الأقسام الرئيسية

احتجاجاً على الغوغائية وليس على الجمعية كفكرة

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم د.حسن نافعة ٢٣/ ١٢/ ٢٠١٠

عبّرت أصوات مخلصة، خلال الأيام الماضية، عن انزعاجها من تفاقم الانقسامات بين القوى المطالبة بالتغيير. ولأنها استشعرت خطورة هذا المنحى، وما قد يفضى إليه من آثار سلبية، فى وقت يستعد فيه الوطن لمعركة رئاسية قد تحدد مصيره لفترة طويلة قادمة، فقد بادرت بتوجيه نداءات عاجلة لتجاوز الخلافات ودفع القوى الساعية للتغيير لاستعادة وحدتها وتوحيد جهودها لمواجهة تحالف الفساد والاستبداد،

استعدادا للمعركة الحاسمة. ولا يسعنى سوى الترحيب بهذه الجهود والتأكيد على استعدادى التام للتعاون مع كل من يستطيع تقديم فكرة مفيدة من شأنها أن تدفع فى اتجاه تحقيق وحدة فعلية، لا شكلية، والإسهام فى تفعيل الجهود الميدانية، وليس رفع نغمة المعارضة الحنجورية، والتى بدونها سنظل جميعا عاجزين عن مقاومة طوفان الفساد الذى يحيط بنا، أو التصدى لجحافل الاستبداد الذى يتربص بنا.

كانت وحدة القوى الراغبة فى التغيير هى الهدف الذى طالما سعيت إليه وبذلت فى سبيل تحقيقه كل ما أستطيع من جهد، من داخل «الجمعية»، سواء حين كنت أشغل موقع المنسق العام أو بعد تركى له، فى تعاون كامل مع المنسق الجديد. لذا لا يوجد إطلاقا ما يمنعنى من مواصلة الجهد ذاته، من خارج «الجمعية».

ويجب أن يكون واضحا أن انسحابى كان بسبب تراكمات كثيرة أوصلتنى فى النهاية إلى قناعة بأن «الجمعية»، كهيكل تنظيمى، أصبحت عبئا على التغيير وليست أداة فعالة لإنجازه. أما الهجوم الذى تعرضت له مؤخرا فلم يكن سوى «القشة»، التى عكست ما آلت إليه الأوضاع. ومع ذلك فمازلت مقتنعا، كل الاقتناع، بأن الجمعية، كفكرة لاتزال سليمة تماما، لأنه يتعين وجود «إطار جامع» لقوى التغيير، لكن ليس بتركيبتها الحالية.

وقد اعتقدت أن انسحابى ربما يساعد على إعادة تشكيلها على أسس جديدة، وربما بشكل أفضل، لأن لحظة التأسيس كانت لها ظروفها الخاصة. لقد كان بوسعى أن أنسحب بهدوء تام، أو تجميد نشاطى دون إعلان، بالامتناع عن المشاركة فى الاجتماعات التى أدعى إليها، وهو ما كان ممكنا بالطبع، خصوصا بعد تحللى من أعباء المنسق العام. وقد فكرت فى انتهاج هذا الأسلوب بالفعل،

لكننى استبعدته لسببين: الأول، أننى كنت قد وعدت القراء بمكاشفتهم بما يجرى داخل جمعية هى فى حقيقة الأمر ملك للجميع، ولكن فى حدود ما يمكن أن يقال وينشر على الملأ. الثانى: أن الانسحاب فى هدوء قد يسهم فى خداع الناس، ولن يسمح بمعالجة أى مشكلة أو تصحيح أى انحراف.

ولأننى أميل بطبعى للمكاشفة وتضييق الخناق على محترفى الدس والوقيعة، بل والمواجهة إن اقتضى الأمر، فقد استقر رأيى على أن يكون انسحابى علناً وتحت أعين ونظر الجميع، وهو ما سبب صدمة للبعض. لكنى آمل، على أى حال، أن تكون صدمة من النوع الإيجابى وليس السلبى، وأن تساعد على فتح نقاش داخلى أتمنى أن يفضى إلى تطهير الصفوف وكنس الأوراق الميتة.

مازال أمام القوى المطالبة بالتغيير متسع من الوقت لإعادة تنظيم صفوفها، والاستعداد لمعركة الرئاسة الحاسمة، لكن عليها أن تدرك أن الوقت هو للعمل و المواجهة، وليس للكلام والمزايدة وترديد الشعارات.

وآمل أن تكون تجربة الوفد وجماعة الإخوان فى خوض الانتخابات الأخيرة، ثم مقاطعتها فى جولة الإعادة، قد أقنعتهما معا بأن انفراط عقد المعارضة هو الوقود الذى يضخ الحياة فى عروق النظام القائم. ولأنه لن يكون بمقدور أى منهما تحقيق التغيير المطلوب بمفرده، فعليهما أن يبحثا عن أرضية مشتركة بينهما تسمح بإعادة التحامهما معا ببقية روافد الحركة الوطنية المطالبة بالتغيير. ومازال للدكتور البرادعى دور مهم يمكن أن يلعبه، إن توافرت لديه الرغبة والنية للبقاء فى مصر والتصدى ميدانيا لقيادة معركة التغيير.

لذا يمكن القول إن إدارة قوى التغيير لمعركة رئاسية ناجحة ستتوقف على مدى توافر عدد من الشروط، أهمها: ١- تمكن الوفد وجماعة الإخوان من العثور على أرضية مشتركة تسمح لهما بالعمل معا. ٢- إعادة تشكيل الجمعية، بالتخلص من العناصر أو القوى المثيرة للخلافات أو الباحثة عن أدوار شخصية، وضم الوفد وبقية القوى التى لاتزال خارجها إليها، حتى لو اقتضى الأمر تغيير اسمها. ٣- استقرار البرادعى فى مصر وانخراطه فى العمل الميدانى المباشر. ٤- التركيز على العمل الميدانى وطرح برنامج وجدول زمنى للتعبير عن تأييد الجماهير لمطالب التغيير بالطرق السلمية.

حين يتبين أن الرهان على القوى الرسمية مازال رهانا خاسرا، وهو ما سيتضح خلال أسابيع قليلة، على قوى التغيير الحقيقية أن تبدأ فورا فى البحث عن وسيلة لتنظيم صفوفها، وأن تسعى لتحريك الأغلبية الصامتة معها. وهنا أيضا لايزال بإمكان الدكتور البرادعى أن يلعب دورا مفيدا، إن أراد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer