الأقسام الرئيسية

وانكشف المستور

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم د.حسن نافعة ١/ ١٢/ ٢٠١٠

لم تكن نتائج الجولة الأولى قد أعلنت رسميا حين شرعت فى كتابة هذه السطور. ولأن الصورة النهائية لمجلس الشعب المقبل لن تتضح فى شكلها النهائى قبل انتخابات الإعادة، التى ستجرى بعد حوالى أسبوع من الآن، فلم تعد هناك ضرورة فى الواقع لانتظار إعلان رسمى عن هذه النتائج. فما ظهر منها حتى الآن يكفى للحكم على شكل ما هو مقبل، وهو يقول الكثير والكثير جدا.

فقد بات واضحا أن الحزب الحاكم سيسيطر على حوالى ٩٠% من إجمالى المقاعد، وهى نسبة فاقت أكثر التقديرات تشاؤما. ولأن «الجماعة» لم تحصل على أى مقعد فى الجولة الأولى، فقد أصبح فى حكم المؤكد أنه لن يكون لها مكان يذكر فى مجلس الشعب المقبل، حتى وإن فاز جميع مرشحيها الذين يخوضون جولة الإعادة وهو أمر مستبعد.

والأرجح أن يخلو منها مجلس الشعب تماما فى حال ما إذا قررت الانسحاب من الجولة الثانية للانتخابات، احتجاجا على ما جرى.

أما باقى الأحزاب، التى كان قد تردد أن بعضها أبرم صفقات مع الحزب الحاكم، فسيكون حضورها فى المجلس المقبل باهتاً أيضا وغير مؤثر بالمرة.

فالعدد المتوقع لأعضاء هذا المجلس من غير المنتمين للحزب الوطنى لن يتجاوز ٥٠ عضوا على الأرجح، أى أقل من ١٠% من إجمالى الأعضاء، وهو لا يكفى لممارسة أى دور تشريعى أو رقابى مؤثر.

وهذا يعنى ببساطة أن السلطتين التشريعية والتنفيذية ستشكلان جسدا واحدا لا انفصام بينهما وستصبحان وجهين لعملة واحدة مطبوع عليها، من الناحيتين، صورة الرئيس القادم!.

ولا جدال فى أن نظاما سياسيا هذه ملامحه، لا يمكن إلا أن يكون نظاما ميتا لا حياة فيه.

عندما تكون صورة البرلمان فى مصر على هذا النحو، يصبح النقاش حول التفاصيل المتعلقة بحجم أو نوع ما وقع من تزوير فى هذه الدائرة أو تلك مضيعة للوقت، ولن تؤدى الدعاوى القضائية المتوقع رفعها أمام المحاكم إلا إلى استنزاف جهد القوى السياسية وإلهائها عن مهام جسام تنتظرها، لأن الصورة الإجمالية تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلى مزيد من الجدل. فتزوير إرادة الشعب لم يتم، كما قد يتصور البعض، داخل صناديق الاقتراع، ولم يقم به موظفون اعتادوا تلقى تعليماتهم من ضباط المباحث، بدلا من رؤساء اللجان،

ولا تسبب فيه بلطجية أو محترفو شراء الأصوات، وإنما تم - التزوير - لأن الأحزاب والقوى السياسية «الأخرى» قبلت بالمشاركة فى انتخابات تجرى فى ظل قانون الطوارئ، وتحت إشراف لجنة عليا غير مستقلة وغير محايدة، وفى غياب رقابة دولية ومحلية حقيقية، ودون مشاركة المواطنين المقيمين بالخارج..

إلخ. وإذا سارت الأمور على هذا النحو، فلن تختلف نتيجة أى انتخابات تتم فى المستقبل، تشريعية كانت أم رئاسية أم محلية، عن تلك التى يريدها الحزب الحاكم.

لن يستطيع النظام الحاكم أن يقنع طفلا صغيرا، فى الداخل أو فى الخارج، بأنه كسب الانتخابات لأن حزبه هو الأقوى والأكثر تنظيما. فالمشكلة لم تكن أبدا فى هذه الانتخابات بالذات، وإنما فى كل الانتخابات التى تمت تحت إشرافه. ولو استطاع أحد من أساتذة العلوم السياسية المنخرطين فى النظام أن يدلنا على مثال واحد فقط، فى أى دولة فى العالم وفى أى حقبة تاريخية، لحزب اكتسح دون تزوير جميع الانتخابات، التى خاضها على مدى ثلث قرن،

دون استثناء واحد، فعلينا جميعا أن نسلم له على الفور بنزاهة الانتخابات التى جرت فى مصر بالأمس. ولأنهم لن يستطيعوا أن يقدموا برهانهم، فعليهم إما أن يقنعونا بأسباب هذا الأداء المعجز والفريد، أو يسلموا معنا بالحقيقة الساطعة، وهى أن التزوير بات جزءاً من بنية النظام نفسه.

لم يعد الشعب المصرى فى حاجة لتقديم دليل على وقوع تزوير، لأن نتيجة الانتخابات نفسها هى الدليل الأكبر. لذا يصبح السؤال الأهم الذى يتعين على الأغلبية التى لاتزال صامتة أن تطرحه على نفسها: هل ستقبل الاستمرار فى هذه اللعبة إلى الأبد، أم أن عليها أن تفعل شيئا لوضع حد لهذا العبث؟.. فلنجتهد جميعا لتقديم إجابة عن هذا السؤال الصعب، وسأبدأ بنفسى غدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer