أعلان الهيدر

05‏/12‏/2010

الرئيسية أين إحساس «الوطنى» بالمسؤولية؟

أين إحساس «الوطنى» بالمسؤولية؟



بقلم سليمان جودة ٥/ ١٢/ ٢٠١٠

تعالوا نتصور فارساً على حصان قفز فى الهواء، بأكثر مما يحتاجه من قوة، لعبور حاجز كان عليه أن يعبره، وهو يتسابق مع آخرين، فالمتوقع فى حالة كهذه، أن يسقط على الجانب الآخر من الحاجز، لأن القفزة إذا لم تأت على قدر العائق، الذى على أى شخص أن يجتازه فى طريق، فإنها فى الغالب تصادر على الهدف، ولا تحققه!

معنى من هذا النوع، كان «شكسبير» يدور حوله، فى مسرحيته الشهيرة «ماكبث»، وكان ينصح القادمين من بعده، منذ كتبها فى بدايات القرن السابع عشر، بأن يتحلوا بشىء من الروية والتعقل، إذا صوّبوا أسلحتهم فى اتجاه الهدف، لأن عدم التحلى بذلك، يؤدى إلى العكس، ويجعل القفزة فى قلب المجهول!

وحين يتأمل الحزب الوطنى الطريقة التى تصرف بها، فى انتخابات مجلس الشعب، فسوف يكتشف أنه ارتكب الخطأ ذاته، الذى كان شكسبير يحذر منه، عند الرغبة فى تحقيق أى طموح من أى نوع!

فمن حق الحزب الوطنى أن يطمح فى تحقيق الفوز فى جميع الدوائر.. هذا طموحه المشروع، الذى لا يستطيع أحد أن ينازعه فيه، نظرياً.. ولكن.. فات الحزب الوطنى، وهو يقفز قفزة واحدة فى الهواء، فى اتجاه تحقيق هذا الهدف، أنه لم يتحسس طبيعة الأرض التى يتحرك عليها، وما إذا كانت سوف تسعفه بالهبوط من قفزته، فى أمان، أم أنه يمكن فعلاً أن يتعرض لخطر كبير؟!

كان على الحزب، ولايزال عليه، أن يدرك أنه لا يسعى إلى تحقيق هذا الطموح المشروع، فى الولايات المتحدة، ولا فى الهند، ولا فى بريطانيا، حيث الديمقراطية هناك مسألة مستقرة تماماً، وتسمح لأحزابها المتنافسة، بأن تطمح كما تشاء، دون أن يكون فى طموحها خطر عليها، ولا على البلد ذاته!

أما نحن، حيث الديمقراطية لاتزال وليدة تحبو، فإن التصرف المطلوب من جانب حزب فى موقع الحزب الوطنى، تصرف مختلف تماماً، لأنه أول العارفين بأن حياتنا الحزبية ضعيفة للغاية، وأن الأحزاب لا وجود لها فى الشارع تقريباً لأسباب تعود إلى الدولة، التى تعمل على تسخير كل إمكاناتها، فى كل مرة، لفوز الحزب الوطنى، بأكثر مما تعود تلك الأسباب إلى الأحزاب ذاتها.

ولذلك، كانت الحكمة تقتضى من الحزب الوطنى، أن يُخلى عدداً من الدوائر للأحزاب، خصوصاً الكبيرة منها، فلا يرشح أحداً أمامها، ليس على سبيل الصفقات أو المؤامرات، أو أى شىء سخيف من هذا القبيل، وإنما على سبيل إدراكه، كحزب حاكم، لحقيقة مهمة، هى أن فوزه فى أى انتخابات، دون وجود منافس قوى، إنما هو فوز بلا طعم، كما أنه بلا عائد على البلد!.. كنا، ولانزال، نراهن على أن يتصرف الحزب الوطنى، بهذا القدر من الإحساس بالمسؤولية، تجاه بلدنا، فيدرك أن أحزابنا فى حاجة إلى من يرعاها، ويشجعها، ويأخذ بيدها، لا أن يغتالها، فى غمرة الانتشاء بتحقيق طموح زائد على الحد جداً، بما يجعلنا نتذكر عبارة كانت تتردد بين التجار، زمان، ولاتزال طبعاً، وهى: شطارة كتير.. خيابة كتير!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.