الأقسام الرئيسية

جنوب السودان: خارطة الحدود المتداخلة

. . ليست هناك تعليقات:

صفاء الصالح

علم جنوب السودان

يؤكد القادة الجنوبيون ميلهم للتصويت لخيار الانفصال

تفصلنا ساعات عن ولادة دولة جديدة في قلب افريقيا، مع تأكيد السودانيين الجنوبيين على توجههم للتصويت للانفصال عن السودان في استفتاء تقرير المصير المقرر في التاسع من الشهر الجاري.

الا أن موروثا صعبا من التدhخلات الاثنية والثقافية والاجتماعية وانعاكساتها على الواقع الجيوبوليتكي للكيان الجديد سيفرض نفسه بقوة على مآلات الدولة الجديدة وخياراتها.

وعلى الرغم من وجود ترسيم للحدود الدولية تحدر من الحقبتين الاستعمارية والاستقلال، الا ان موروث غياب شكل وتنظيمات صارمة للدولة في المنطقة والتداخلات العرقية والاجتماعية للمجاميع البشرية التي تسكن المنطقة والمتجاوزة للحدود الوطنية ستمثل التحدي الاكبر للجنوب في سعيه لدولته.

ولا يقتصر الامر على التداخلات الحدودية مع البلد الام السودان بل يمتد الى دول الجوار الاخرى، حيث يمتلك الجنوب حدودا واسعة مع عدد من الدول الاخرى تمتد من جمهورية افريقيا الوسطى غربا مرورا جمهورية الكونجو الديمقراطية واوغندا وكينيا جنوبا وانتهاء باثيوبيا شرقا.

نقاط توتر

خارطة السودان وحدود الجنوب

تمتد الحدود بين جنوب السودان وشماله على مسافة 2010 كم

وتمثل الحدود الشمالية الحدود الاطول اذ تمتد على مسافة حوالي 2010 كيلومترا مربعا، وقد حددت اوليا اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 خط هذه الحدود اوليا بالاعتماد على حدود عام 1956، بيد انها لم تستطع ان تحسم كل التداخلات التي فرضها موروث الحراك الاجتماعي والعرقي داخل البلد الواحد طوال الفترة الماضية.

و لايخفى ان هذه الاتفاقية التي انهت حربا اهلية ضارية بين شمال السودان وجنوبه لم تستطع أن تنهي كل الخلافات القائمة في مجال ترسيم الحدود بين الجانبين، بل وخلقت نقاط توتر ساخنة هددت التعايش الاجتماعي القائم في مناطق التماس والذي نجحت الجماعات العرقية والقبائل في المنطقة في خلقه على مدى تاريخ طويل من العيش المشترك.

وقد أثارت التقسيمات السياسية الجديدة مشكلات ملكية الارض واستخدامها وحقوق الرعي وتوزيع الجماعات العرقية على خط الحدود، ويعد الصراع الحاصل على منطقة ابيي الغنية بالنفط المثال الابرز في ذلك، وان تمت صياغته في ضوء التوزيعات العرقية بين قبائل المسيرية التابعة للشمال والدينكا نقوك الجنوبية.

كما يمثل الخلاف على الحدود بين قبائل الدينكا ملوال في شمال بحر الغزال والرزيقات في جنوب دارفور مثالا اخر، يعززه ايضا مطالبة الجنوب باستعادة منطقة "كفيا كنجي وحفرة النحاس" من ولاية جنوب دارفور.

المناطق الثلاث

واذا كانت تلك الامثلة تتعلق بنزاعات حدودية واضحة في تفسير حدود جنوب السودان التي تم اعتماد ترسيم الحدود ابان استقلال السودان في يناير/كانون الثاني عام 1956 اساسا لها، فان قضايا جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان الحالية وجبال الانقسنا جنوب ولاية النيل الأزرق وهما ولايتان شماليتان على وفق التقسيم الجديد، تطرح نقاط توتر اخرى وان بدت خارج التداخل الحدودي المباشر على وفق حدود 56 الا انها حملت موروث تدخلات عرقية وسياسية منذ مرحلة الحرب الاهلية.

وقد شهدت المرحلة الماضية حرص شريكي اتفاقية السلام الشامل وحكومة الوحدة الوطنية، الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم، على القفز على تلك المشكلات ابان تطبيق استحقاقات اتفاقية السلام وتأجيل لحظات التوتر الناجمة عنها التي قد تهدد مجمل الاتفاق.

ويرى الباحث دوجلاس اج جونسن الذي كتب عن مشكلة الحدود في جنوب السودان: ان الدفاع عن حقوق الجماعات العرقية في المناطق يمكن ان يستخدم كقناع للنزاع على المستوى الوطني للسيطرة على الموارد الطبيعية بين الاحزاب السياسية المهيمنة في الخرطوم وجوبا.

ويضيف ان الاختلافات بشأن الاستخدام المشترك للارض على جانبي الحدود التي كانت تحل بسهولة نسبيا بين المجتمعات المحلية في المنطقة تبعا لاعراف وممارسات حل المنازعات التي طورتها هذه المجتمعات قبل الاستقلال (أي قبل مرحلة الحروب الاهلية التي ضربت اطنابها في السودان بعد هذا التاريخ) قد تعقدت الان بفعل سياسات التنمية الاقتصادية الوطنية التي اعطت اولوية كبيرة لاستغلال الاحتياطيات النفطية وتوسيع برامج الزراعة الآلية.

وحاولت الحكومة السودانية في مفاوضاتها مع الحركة الشعبية اعتماد الترسيم المعروف للحدود بين الشمال والجنوب في لحظة الاستقلال عام 1956، وحاولت تأجيل النظر في قضايا ابيي وجبال الانقسنا وجبال النوبة، وفصل مسار التفاوض عليهما الذي ظلت الحركة الشعبية تعتبره مطلبا جوهريا لديها لاسيما ان الكثير من قادتها وعناصرها قد تحدروا من هذه المناطق.

فعلى سبيل المثال لا الحصر ينتمي الى قبيلة دنيكا نقوك التي تطالب بأبيي كل من أدور لينو قائد استخباراتفي الحركة الشعبية ووزير الخارجية دينق اللور ودكتور لوكا بيونق الوزير برئاسة الجمهورية بجانب بعض القادة العسكرييين.

وفي الوقت الذي تم فيه التوصل الى تفاهمات عامة بشأن مناطق جبال النوبة والانقسنا الا ان التماس الحدودي في ابيي ومشكلة تقسيم الثروة فيها جعلت منها الازمة الاكبر بين الجانبين.

التركيبة الديموغرافية لمناطق التماس

واعتاد الباحثون على ان يطلقوا على هذه المناطق الحدودية اسم مناطق التماس لوجودها على الحدود الدولية المقررة، بيد انها في الوقت نفسه تمثل مناطق للتعايش العرقي والتمازج الثقافي والاجتماعي وتقاسم استخدام الارض واستثمارها، لاسيما بالنسبة للقابئل الرعوية في المنطقة.

احد سكان ابيي

تمثل مناطق التماس مناطق للتعايش والتمازج العرقي والثقافي في السودان

ويعرف الباحث موسى محمد الدود جبارة في بحثه "دور قبائل التماس في تحقيق التعايش السلمي في مرحلة ما بعد إنفصال جنوب السودان" مناطق التماس بأنها "عبارة عن شريط من الأراضي يغطي جانبي الحدود الفاصلة/الواصلة بين جنوب السودان وشماله.وبمعنى أدق تقع مناطق التماس المعنية بين خطي العرض 7و13 درجة شمال خط الإستواء وخطي الطول 14 و34 درجة شرق خط غرينتش.

وتمتد على امتداد الحدود بين الجنوب والشمال البالغة 2010 كم بدءا من ولاية جنوب دارفور من اقصى الشرق على الحدود مع جمهورية افريقيا الوسطى مرورا، ولاية جنوب كردفان، ولاية النيل الأبيض، ولاية سنار وولاية النيل الأزرق في الشرق على الحدود مع اثيوبيا.

وتتوزع التركيبة الديمغرافية للقبائل والجماعات العرقية حسب الباحث نفسه في 81 قبيلة أي حوالي 14% من مجموع القبائل السودانية.

ويوزعها على جانبي الحدود في القبائل التي تعيش شمالا مثل " قبائل السلامات،التعايشة،أولاد راشد، المهادي، الترجم، بني هلبة،الفلاتة، القمر، أبودرق، كريش، الهبانية، البرقد، البرتي، التنجر، الرزيقات، المعاليا، المسيرية، الحوازمة، الزيود، خزام، النوبة، الداجو، شات، الجكس، الضباب، الدواليب، المسبعات، الدوالة، الواغداب، النوبة، تقلي،الجمع، الجوامعة، الشوابنة، الشنابلة، البزعة،الكواهلة، أولادحميد، سليم، الأحامدة، السلمية، الصبحة، النبهة، كنانة، نزي، رفاعة الهوي، البرقو، الصليحاب، الهوسا، البرنو، البرون، الفونج، الأدوك والوطاويط.

والاخرى التي تسكن تحت خط الحدود الجنوبي في أقصى شمال ولاية غرب بحرالغزال، ولاية شمال بحرالغزال،ولاية ورارب وولاية أعالي النيل.حيث تسكن قبائل الفراوقيه، فرتيت، نقولقوليه، بيقو، أندوقو، أندري، توقو، نجانقول، صارا، كارا، شالا، بنقا، قنجا، دابا، كريش، شات، قولو،يولو ، اللوا(الجور) ،بلنده ، الدينكا،النوير، الشلك والأنواك.

ويرى البروفسور فرانسيس دينق الباحث المعروف ومعاون الامين العام للامم المتحدة لشؤون اللاجئين إن هذه المنطقة لاسيما منطقة تداخل قبائل الدينكا نقوك والمسيرية تمثل مثالا للتعايش والتعاون والتمازج الثقافي مع الاحتفاظ بالهوية المميزة في الوقت نفسه، وكانت بنظره ونظر الكثير من الباحثين تمثل "نموذجا مصغرا للسودان".

وقد تهدد هذا التعايش بشكل كبير مع الاستقطاب السياسي الحاصل بين الجنوب والشمال وسياسات الاستثمار والسيطرة على الثروات في المنطقة على المستوى الوطني الاوسع.

ويرى دينق ان "وقائع التفاعل وتداخل العلاقات بين الدينكا نقوك وجيرانهم في الشمال والجنوب تكشف عن ثراء في العلاقات بين الافراد والمجموعات بما فيها من تعاون وتنافس وسلم وعنف ، في اختلاف واضح عن طبيعة النزاع بين الشمال والجنوب الذي شمل كما هائلا غير محدد من علاقات النزاع، الحقيقية والمحرفة، ويعكس الاطار الوطني الاوسع بين الشمال والجنوب والمواجهات التي تمت اثارتها وتأجيجها وقيادتها بواسطة اناس يحملون مفاهيم غير محددة المعالم عن الوطنية وبناء الامة".

مشكلة ابيي

جعل وجود مناطق الاستثمار النفطي في منطقة ابيي وتسليط الضوء الاعلامي الكبير عليها منها النموذج الابرز لمشكلة مناطق التماس بين الجنوب والشمال.

ابيي

تسببت الخلافات في احتراب داخلي في ابيي عام 2008 ومقتل العشرات .

ولم تحسم اتفاقية نيفاشا امر هذه المنطقة المتنازع عليها فظلت محل شد وجذب ونقطة خلاف وتوتر دائمة في المفاوضات اللاحقة بين الحركة الشعبية التي تطالب بضمها إلى ولاية بحر الغزال والمؤتمر الوطني الذي يرى انها تابعة لولاية جنوب كردفان الشمالية، كما جرت عدة محاولات للوصول الى تفاهمات بشأن ترسيم حدودها وحسم امرها الا انها باءت بالفشل.

وحسب بروتوكول أبيي ومبادئ الاتفاق حولها قامت لجنة من الخبراء بمحاولة دراسة المسألة ورفع تقريرها إلى طرفي اتفاق نيفاشا، وهو التقرير الذي اثار خلافا اخر اذ رفضته الحكومة السودانية واحتجت بأن لجنة الخبراء تجاوزت التفويض الممنوح لها بموجب اتفاقية السلام الشامل، والخاص بتحديد وترسيم حدود منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة والتي أحيلت إلى كردفان عام 1905م.

وانعكس الخلاف في تولد دوامة توتر وخلاف في المنطقة أدت الى احتراب داخلي بين الجماعات العرقية المختلفة في مدينة ابيي في مايو/ايار عام 2008 اسفرت عن مقتل اكثر من 100 شخص وتشريد الالاف وتدمير وحرق المنازل والممتلكات.

فقد اتفق الطرفان على رفع قضية أبيي الى محكمة التحكيم الدولية في لاهاي التي استمعت الى كلا الطرفين وجاء قرار التحكيم في 17 يوليو/تموز 2009 وسطيا أرضى الطرفين الذين أكدا التزامهما بتطبيق قرار المحكمة الدولية، على الرغم من اعلان بعض الجماعات العرقية على الارض رفضها للقرار
ورات المحكمة في قراراها ن لجنة الخبراء الدولية التي أوكلت إليها مهمة ترسيم حدود المنطقة "تجاوزت تفويضها في بعض النقاط"، وبشكل خاص في الحدود الشرقية والغربية لأبيي التي تحتاج إلى تعديل أو إعادة ترسيم..

واقرت المحكمة ان الحدود الشمالية لمنطقة أبيي عند دائرة عرض 10 درجة و22 دقيقة والجنوبية عند دائرة عرض 10درجة و 10 دقائق و10 ثوان والحدود الغربية للمنطقة هى خط طول 27 درجة و50 دقيقة وحدودها الشرقية عند خط طول 29 درجة.

ولم تحسم مثل هذه القرارات جوهر المشكلة التي تركتها اتفاقية السلام الشامل الى عبارة غامضة هي المشورة الشعبية التي تعني الاستفتاء الشعبي لاهالي المناطق المتنازع عليها، وهو الاستفتاء الذي ظل موضع نزاع وتفسيرات مختلفة بين الشريكين وتم تأجيله عن موعده المقرر مع استفتاء الجنوب في التاسع من يناير/كانون الثاني 2011.

ولم يحدد بروتوكول ابيي بصورة قاطعه من يحق له أن يصوت في الاستفتاء. اذ تطالب حكومة الجنوب بأن يكون من يحق له التصويت هو من كان مقيما لمدة عام بالمنطقة الامر الذي يعني استبعاد قبائل المسيرية الشمالية التي تقيم في المنطقة في موسم الرعي وترتحل شمالا مع موسم الامطار.

كفيا كنجي وحفرة النحاس

في الحدود الشمالية الغربية تطالب حكومة الجنوب بفك الارتباط الاداري لمنطقة كفيا كنجي وحفرة النحاس من ولاية جنوب دارفور، الخاضعة لادارتها منذ اكثر من 50 عاما أي منذ استقلال السودان واعادة ضمها الى ولاية غرب بحر الغزال الجنوبية.

وقد تبدو مثل هذه المطالبة مجرد مطالبة بتحويل اداري، بيد ان الواقع الديمغرافي والتاريخي في المنطقة يضم الكثير من التعقيدات التي تجعل منها ايضا منطقة خلاف وتفسيرات متباينة، سواء من ناحية تنقل وعلاقات القبائل الرعوية في المنطقة، او سياق العلاقات التاريخية مع مملكة دارفور المجاورة او الكيانات السياسية اللاحقة في المنطقة، فضلا عن اهميتها الاستراتيجية للجانبين.

وكانت هذه المنطقة تابعة اداريا الى ولاية بحر الغزال قبل تقسيمها، ثم انتقلت بعد استقلال السودان وتحديدا اثناء حكم الرئيس السوداني عبود الى ولاية جنوب دارفور.

وتقع المنطقة ضمن منطقة رعي واسعة تمتد حسب الباحث ادوارد توماس الذي كتب كتابا عنها على مساحة تقدر بحوالي مساحة كوريا الشمالية والجنوبية مجتمعتين او البرتغال واليونان، وتمتد على مساحة 93,900 كم مربعا في ولاية غرب بحر الغزال ومساحة 127,300 في جنوب دارفور. اما منطقة كافيا كنجي وحدها فتبلغ مساحتها حوالي 25,000 كم مربع أي بحجم مساحة بورتوريكو.

وتتمتع هذه المنطقة بأهمية ستراتيجية كبيرة، لما تتوفر عليه من ثروات معدنية كبيرة، لاسيما النحاس الذي تم تعدينه واستخراجه منها منذ اوقات بعيدة فضلا عن وجود كميات من الذهب والنفط واشارات الى وجود اليورانيوم. كما ان لها اهمية عسكرية كبيرة بالنسبة لشمال السودان الذي يخوض حربا ضد حركات التمرد في دارفور.

وسبق لحكومة الجنوب ان قالت ان جماعة جيش الرب الاوغندية المتمردة تعمل في المنطقة بعلم حكومة الخرطوم الامر الذي نفته الحكومة السودانية حينها.

وعلى الرغم ان عدد السكان في هذه المنطقة الواسعة قليل جدا ويقدر ب 5 الى 15 الف شخص الا ان حركة الاقوام والجماعات الرعوية فيها تجعل منها ايضا منطقة اختلاط وتمازج جماعات قبيلة مختلفة.

وتوجد في هذه المنطقة قبائل متعددة كقبائل البنقا والكارا واليولو والدنقة والبرنو والفلاتة والبرتي، بيد ان ثمة تبادل للاتهامات بأن بينها من هو الاصيل في السكن في المنطقة والوافد.

جيش الرب

وتمتد مثل هذه التحديات التي تواجه الجنوب الى الحدود الدولية الاخرى التي رسمتها المعاهدات الدولية في المرحلة الاستعمارية في القرن التاسع عشر والعشرين واكدتها التزامات السودان كدولة بعد الاستقلال.

جنود جنوبيين في استعراض عسكري

يواجه جنوب السودان العديد من المشكلات الحدودية الشائكة

وقد سمحت الفترة الانتقالية لحكومة جنوب السودان وقبل ذلك للحركة الشعبية التي ادارت معظم المنطقة في فترة الحرب بنوع من التعامل العملي مع الدول المجاورة ومناطق الحدود الدولية المشتركة معها، وامتلكت خبرة وحلولا عملية لبعض مشكلاتها.

كما هي الحال مع مشكلة ميلشيا جيش الرب، تلك الجماعة الاوغندية المسلحة التي تتحرك في مناطق الحدود بين اوغندا وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والتي استقرت اخيرا في منطقة الادغال بين الحدود الاوغندية الكونغوية، وقد عانى الجنوب طويلا من امتداد هجمات هذه الميلشيا لاسيما في المناطق القريبة من الحدود الاوغندية.

بيد ان حكومة الجنوب نجحت في تطوير سياسة عملية في التعامل مع مشكلة جيش الرب ودفعها بعيدا عنها بوصفها مشكلة اوغندية محلية بل وانها عملت على ان تكون وسيطا في حل المشكلة بين جيش الرب والحكومة الاوغندية.

وقد شهدت في عام 2006 نجاح حكومة الجنوب في رعاية المفاوضات بين الحكومة الاوغندية ومتمردي جيش الرب، وقد ادار رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب هذه المفاوضات التي اسفرت عن هدنة مؤقتة في حينها، كما تواصلت في اوقات متفرقة في الاعوام اللاحقة.

وبمثل هذه الوساطة حرصت حكومة الجنوب على محاولة ابعاد مشكلة جيش الرب عن الجنوب والتعامل معها كمشكلة اوغندية، لاسيما وانها ارتبطت مع الحكومة الاوغندية بعلاقات مميزة اذ دعمت اوغندا الحركة الشعبية لتحرير السودان ابان فترة الحرب، كما حرصت اوغندا لاحقا على تحقيق علاقات مميزة مع حكومة جنوب السودان في محاولة منها لخنق معارضة الشمال الاوغندي واقليم الاشولي الذي ينتمي اليه زعيم جيش الرب جوزف كوني ومعظم مقاتليه.

تداخلات عرقية

وقد اعطت سنوات الاضطراب والحرب الطويلة في جنوب السودان لدول الجوار الاخرى الفرصة في فرض واقع للحدود الدولية مع السودان بشكل منفرد وبما يحقق مصالحها. كما هي الحال مع كينيا التي ظلت تفرض حضورا اداريا بل وقوات من الشرطة احيانا في منطقة ايليمي الواقعة في مثلث الحدود الجنوبية الشرقية.

ولا تخلو الحدود مع اثيوبيا من مثل هذه المشكلات التي ترتبط بمشكلات عرقية عابرة للحدود الدولية اذ تنتتشر قبائل النوير والانواك على جانبي الحدود الدولية بين البلدين.وهما من القبائل الرعوية التي تتحرك على جانبي الحدود الدولية بين البلدين. ويستقر النوير في اقليم جامبيلا الاثيوبي، كما كانت لهم ثوراتهم المعروفة اذ شكلوا حركة تحرير شعب جامبيلا ابان حكم الامبراطور الاثيوبي هيلاسي لاسي متهمينه بتهميشهم وتغيير ديمغرافية مناطقهم بتوطين جماعات سكانية اخرى مثل الامهرا والجوجام.

كما تمردوا ايضا على الدولة الاثيوبية الحديثة واشتركوا مع الجبهة الثورية لشعوب اثيوبيا في اسقاط نظام منغيستو هيلا ميريام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer