الأقسام الرئيسية

رسالة إلى المملكة: حلفاء..لا عملاء

. . ليست هناك تعليقات:


لا يمكن للسعودية أن تحمي حدودها الجنوبية مع اليمن من خلال المراهنة على عدم استقراره.

ميدل ايست أونلاين


بقلم: نزيه أحمد العماد


تميّز آل سعود ببعد النظر وقدرتهم على اختيار معاركهم ورهاناتهم. وليس أدل على ذلك من مثابرة هذه الأسرة لأكثر من ستة أجيال متعاقبة على توحيد أراضي نجد والحجاز وتعلم كل جيل من أخطاء وإنجازات الأجيال السابقة له.

ولكن عند تقييم تعاملهم الحالي مع الملف المتعلق بحدود دولتهم الجنوبية وتعاملهم مع دولة اليمن نجد أنهم حالياً يراهنون على خيول خاسرة برغم تألق هذه الخيول في الاستعراض إلا أنها رهانات لابد أن تخسر بحكم أنها لم تواكب التغير الحاصل في اليمن أو في النظرة الدولية للمنطقة.

وكبادرة حسن جوار وبنيةٍ صافية من مواطن يمني أتوجه بهذه الرسالة إلى الشقيقة السعودية:

الجمهورية اليمنية دولةٌ يبحث فيها الشعب عن سيادةٍ للقانون وفرص متساويةٍ لجميع المواطنين، وللأسف نرى أنكم في المملكة تقومون بدعم وتمويل جهات تستغل هذا الدعم لجعل سيادتها فوق القانون وتضعهم فوق بقية المواطنين، وهذه الجهات سبق أن ثبت لكم أنها غير قادرة على حماية الحدود الجنوبية للمملكة من الاعتداءات أو حتى من التهريب، بل أن هذه الجهات –في إطار تنافسها على ودكم- تقوم بتسهيل ودعم كثير من الاعتداءات التي تتم على سيادة أراضيكم أو حتى على تهريب الاسلحة والممنوعات، علماً بأننا كمواطنين يمنيين نسعى لسيادة القانون ونرفض مثل هذه الافعال والانتهاكات الغير قانونية، وترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية تم باتفاقيات دولية إبتداء من عام 1934 وحتى العام 2000 فهي من وجهة نظرنا محمية بحكم القانون ومن واجب مؤسسات الدولة القانونية في اليمن أن تنفذ هذه الاتفاقيات كما هو واجب على المملكة أن تقوم بتنفيذ التزاماتها في هذه الاتفاقيات.

فسيادة القانون في الجمهورية اليمنية ومؤسساتها الدستورية هو الضامن الأول لتنفيذ الاتفاقيات ولحماية الحدود الجنوبية للأراضي السعودية، أما رهانكم على المؤسسات القبلية ودعمكم لمشائخ القبائل وتقوية نفوذهم فهو بلا شك يعبر عن نظرة قاصرة وغير معتادة من المملكة.

فالجمهورية اليمنية ومؤسساتها الدستورية تنظر للمملكة كدولة جارة لها حدودها المتفق عليها والمعترف بها، أما المؤسسات القبلية والدينية فهي تنظر إلى المملكة كإقليم لمؤسسة آل سعود القبلية ومنطقة للنفوذ الديني الوهابي وسيستغلون أي ظرف لتوسيع نفوذ مؤسساتهم على حساب المؤسسة المناظرة والمجاورة لهم (في نظرهم).

وقد يستند البعض للمقولة المنسوبة للمؤسس والتي تحدثت عن أن شركم في خير اليمن والعكس، ومع تقديرنا الكبير لمورثكم المؤسس -بغض النظر عن مدى صحة نسبتها إليه- فهذه المقولة صدرت وفقاً لمعطيات مغايرة تماماً للوضع الراهن، فيمن قبل 1953 ليست يمن 2010 سواء كنظام حاكم أو كشعب أو حتى كقوى مؤثرة، فالنظام الأمامي الملكي يغري الحاكم على توسيع رقعة نفوذه كما أن الشعب أصبح أكثر حرية ووعياً وشوقاً للاستقرار، كما أن النظام العالمي قد فرض معطيات مختلفة تماماً عما كانت سابقاً.

ومن جهة أخرى إن كنتم قلقون من تمدد المذهب الزيدي –باعتباره المذهب المجاور- وتغلغله داخل أراضي المملكة، فأطمئنكم بأن المذهب الزيدي ليس من المذاهب التي تسعى لتصدير الأفكار، ولا أدل على ذلك من توقف المذهب الزيدي في منطقة يريم جنوباً ومحافظة صعدة شمالاً طوال قرون ماضية برغم أن حكام اليمن في تلك الحقبة هم من أئمة المذهب الزيدي ومن يفترض أن يقوموا بفرض المذهب على كل الأقاليم التي يسيطرون عليها لو كان تصدير المذهب ضمن عقائدهم.

هناك أرقام يبالغ البعض في تقديرها لكمية الدعم المقدم منكم لهذه المؤسسات الدينية والقبلية ولكن في أدنى تقديرٍ لها نجد أن هذه الأرقام مهولة ونرى أنها لو سخرت لدعم الدولة ومؤسساتها الدستورية في الجمهورية لكانت كافية لرفع المستوى المعيشي للمواطن اليمني وتوفير تعليم ورعاية صحية أفضل للمواطنين في اليمن بما فيهم أخواننا أبناء القبائل اليمنية القريبين من الحدود الجنوبية للسعودية وهو بذلك يحررهم من أي تأثير قد ينال منهم بسبب قلة الوعي أو يستغل حاجاتهم المعيشية، كما أنه سيجعل الأفراد أكثر ارتباطا بدولتهم ومؤسساتها الدستورية وهي من وقعت الاتفاقيات معكم والملتزمة بتنفيذها..

أخوتنا قادة وشعب المملكة.

إن كل ما نطلبه منكم أن يتم التعامل باحترام مع دولتنا وأن نتحالف معاً، ولا أعتقد أنه يجب على كل دولة أن تبقى متوترة من جارتها، بالعكس من ذلك بإمكان الدول المتجاورة أن تشكل تحالف يخدم الأطراف ويهدف للمصلحة والسلم العام... فلا يوجد دولة في العالم ليست بحاجة لجيرانها، وعليه أرى أننا كمواطنين من الجمهورية اليمنية لا نطلب الكثير لو طلبنا منكم –أشقاؤنا الاعز والاقرب- أن تعتمد علاقة دولتينا على التحالف وليس على العملاء.

نزيه أحمد العماد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer