بقلم شارل فؤاد المصرى ١٨/ ١٢/ ٢٠١٠
يتمنى القادة والسياسيون فى العالم خاصة بعض قادة العالم العربى أن يصحوا من نومهم فيجدوا أن موقع ويكيليكس تم قصفه بالقنابل، وياحبذا لو بالذرية منها، وأن مؤسس الموقع جوليان أسانج الذى أفرج عنه مؤخراً على ذمة قضية أخلاقية – غالباً هيطلع براءة – سيتم إرساله إلى معتقل جوانتانامو فى كوبا بتهمة «ممارسة» الإرهاب الدولى، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فلا الموقع تم قصفه، ولا الرجل تم إرساله إلى جوانتانامو وأصبح وأمسى العالم فى ورطة. بل على العكس من كل التوقعات بعد أن سلم أسانج نفسه للسلطات.. وما هى إلا أيام، وتم الإفراج عنه بكفالة، وخرج ليعلن للعالم بكل العزم والتصميم أن الموقع مستمر فى العمل ونشر «الوثائق السرية». وكلمة ويكيليكس «Wikileaks»، لمن لا يعرف معناها تعنى «تسريبات ويكى»، والاسم جاء من دمج كلمة «ويكى»، التى تعنى «الأتوبيس أو الباص» المتنقل من وإلى مكان معين، وكلمة «ليكس»، وتعنى فى اللغة الإنجليزية «تسريبات»، ويعتبر الموقع - كما يقول القائمون عليه - موقعاً للخدمة العامة ومخصصاً لحماية الأشخاص الذى يكشفون أسرار المؤسسات أو الحكومات الفاسدة، ويكشف كل الانتهاكات الحقوقية التى اقترفها بحق البشر فى أى مكان فى العالم. الموقع تم تأسيسه فى يوليو عام ٢٠٠٧، وبدأ منذ ذلك الوقت بالعمل على نشر المعلومات والأسرار السياسية، وخاض صراعات ومعارك قضائية، من أجل حماية المبادئ التى تم تأسيسه عليها، وأولها: الصدق والشفافية فى كل ما ينشره من معلومات ووثائق تاريخية وحق الناس فى خلق «تاريخ جديد». ولكن العمل الذى يقوم به القائمون على الموقع والوثائق التى ينشرها تندرج تحت بند «العمل الصحفى»، الذى حتما ومن الضرورى أن يراعى المعايير المهنية فى النشر، ولكنه لم يفعل ذلك بل انتهكها عامداً متعمداً بدعوى الشفافية ومحاربة الفساد. فهناك معلومات تمس أمن دول وأشخاص مازالوا فى الحكم، وشعوب تقف على شفير حفرة أو قاب قوسين أو أدنى من الثورات على أوضاعها، ولكن الموقع لم يراع ذلك، وقرر تحت ضغط شهوة النشر أن يضرب عرض الحائط بكل ذلك.. و«حسناً فعل»!!. المثير فى الموضوع أن كل ما نشر وما اعتبرناه نحن فى دول العالم الثالث «وثائق».. لا يعدو كونه «قعدة مصطبة» وأعمالاً تندرج تحت بند «النميمة»، لأن الوثائق لها تعريفها ووسائل حمايتها والقوانين التى تنظم تداولها والاطلاع عليها. السؤال المهم هنا: لماذا من المفروض علينا _ وهو أمر فرضناه على أنفسنا بإرادتنا المنفردة - أن نصدق ما ينشره «ويكيليكس»؟.. هل معقول أن يكون شخص موجوداً فى حفلة مثلا فسمع شخصاً آخر يقول إن فلاناً المسؤول فى الوزارة الفلانية قرر الزواج من عشيقته، فكتب تقريراً لسفارته، فنعتبر أن ما كتبه وثيقة؟ ما جاء فى تسريبات «ويكيليكس» ما هو إلا مراسلات سفراء الولايات المتحدة فى بلدان مختلفة إلى وزارة خارجيتهم، وهو لا يرقى إلى كلام المصاطب فى بلدنا فى الصعيد، الذى غالبا ما تكون نسبة الصدق فيه ٩٩.٩%. وأيضاً السؤال هنا: لماذا لم تخرج تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، التى تقيّم فيها تلك المعلومات وعادة ما ترسلها إلى جهاز المخابرات الأمريكية CIA؟! أطرف ما سمعته تعليقا على مصطلح «ويكيليكس»، الذى اقتحمنا مؤخراً هو وصف أحد الأصدقاء لصديقه أنه «ويكى مان»، نظراً لأن كل ما يعرفه يقوله، وإذا ترجمناها تصبح «الرجل المتحرك المتسرب»! المختصر المفيد من فضلة القلب يتكلم اللسان، ومن أعمالهم سُلّط عليهم |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات