كتب عواصم - وكالات الأنباء ٥/ ١٢/ ٢٠١٠
من جديد أصبحت «ساحل العاج» على شفا تجدد الحرب الأهلية، التى مزقت البلاد عام ٢٠٠٢، وذلك بعدما أعلن المجلس الدستورى الرئيس المنتهية ولايته لوران جباجبو رئيساً للبلاد، فى الوقت الذى اعترفت فيه الأمم المتحدة والغرب بزعيم المعارضة الحسن وتارا رئيساً منتخباً بشكل شرعى، الأمر الذى جعل ساحل العاج فى مفترق الطرق، حيث وقع أمس تبادل لإطلاق النار فى جنوب أبيدجان العاصمة الاقتصادية لساحل العاج وشمالها، بحسب ما ذكره شهود عيان. ويخشى كثيرون من انفجار أعمال عنف بعد أسبوعين من التوتر شهدا مواجهات دامية، حيث أقام مناصرون لـ«وتارا» أمس الأول حواجز وأضرموا النار فى إطارات سيارات فى بعض الأحياء الشعبية فى أبيدجان احتجاجا على إعلان فوز جباجبو، مرددين هتافات «جباجبو حرامى»، لكن فى يوبوجون (غرب) معقل رئيس الدولة حيث انتشرت قوات الأمن فى عدد من النقاط الاستراتيجية، نزل أنصار جباجبو إلى الشوارع ورددوا «جباجبو الرئيس». وقال بعضهم «لا تهمنا الأمم المتحدة ولا يهمنا البيض»، بينما عاد الخطاب المعادى لفرنسا إلى الشوارع والتليفزيون الحكومى. وفى تلك الأثناء، قال التليفزيون العام إن القادة العسكريين فى البلاد عبروا عن «ولائهم» لجباجبو، وذلك قبيل قيامه بأداء اليمين الدستورية رئيساً للبلاد أمس. وقال رئيس الأركان الجنرال فيليب مانجو «نحن مستعدون لإنجاز كل المهمات» التى سيكلفنا بها. وفى المقابل، قدم وتارا (٦٨ عاما) - النائب السابق لرئيس صندوق النقد الدولى والذى سبق أن تولى رئاسة الحكومة - نفسه على أنه «الرئيس المنتخب لساحل العاج»، داعياً فى الوقت نفسه أنصاره إلى التزام الهدوء. وقدم زعيم حركة «القوى الجديدة» - جماعة التمرد الرئيسية - جيوم سورو الذى يترأس حكومة ساحل العاج منذ توقيع اتفاق السلام فى ٢٠٠٧ دعمه لوتارا، واعتبر أن إلغاء نتيجة الانتخابات التى تظهر فوز وتارا «يهدد إعادة توحيد بلد مقسم إلى شطرين منذ حرب أهلية فى عامى ٢٠٠٢-٢٠٠٣». وكان المجلس الدستورى - أعلى هيئة قضائية فى البلاد- أعلن أن جباجبو فاز فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت فى ٢٨ نوفمبر، بأكثر من ٥١% من الأصوات مقابل ٤٨.٥٥% لمنافسه وتارا. وأبطل رئيس المجلس الدستورى بول ياو ندرى - أحد المقربين من رئيس الدولة- النتائج المؤقتة للجنة الانتخابية المستقلة التى منحت الحسن وتارا ٥٤.١% فى مقابل ٤٥.٩% للرئيس المنتهية ولايته. وتمكن «ندرى» من تحقيق ذلك «بإلغائه» عمليات التصويت التى أجريت فى ٧من دوائر الشمال الذى كان خاضعا للتمرد السابق منذ ٢٠٠٢، بدعوى أن الانتخابات شابتها «عمليات تزوير»، إلا أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ساحل العاج، يونج جين شوى، قال إن «الانتخابات جرت فى أجواء ديمقراطية بشكل عام»، موضحا أنه حتى إذا أخذت فى الاعتبار المخالفات المفترضة فإن «النتيجة لن تتغير»، ورأى أن قرار المجلس الدستورى «ليس له أساس واقعى». ولم تتأخر رئاسة ساحل العاج عن التهديد بطرد مسؤول المنظمة الدولية، حيث اتهم السيد دجيدجى مستشار جباجبو وسفير ساحل العاج فى الأمم المتحدة، تشوى بأنه يعمل «من أجل زعزعة الاستقرار ويشجع على العنف». إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، هنأ وتارا على فوزه وطلب منه «العمل من أجل إحلال سلام دائم واستقرار والمصالحة فى ساحل العاج». كما دعا جباجبو إلى أن «يفعل ما يجب أن يفعله لخير بلاده والتعاون من أجل عملية انتقالية سياسية دون صدامات». لكن فى نيويورك، لم تنجح الدول الـ١٥ الأعضاء فى مجلس الأمن الدولى الذى أجرى مشاورات عاجلة حول الوضع فى ساحل العاج، فى الاتفاق أمس الأول على إعلان مشترك. وقال دبلوماسى إنه قد يتم التوصل إلى اتفاق حول ساحل العاج بحلول غد، موضحا أن تأجيل البت فى المسألة ناجم عن انتظار مندوب بلد واحد على الأقل تعليمات من حكومته، بينما صرح دبلوماسيون بأن الإخفاق فى الاتفاق جاء بسبب اعتراضات من روسيا على فكرة تأييد المجلس أى مرشح. وفى غضون ذلك، هنأ الرئيس الأمريكى باراك أوباما، الحسن وتارا «على فوزه» ودعا جباجبو إلى «الاعتراف بنتيجة الاقتراع واحترامها»، مشيرا إلى أن «اللجنة الانتخابية المستقلة ومراقبين جديرين بالثقة ومعتمدين والأمم المتحدة أكدوا جميعا هذه النتيجة وصادقوا على صحتها»، فيما طلب الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى من جباجبو «احترام إرادة الشعب» و«هنأ الرئيس المنتخب» الحسن وتارا، معرباً عن ارتياحه لنية وتارا تشكيل حكومة وحدة وطنية، حسبما جاء فى بيان لقصر الإليزيه. وجاء فى بيان ثان أصدرته الرئاسة الفرنسية بعد ذلك، أن الرئيس الفرنسى أجرى محادثات حول الوضع فى ساحل العاج مع كى مون وجباجبو ووتارا، ولكن لم يوضح البيان مضمون المحادثات. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات