عبد الناصر سنكي
تنوي اليونان، وعلى مسافة ثلاثة عشر كيلو مترا من حدودها مع جارتها تركيا، اقامة حاجزا من الأسلاك الشائكة لتحد، وحسبما تقول، من دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيها عبر تركيا.
سكان مدينة اديرنة والقرى القريبة من الحدود اليونانية أعربوا عن استيائهم من قرار جارتهم اليونان، كمختار قرية قرة آغاج الحدودية آغاه قوركان الذي بدا غاضبا وهو يتحدث لبي بي سي ويقول: " إن الجدران العازلة في العالم أصبحت من الماضي، جدار برلين تحطم، ونحن نعيش بناء جدار جديد بذريعة الحد من عبور المهاجرين، هذا أمر غير منطقي.
واضاف المختار: "إن الأسلاك الشائكة لن تحد من مرور المهاجرين إلى اليونان، لأن هجرهم لبلدانهم الأصلية لن يتوقف في ظل ظروف الحرب والفقر التي تعيشها بلدانهم تلك، وأن مسألة الهجرة غير الشرعية مسألة دولية ويجب أن تجد حلا دوليا، وإن الحواجز بين البلدان ليست الحل المناسب."
أما مصطفى بال أحد سكان مدينة اديرنة الحدودية يقول ألا مشاكل لهم مع جيرانهم اليونانيين، وأن أبوابهم مفتوحة أمامهم دوما، لكنه يستغرب من تفكير اليونان في اقامة الحاجز ويقول : "في الوقت الذي ننتظر فيه فتح الحدود بيننا وبين جارتينا بلغاريا واليونان نفاجأ بحاجز جديد يرهبنا."
بدورها تشتكي اليونان من عبور آلاف المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيها كل عام عبر حدودها مع تركيا، على الرغم تأكيدات تركيا بأنها تبذل قصارى جهدها للحد من ذلك.
والي مدينة اديرنة الحدودية غوكهان سوزر يقول إنه قد تم اعتقال أكثر من أحد عشر ألف مهاجر غير شرعي في العام 2010 فقط على حدود البلدين في مدينة اديرنة.
وألقى سوزر، الذي تحدث لبي بي سي، اللوم على الجانب اليوناني في عدم السيطرة على حدوده: "نحن نعمل جاهدين على التقليل من عبور المهاجرين عبر أراضينا، ونجيش من أجل ذلك جميع قواتنا الحدودية، لكننا في المقابل لا نجد أي تحرك أمني من جارتنا في الجانب الآخر، ونسمعها تتحدث عن اقامة أسلاك شائكة."
الطريق لأوروبا
ويبلغ طول الحدود التي تفصل بين تركيا واليونان أكثر من مائتي كيلومتر، منها ثلاثة عشر كيلو مترا حدود برية، والباقي يشكلها نهر ميريج الذي ينبع من بلغاريا ويصب في بحر ايجة مرورا باليونان وتركيا.
وقد وصفت المفوضية الأوربية القرار اليوناني بأنه حل قصير المدى، أما منظمة حقوق الانسان الدولية "هيومان رايتس ووتش" فقالت إن الحاجز لن يحل مشكلة المهاجرين بل سيدفعهم إلى البحث عن طرق أخرى بديلة للوصول إلى أوربا.
المهاجرون الذين يصلون إلى تركيا من الصومال وبورما وفلسطين ومن أكثر من أربعين دولة إفريقية وآسيوية أخرى يسعون ومن خلال المنافذ البرية والبحرية وحتى الجوية للعبور إلى أوربا.
ويخوض الكثير من هؤلاء غمار البحر عبر مراكب وقوارب صغيرة من أجل الوصول إلى شواطئ بعض دول الاتحاد الأوربي رغم مخاطر هذه الرحلة التي قد تؤدي الى وفاة الكثير منهم.
ويأتي موضوع الأسلاك الشائكة، في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء اليوناني غورغيو باباندريو قد وجه رسالة صداقة إلى تركيا من مدينة أرض روم التركية، وسط الأناضول، حين قال إن بلاده فتحت صفحة جديدة مع جارتها تركيا، وإن على الطرفين طي صفحة الماضي.
لكنه وفي آخر خطاب له في مدينة أرض روم أيضا، أمام المؤتمر الثالث لسفراء تركيا في العالم، استخدم لهجة حازمة قائلاً: "إن تركيا لن تستطيع الانضمام إلى الاتحاد الأوربي في حال استمرار احتلالها لقبرص".
ولكن الرد التركي لم يتأخر كثيرا، ففور انتهاء رئيس الوزراء اليوناني باباندريو من كلمته، وقف نظيره التركي رجب طيب إردوغان على المنصة ذاتها وقال: يراد من تركيا أن تعطي دوما دون أن تأخذ، وتابع موجها كلامه إلى باباندريو : "إن كنتم تريدون حل المشكلة القبرصية فتعالوا إلى طاولة المفاوضات، وسنحلها معا، فنحن بقدر ما نريد لأنفسنا الحرية نريدها لغيرنا أيضا، وأؤكد باصرار أننا نريد السلام في منطقتنا والعالم، ونريد صرف طاقتنا من أجل ذلك، نريد عالما خاليا من السلاح والألغام، نريد بناء عالم مليء بالطرق السريعة لا بالجدران العازلة".
وحول مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوربي قال اردوغان : " أريد أن أقول لصديقي يورغي إن الاتحاد الأوربي عامل تركيا بطريقة لم يعامل بها أحدا من أعضائه أو حتى تلك الدول التي فاوضها للانضمام اليه، ففي العام 1959 خطت تركيا أولى خطواتها نحو أوروبا وفي العام 1963 بدأت رسميا مفاوضاتها ومنذ ذلك الوقت والأوربيون وكأنهم يضحكون من تركيا حسبما يرون هم."
ويذكر أن العلاقات التركية مع اليونان تعد واحدة من الملفات الشائكة أمامها فيما يتعلق بانضمامها للاتحاد الأوروبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات