بقلم: عماد الدين حسين
19 يناير 2011 09:11:06 ص بتوقيت القاهرة
على ذمة ما نشرته الصحف العراقية يوم الثلاثاء 11 يناير الماضى، فقد تقدم المجلس السياسى المسيحى، الذى يضم تنظيمات كلدانية وسريانية وآشورية بطلب رسمى للحكومة العراقية لإنشاء محافظة مستقلة للمسيحيين قرب الموصل فى محافظة نينوى مع منح المسيحيين فى إقليم كردستان حكما ذاتيا.قبل شهور تردد الطلب على استحياء.. لكن الصادم فى الأمر هو إعلان الرئيس العراقى جلال الطالبانى فى منتصف نوفمبر الماضى عدم معارضته للفكرة، والحجة هى إغراء المسيحيين بعدم الهجرة للخارج.
المسيحيون فى العراق يتعرضون لاضطهاد حقيقى ومنظم، بدأ منذ العدوان الأمريكى البريطانى الإجرامى فى عام 2003، لكنه تزايد فى الفترة الأخيرة عبر استهداف الكنائس بتفجيرات دموية أوقعت مئات من القتلى وآلاف المصابين والأخطر أنها أشعرتهم بعدم الأمان، ودفعت كثيرا منهم للفرار بحثا عن أى ملجأ آمن. لدرجة أن البعض يقول إن عددهم لم يعد يزيد على 600 ألف شخص بعد أن كان يتجاوز المليون، وكانوا يشكلون نحو 3٪ من السكان قبل الغزو.
من قبيل التكرار القول بأن المستفيد الأكبر من تهجير المسيحيين هو إسرائيل، لأن استهداف المسيحيين يكرس صورة فى الغرب مفادها أن العرب والمسلمين إرهابيون ولا يقبلون الآخر.
العراق وحتى تحت حكم صدام حسين ــ الذى يراه البعض ديكتاتورا وساوى بين الجميع فى الظلم ــ لم يكن يعرف التفريق بين الناس على أساس الدين أو الجنس أو العرق.. والسبب الأول وحتى السبب العاشر فيما يحدث هناك هو الاحتلال الإجرامى، إضافة إلى التدخل الإيرانى. لكن هناك دور رئيسى ايضا للخونة العراقيين.. ولولا هؤلاء ما كان الاحتلال. المؤامرة موجودة ومعلنة، وليس هناك مؤامرة أكبر من الغزو والاحتلال.. لكن مرة أخرى، ما كان لهذه المؤامرة أن تتم بدون عامل داخلى.
لكن هل إقامة محافظة مستقلة للمسيحيين سيحل المشكلة؟.
الإجابة هى لا.. لأنها إذا أقيمت، فسوف يطالب التركمان بإقليم مستقل، وقادة الشيعة يحلمون بالاستقلال فى الجنوب، والأكراد قاب قوسين أو أدنى من الانفصال فى الشمال، كما أن الفسيفساء الدينية والمذهبية فى العراق، خصوصا فى شماله تعنى أن باب الانفصالات إذا انفتح لن يتوقف.
إذا تم السماح للمسيحيين بمحافظة مستقلة فسوف تتحول إلى دولة، بل إن الأمين العام للمنبر الديمقراطى الكلدانى، سعيد شامايا، قال: «إننا كمسيحيين نريد منطقة خالية من التشويه الديموجرافى، وأن ندير أمورنا بأنفسنا».
وإذا حدث ذلك فإن إسرائيل تستطيع وقتها أن تدارى وجهها العنصرى القبيح باعتبارها الدولة الوحيدة فى العالم مع باكستان القائمة على أساس دينى. الحل أن يدرك العراقيون ان الاحتلال حولهم إلى ألعوبة والبديل الوحيد هو التوحد.. عدوهم ليس المسيحى أو الكردى.. عدوهم هو الاحتلال ومن يساعده.
العراق مهدد بالتفكك والضياع.. أمريكا تنفذ ما تريده إسرائيل، وإيران تحلم بتحويله إلى حديقة خلفية. والحديث عن المؤامرة لن يوقفها بل المطلوب مواجهتها وإفشالها بالعمل وليس الصراخ والتنديد.
إنشاء محافظة مستقلة للمسيحيين فى العراق.. قد يغرى المخططين بتكرار الأمر فى بلدان أخرى. خصوصا إذا كانت التربة خصبة.
يا أيها النائمون فى العسل.. قد نفاجأ غدا من الغرب والفاتيكان ولجنة الحريات بالكونجرس يطالبوننا بإنشاء محافظة مستقلة للأقباط فى أسيوط أو المنيا.. فاحذروا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات