الأقسام الرئيسية

تسقط مصلحة البلد

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم سليمان جودة ٤/ ١٢/ ٢٠١٠

ما حدث بعد قرار الوفد الانسحاب من جولة الإعادة فى انتخابات مجلس الشعب، التى تجرى غداً، حدث مثله بالضبط فى الحزب الوطنى، قبل سنوات من الآن، ولكن بشكل مختلف!

والحكاية من الأول، أن الرئيس مبارك كان قد أعلن، عقب انتخابات برلمان ٢٠٠٥، أن الانتخابات المقبلة، وكان يقصد طبعاً انتخابات ٢٠١٠، سوف تكون بنظام القائمة، وليس بالنظام الفردى. وقد استبشر الناس وقتها خيراً، على أساس أن إجراء الانتخاب بالقائمة، يصب دائماً فى مصلحة البلد، كبلد، وإنْ كان بالطبع لا يصب فى مصلحة المرشح، كمرشح، ولا حتى فى مصلحة الناخب المباشرة، إذا كان هذا الناخب يبحث فى أثناء الانتخابات، عمنْ يمنحه ثمن صوته، أياً كان هذا الثمن، وسواء جاء عينياً، أو نقداً!

ولم تمض أيام، بعد إعلان الرئيس عن رغبته فى هذا الاتجاه، حتى خرجت قيادات فى الحزب الوطنى، لتقول عكس ما قاله الرئيس، ولتؤكد أن الانتخابات فى ٢٠١٠ سوف تكون بالنظام الفردى!

وكان معنى ذلك أن الأسماء الكبيرة، التى تخوض الانتخابات عن الحزب الوطنى، وهى أسماء تنجح فى دوائرها، لأسباب ليست لها علاقة برؤية الحزب، ولا بأفكاره لحل مشاكل البلد، قد ضغطت فى اتجاه بقاء النظام الفردى على حاله، لأن تغييره، ثم الأخذ بنظام القائمة، يعنى القضاء على عصبية كل نائب منهم فى دائرته، ويعنى عدم وجود فرصة لشراء أصوات الناخبين بالمال، ويعنى نجاح كل حزب، فى الانتخابات، على قدر جدية أفكاره، وبرنامجه، وأجندته، فى التفاعل مع مشاكل البلد كله، وليس بالطبع على قدر المصلحة الضيقة لكل نائب فى دائرته!

والغريب أن الضغط قد جاء بنتيجة، وأن رغبة الرئيس لم تتحقق، وأن أباطرة الانتخابات داخل الحزب الوطنى، قد نجحوا فى إبقاء الحال على ما هو عليه، لأنهم كانوا يدركون تماماً، أن مصلحة كل نائب فى دائرته، تتقدم فوراً على مصلحة البلد كله، إذا ما جرت الانتخابات بالنظام الفردى، وأن العكس يحدث، إذا ما جرت الانتخابات بنظام القائمة، بمعنى أن مصلحة البلد، هى التى تتقدم تلقائياً وقتها على مصلحة الناخب، كل واحد فى حدوده!

وحين قرر الوفد الانسحاب، فإن عدداً لا بأس به من نوابه، أعلن عدم الالتزام بالقرار، ليس رفضاً للقرار، كقرار، وإنما لأن الانسحاب يظل ضد مصلحة كل واحد فى دائرته، دون أن يكون فى هذا الكلام، بطبيعة الحال، انتقاص من شأن أى واحد فيهم، لأننا هنا نتكلم عن نظام انتخابى فاسد، يطوِّع النواب، بطبيعته، ويطوعه النواب أنفسهم، وفق مصالح ضيقة للغاية، ولا علاقة لها بوظيفة النائب الحقيقية فى البرلمان، وهى الرقابة على أداء الحكومة، وتشريع القوانين للناس!

فما المعنى؟!.. المعنى أن السبب الذى أدى إلى تفريغ رغبة الرئيس من مضمونها، قبل سنوات، هو نفسه الذى أدى اليوم إلى تفريغ قرار الوفد من محتواه.. فلتحىَ مصلحة كل نائب، فى دائرته، ولتسقط مصلحة البلد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer