصاً على التأكيد فى كل مناسبة سانحة أنه قادر وعازم على المضى قدماً فى التمسك بمنصبه لـ«تحقيق المزيد من الاستقرار للبلاد»، حتى «آخر نَفَس فى صدره» - كما أشار سابقاً.

لا يبدو أن الرئيس فكر ولو للحظة واحدة فى التخلى عن مسؤولياته التى يعتقد أن الأقدار انتدبته للنهوض بها، ولا يبدو أيضاً أن غالبية المصريين، وحتى الأكثر سخطاً وشعوراً بالغبن بينهم، يأملون فى تغيير سريع على مستوى الرئاسة.

آخر النكات التى تتردد فى منتديات المصريين وعلى هواتفهم المحمولة تتحدث عن «حضور الرئيس افتتاح مونديال الدوحة 2022.. إلا إذا تراجعت قطر عن تنظيمه». تلك النكتة بالذات سمعتها من سائق تاكسى، وزميل إعلامى، وضابط متقاعد، بأشكال وتفاصيل متباينة، لكن شيئاً واحداً كان قاسماً مشتركاً بين الروايات الثلاث: شعور مبطن بالاعتداد والإعجاب بصلابة الرجل وقدرته على الاستمرار فى خضم التحديات.

لطالما فُتن المصريون بزعمائهم وأنزلوهم منازل التقديس، ولطالما استهولوا فكرة التغيير، رغم أحاديثهم المتكررة عن الفساد والتراجع وسوء الأداء.. تلك هى عادتهم السياسية منذ قديم الأزل.

يعرف قادة الحزب الوطنى هذه الحقيقة، ولذلك فقد قطع الدكتور على الدين هلال فى أكتوبر الماضى بأن «مرشح الحزب فى انتخابات الرئاسة المقبلة هو محمد حسنى مبارك»، وهو الأمر الذى تطابق مع تصريحات سابقة لصفوت الشريف، حين أعلن بدوره أن: «الرئيس مبارك هو الخيار المطروح ولا أحد آخر.. الرئيس هو مرشحنا الوحيد لفترة رئاسة مقبلة، نحن لا نجرى وراء العبث».

على مدى أسبوعين، لا تخلو صحيفة أو محطة فضائية مصرية من «تسريبات» ضخمة متتالية متطابقة فى جميع المصادر عن «ضبط شبكة تجسس إسرائيلية خطيرة». كل يوم يقرأ المواطن المصرى أخباراً متطابقة فى شتى الصحف عن «شبكة التجسس» و«تجنيد العملاء» و«قطع الإنترنت» و«استهداف الأمن القومى». كل يوم يقرأ المواطن المصرى بعض الصفحات «المسربة» من سجلات التحقيق مع «الجاسوس المفترض» فى صحف شتى، حتى أيقن تماماً «أن الصحفيين المصريين باتوا أكثر مهارة من أى وقت مضى، وأن مصر مستهدفة، وأنها تحتاج رجلاً عسكرياً ليحكمها».

لو كنت مكان السيد جمال مبارك لشعرت براحة وفخر شديدين، لأن والدى، قائد البلد، يتمتع بهذا الجلد وتلك الإرادة الصلبة والعزم على الاستمرار، ولأن المصريين ميالون لـ«الاستقرار والاستمرار ومناهضة التغيير وتقديس الحاكم»، ولأن قادة الحزب «الكبار» اعتبروا أن الحديث عن ترشيح آخر مكان مبارك فى الانتخابات الرئاسية المقبلة «قلة أدب» أو «اندفاع وراء العبث»، ولأن «مصر مستهدفة وتحتاج عسكرياً ليحكمها».

فى ختام فعاليات المؤتمر السنوى السابع للحزب الحاكم الأسبوع الماضى، حرص جمال مبارك على القول بحزم إن «المؤتمر ليس مخولاً له اختيار مرشح الحزب للرئاسة، والإعلان عن اسم المرشح سيتم من خلال مؤتمر آخر يعقد فى يوليو المقبل».

ما الذى يمنع جمال، بوصفه قيادياً فى الحزب، من قول ما سبق أن قاله صفوت الشريف أو على الدين هلال، وغيرهما من القادة، عن «حتمية ترشيح مبارك الأب»؟

أكثر من ستة أشهر تفصلنا عن إعلان اسم مرشح الحزب الوطنى لانتخابات الرئاسة المقبلة، وهى ستة أشهر سيخوض مبارك خلالها صراعات عدة، بعضها صعب مع تحديات خارجية مقلقة، وبعضها مزمن مع الفقر والبطالة وتفشى الفساد وتدنى الكفاءة وتعاظم التذمر فى داخل البلاد، لكن تلك الصراعات لن تنهك مبارك بما عُرف عنه من جلد وثبات، كما أن المنافسين من عينة البرادعى ونور وصباحى وحتى موسى لن يزعجوه كثيراً، أما ما يجب أن يهابه ويقدره حق قدره، فذلك التحدى الذى سيخوضه ضد طموح جارف يتمترس فى أقرب الأماكن إلى عينه وقلبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer