كتب محمد عبود ٢١/ ١٢/ ٢٠١٠
كشفت تحقيقات النيابة بإشراف المستشار طاهر الخولى، المحامى العام لنيابات أمن الدولة العليا فى قضية التجنيد لصالح الموساد الإسرائيلى، أن المتهم طارق عبدالرازق عيسى سبق له العمل كمدرب كونغ فو بأحد الأندية وتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلى فى محاولة للإضرار بالأمن القومى المصرى وعدد من الدول العربية فى مقدمتها سوريا ولبنان. ونجح طارق عيسى فى إمداد جهاز الموساد بتقارير معلوماتية خطيرة عن عدد من كبار الموظفين المصريين العاملين فى شركات المحمول الثلاث الكبرى بمصر، فى خطوات أولية لترشيح وانتقاء عدد منهم للعمل ضمن شبكة تجسس لصالح الموساد تسعى للسيطرة على قطاع الاتصالات بمصر. وقالت مصادر بالنيابة إن هذه القضية تشهد تطوراً نوعياً فى أساليب عمل جهاز الموساد بمصر، حيث تركز الاستخبارات الإسرائيلية فى الآونة الأخيرة جهودها على اختراق قطاع الاتصالات فى مصر، لكونه قطاعاً حيوياً يشهد نمواً سريعاً وتدفقاً لا نهائياً فى المعلومات المتداولة عبر الهواتف المحمولة. وتكشف أوراق التحقيقات أن المتهم سافر إلى الصين فى منتصف التسعينيات لتعلم رياضة الكونغ فو، ثم عاد ليلتحق بالعمل كمدرب للعبة الرياضية التى حظيت بشعبية كبيرة فى القاهرة فى تلك الفترة، ونجح فى الالتحاق بالعمل فى واحد من الأندية قبل أن يمر بضائقة مالية، اضطرته للسفر مجدداً إلى الصين بحثاً عن فرصة عمل هناك فى نهاية ٢٠٠٦. وبعد فشله المتكرر فى الحصول على عمل، وجد إعلاناً نشره موقع جهاز الموساد الإسرائيلى على شبكة الإنترنت يطلب فيه تجنيد عملاء من الشرق الأوسط يجيدون واحدة من اللغتين العربية أو الفارسية. وأقر المتهم فى التحقيقات، التى استمرت منذ أوائل أغسطس الماضى، بأنه بادر بإرسال رسالة عبر البريد الإلكترونى لموقع جهاز المخابرات الإسرائيلية. كتب فيها إنه مصرى الجنسية، يقيم فى الصين، ويبحث عن فرصة عمل، ودون بياناته، وترك رقم هاتفه. وفى منتصف أغسطس ٢٠٠٧ تلقى اتصالاً، من أحد عناصر الموساد الإسرائيلى فى شرق آسيا، ويشتهر بالاسم الحركى «جوزيف ديمور»، وبعد استجواب تليفونى قصير، قرر ضابط الموساد الإسرائيلى مقابلة المتهم المصرى، لكنه حدد مكان اللقاء فى مقر السفارة الإسرائيلية بالهند. وكشفت التحريات المقدمة للنيابة أن المتهم طارق عيسى تلقى اتصالاً، فى مارس ٢٠٠٧، من ضابط الموساد جوزيف ديمور، وكلفه بالسفر إلى تايلاند، وهناك تردد عدة مرات على مقر السفارة الإسرائيلية بدولة تايلاند، وتعرف على عنصر تابع للمخابرات الإسرائيلية، وهو المتهم الثانى فى القضية (هارب)، ويدعى «إيدى موشيه». وتولى موشيه عملية تدريب المتهم المصرى على أساليب جمع المعلومات بالطرق السرية، ومهارات التواصل الاجتماعى، واختراق مجتمعات الصفوة فى مصر والدول العربية، وكيفية التراسل مع جهاز الموساد الإسرائيلى عبر عناوين سرية ومؤمنة على شبكة الإنترنت. ويؤكد المتهم فى التحقيقات أنه تلقى تعليمات بالسفر إلى كل من كمبوديا، ونيبال ولاوس، وهناك أعد له الموساد برنامجاً تدريبياً متطوراً فى شقق آمنة تنقل بينها. وسلمه ضابط التشغيل الإسرائيلى جهاز حاسب آلى (لاب توب) مجهزاً ببرنامج مشفر يستخدم كجهاز إرسال وأداة للتخابر والتراسل السرى. وتكشف التقارير الفنية أن هذا البرنامج يتسم بصعوبة اكتشافه أو التعامل معه دون معرفة الخطوات المعقدة للغاية الخاصة باستخدامه، وقضى المتهم الأول فترة طويلة فى التدريب لإتقان التعامل مع هذا البرنامج. وحصل المتهم من الموساد على مبلغ ٥٠٠٠ دولار أمريكى قيمة مصاريف إنشاء شركة استيراد وتصدير، مقرها الصين، وكلفه ضابط التشغيل الإسرائيلى بإنشاء بريد إلكترونى عبر شبكة الإنترنت فى هونج كونج باسم «خالد شريف» لاستخدامه فيما بعد فى تجنيد موظفين كبار بشركات الاتصالات فى عدد من الدول العربية فى مقدمتها مصر وسوريا ولبنان. وبلغ إجمالى المكافآت التى حصل عليها من الموساد على مدار حوالى ثلاث سنوات ٣٧ ألف دولار. وتفيد أوراق التحقيق بأن الاستخبارات الإسرائيلية كلفت طارق عيسى بعدد من المهمات الخطيرة التى تكشف مدى الثقة الكبيرة التى وضعوها فيه. وفى مقدمة التكليفات التى حرص المتهم المصرى على تنفيذها استخدام شبكة الإنترنت، وشركته الوهمية فى هونج كونج للإعلان عن حاجة الشركة لموظفين لديهم خبرة فى مجالات الاتصالات بمصر، للعمل بالتراسل عن بعد مقابل مبالغ مالية مجزية، وينص الإعلان على تفضيل الموظفين العاملين فى شركات المحمول الثلاث الكبرى فى مصر موبينيل وفودافون واتصالات. وبدأ المتهم يتلقى ملفات سيرة ذاتية، ويدرس الحالة الاجتماعية لكل مرشح، قبل رفع توصياته للموساد بأسماء عدد من المتقدمين لشغل الوظيفة، ليخضعوا لتحريات قبل استدراجهم للعمل ضمن شبكة تجسس كبرى، كان الموساد يخطط لزرعها فى قطاع الاتصالات بمصر. وتركز جزء كبير من نشاط المتهم فى سوريا، بعدما تلقى تعليمات من الموساد بالسفر إليها بوصفه مديراً لشركة استيراد وتصدير، والبحث عن أشخاص سوريين يعملون فى مجال تصدير زيت الزيتون والحلويات والتسويق العقارى، وانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع الموساد. وسافر المتهم عدة مرات لسوريا، ونفذ عدة مهمات تتعلق برصد الأوضاع الأمنية فى الشارع السورى، وطبيعة الإجراءات الأمنية حول عدد من النقاط والمنشآت الحيوية السورية التى حددها الموساد مسبقاً. وأعد تقارير تفصيلية عن زياراته المتكررة لسوريا، التى اتخذ لنفسه فيها الاسم الحركى «طاهر حسن». وكشفت التحقيقات أن الموساد استغل المتهم ليكون همزة الوصل بينه وعميل إسرائيلى كبير يعمل فى أحد الأجهزة الأمنية السورية الحساسة. ونجح طارق عيسى فى تسليمه مبالغ مالية كبيرة، وفى الحصول منه على أظرف مغلقة بها معلومات تضر الأمن السورى. وكشفت التحقيقات أن الموساد كلف المتهم المصرى بالاتصال برئيس تحرير واحدة من كبرى الصحف اللبنانية المقربة من النظام السورى، وحزب الله، وسعى فى البداية لإغرائه بالمال وبرحلات سياحية فى جنوب أفريقيا، قبل أن يعرض عليه أن ينتج له برنامجاً تليفزيونياً مقابل ٢٠٠ ألف دولار، فى محاولات لاستقطابه للعمل لصالح الموساد الإسرائيلى تحت ستار العمل الإعلامى. وأشارت التحقيقات أيضاً إلى أن المتهم نشر إعلانات إلكترونية يطلب فيها موظفين من مجال الاتصالات الخلوية يعملون فى سوريا ولبنان، وأعد تقارير عنهم سعياً لتجنيدهم فى الموساد. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات