انطوت زيارة رئيس الوزراء اللبناني الأخيرة لفرنسا على تحليلات متعددة، كان ابرزها حرص سعد الحريري على الاستعانة بفرنسا لحل الأزمة السياسية ببلاده، في محاولة لتجاوز المرحلة "الصعبة" الراهنة، في ظل تزامنها مع صدور وشيك للقرار الاتهامي، الخاص بقضية اغتيال رفيق الحريري.
باريس: لم يخف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال زيارته إلى فرنسا الاسبوع الجاري تعويله على الدعم الفرنسي لتجاوز الأزمة التي يمر بها لبنان خلال هذه المرحلة التي وصفها الحريري بـ "المرحلة الصعبة"، وذلك خلال لقائه رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون.
وطرح الحريري خلال زيارته التي اهتمّ بها الإعلام الفرنسي التوتر الناجم عن التحقيق الدولي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وقال: "فرنسا كانت دائما تدعم لبنان في كل قضاياه، ولبنان يمر حاليا بأوقات صعبة. لكنني اعتقد انه من خلال الحوار وبفضل دعم كل أصدقائنا كفرنسا والمملكة العربية السعودية وسوريا سنقطع هذه المرحلة الصعبة".
وكان الحريري أعلن اثر لقاء مع الرئيس نيكولا ساركوزي أن "لا أحد يعرف بعد ماهية القرار الاتهامي"، في تفاعل مع حالة الترقب التي يعيشها لبنان الذي ينتظر صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية التي تنظر في قضية اغتيال رفيق الحريري.
الابن على خط الأب
وفي تصريحات لـ (إيلاف)، يقول الدكتور محمد عجلاني رئيس مركز دراسات الحياة السياسية السورية في باريس، معلقا على زيارة سعد الحريري الأخيرة إلى فرنسا، إنها "تندرج ضمن المشاورات المتبادلة بين الطرفين في علاقات متعددة، لها أوجه سياسية و اقتصادية وقانونية وغيرها، إذ ان هناك علاقة قديمة بين فرنسا والشهيد الحريري، والابن يسير على هذه الخط".
وحول ما اذا كانت هناك رسالة سعت باريس لتمريرها لأطراف معينة، عندما عبرت عن دعمها "لوحدة لبنان وأمنه وسلامته واستقلاله"، نفى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية محمد عجلاني ذلك، موضحا أن "باريس تحرص على استقرار لبنان وإن كان لها رؤية مغايرة لأطراف لبنانية بهذا الخصوص".
وعن الموقف الفرنسي من المحكمة الدولية أشار إلى دور باريس المعروف تجاه هذه القضية، مؤكدا على ضرورة احترامها من قبل الأطراف الفاعلة في الساحة اللبنانية احتراما لوحدة الصف اللبناني على حد تعبيره.
ويرى العجلاني أن: "القتلة الحقيقيون المتورطون في اغتيال الحريري لن يلقى القبض عليهم بالمرة". ويقصد أولئك الذين "خططوا للعملية من وراء مكاتبهم ووكلوا غيرهم لتنفيذ العملية الإجرامية"، ويفسر ذلك بكون "المحكمة تحقق مع أطراف دون أطراف أخرى عوض أن يتم البحث مع الجميع دون استثناء أي منها".
و في نفس السياق يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إن: "القانون الدولي تسيّس، وهناك قانون نزيه وعادل، إلا أنه يطبق على أطراف دون أخرى"، معتبرا أن المحاكم الدولية في الوقت الحالي" انتزعت منها صلاحياتها الحقيقية، وتوظف "كسلاح انتقائي وهو ما يضر بشكل كبيير بالعدالة الدولية".
و لم تُنتقد بيروت من الأطراف الأوروبية بما فيها باريس للتقارب الذي سُجل بينها وبين طهران التي توضع منذ "عهد بوش الابن" ضمن "محور الشر" في المنطقة، ويشرح الدكتور العجلاني هذا التقارب بكون "تركيبة الساحة اللبنانية لها خصوصيتها، وعلى إيران أن تتشاور مع جميع الأطراف الموجودة في الساحة حتى لا تظهر أنها تدعم طرفا على حساب أطراف أخرى".
مكونات الساحة اللبنانية
ويرى أنّ زيارة الحريري إلى طهران تخدم من جانب المصلحة الإيرانية الآنفة الذكر بإظهار صداقتها لكل مكونات الساحة اللبنانية وتعطي صورة أخرى مفادها أن لبنان بلد واحد بتعدديته العقائدية، كما أن بيروت بإمكانها أن تستفيد من تقنيات وتكنولوجيا طهران، وزيارة الحريري لمصنع للأسلحة في طهران تعبر عن استعداد إيران للتعاون مع الحكومة اللبنانية بهذا الخصوص".
ويعتبر عجلاني أن ما صدر عن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بخصوص حزب الله، عندما ذكر في باريس أن أي خلاف مع هذا التنظيم لا يكون إلا في إطار ما تمليه الديمقراطية اللبنانية، نبع من ادراك الحريري ان قوة حزب الله السياسية والعسكرية تفرض على رئيس الوزراء اللبناني استحضار حسابات كثيرة قبل الدخول مع الحزب في أية خلافات، ويعتبر الباحث في العلوم السياسية أن كلام رئيس الحكومة اللبنانية كان"صادقا".
لكن وهو يتحدث عن حزب الله وعلاقته بالحكومة اللبنانية أقر الدكتور عجلاني بالخلاف الجوهري الموجود بين الطرفين حول من يكون له القرار النهائي في استعمال قوة المقاومة، مشيرا إلى بداهة انخراط الأخيرة إلى جانب القوات النظامية في حالة تعرض البلد إلى أي خطر وضرورة تلقيها للتوجيهات من لدن حكومة مركزية، ملمحا إلى انتفاء حجة وجود قوتين عسكريتين برأسين في بلد واحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات