الأقسام الرئيسية

الصوفية في غزة: لا نستخدم الطبول والتلحين كما يفعل الكثيرون

. . ليست هناك تعليقات:
البعض يشعر بالروحانية في اليوغا والموسيقى

حمزة البحيصي من غزة

GMT 1:00:00 2010 الأحد 26 ديسمبر


تتباين وجهات النظر بشأن ظاهرة التصوف في قطاع غزة، حتى أن الصوفيين أنفسهم يختلفون وبات لكل شيخ طريقته في التصوف وإذا شعر بالبعض بالروحانية في الموسيقى، فأن آخرون يرون في ذلك أمرا مرفوضا.


لكل شيخ طريقته الخاصة في التصوف بغزة، ولكن الجميع يتفق على أن يوم الخميس هو للحضرة التي تعانق فيها أرواح المتصوفين عنان السماء سواء أكان ذلك بالإبتهالات والمدائح النبوية فقط كما هو لدى البعض، أو بقرع الطبول وتلحين الإبتهالات كما هو عند البعض الآخر.

وتثير الزوايا وتعدد الطرق والإتجاهات الصوفية جدلا كبير بين صفوف الدعاة والشيوخ حول شرعيتها وإن كان ما يفعله المتصوفون هو من الدين أصلا أم هو مجرد تجارب شخصية ليس أكثر، لاسيما بعدما اختلطت الأمور ببعضها البعض.

"إيلاف" زارت إحدى الزوايا بمدينة غزة، لتتعرف على التفاصيل حول هذه الأماكن.

نظرة المجتمع للصوفية سلبية

محمد الهادي السعافين، 35 عاما، وهو الابن الأكبر للشيخ مصطفى السعافين مؤسس الزاوية العلاوية التي تقع في حي الزيتون جنوب مدينة غزة يقول "لإيلاف": "هذه الزاوية هي الأم لكثير من الزوايا في رفح خانيونس ودير البلح والداخل الفلسطيني والضفة الغربية وبلاد الشام والأردن ومصر والكثير من الدول، وهي تتبع لإحدى طرق الصوفية وهي الطريقة الصوفية العلاوية نسبه لمؤسس هذه الطريقة وهو الشيخ أحمد ابن مصطفى ابن عليوة المستغانمي الجزائري وهو مدفون في الزاوية في مستغانم بالجزائر.

ويتابع: "لقد جاء هذا الشيخ الصوفي إلي فلسطين في بداية العام 1900م, والتقى ببعض المشايخ كان من ضمنهم الشيخ حسين أبو سردانة في بلدة الفالوجة في فلسطين وفد توفي الشيخ أبو سردانة في حصار الفالوجة وأخذ عنه الطريقة الشيخ الشيخ محمد أحمد السعافين والملقب بأبو أحمد الفالوجي في العام 1951م، إلى أن وصلت أخيرا إلى الشيخ مصطفى السعافين في العام 1970 تقريبا وهو القائم على الزاوية والمبنى حتى هذه اللحظة.
ويؤكد الهادي أن هذه الزاوية تقوم على أساس الالتزام بكتاب الله وسنه نبيه، وأن كل الشعائر التي تقام في الزاوية مستمدة من الشرع ولا تعتبر من البدع.

وعن المناسبات والمواسم التي تهتم بها الزاوية يقول محمد الهادي: "المسلمين ليس لهم إلا عيدين هما عيد الفطر وعيد الأضحى ولكن هذا لا يمنع أن يكون هناك اجتماع في بعض المناسبات الدينية كالمولد النبوي، وهو يكون عبارة عن مجلس ذكر أولا، وصلاة على الرسول ثانيا، بعيدا عن كل البدع والمنكرات".

ويشير إلى الحضرة التي تقام بشكل دوري في الزاوية فيقول أنها اجتماع المريدين لطريق التصوف على ذكر الله ذكرا صريحا بدون تأويل أو صوت مرتفع أو منخفض، ودون استعمال الطبول والخزعبلات والشعوذة التي يستخدمها البعض، ويبين أنها تقام يومي الأحد والخميس في زاويتهم، ويضيف: "هذه الحضرة هي لجلاء الهموم عن القلوب جراء الأتعاب والمصاعب اليومية، وهي بمثابة خلوة وتواصل مع الله لتفريغ القلوب من الهموم".

ويرفض محمد الهادي ما يقوم به بعض المتصوفون في بعض الطرق خلال الحضرات مثل الابتهالات التي تتخللها الطبول والتي تكون أشبه بالغناء والتلحين.

ويصف الهادي نظرة المجتمع للزوايا الصوفية بالسلبية بسبب جهل المجتمع بمعنى التصوف الحقيقي وحقيقة الشخص المتصوف وحقيقة من انتسب لهذا الفكر.
ويبين بأن المجتمع يعتقد أن التصوف عبارة عن مجموعة من الناس غير المتعلمين أو كما يسميهم البعض (دراويش)، وهذا الأمر بعيد كل البعد عن الصورة الصحيحة للصوفية، فالإمام صلاح الدين الأيوبي والحسن البصري والإمام الشافعي كانوا متصوفين وكثير من المشايخ والصحابة من عهد رسول الله إلى العهد الحالي هم متصوفون.

ويتهم الهادي الكثير من الصوفيين بأنهم جلبوا الأخطاء إلى الطريقة الصوفية سواء بطريقة مقصودة أم غير مقصودة.

وينفي حدوث أي مضايقات من قبل الحكومات الفلسطينية المتعاقبة ويقول أنهم لم يجدوا سوى الاحترام والتقدير من الجميع، وأن الجميع يحضر إليهم في هذا المكان، وأنهم في الزاوية يعتبرون جزءا من المجتمع.
وفي رده على الاتهامات الموجه إليهم بالمبالغة في الدين يقول: "ما الخطأ في المبالغة بالدين طالما لم تصل للبدعة، وإذا كان الإنسان يبالغ في عبادة ربه فلا ضرر في هذا الكلام، فلو بقينا على الفرائض التي قضاها الله علينا لا نضمن مغفرة الله، فلذلك الواجب علينا أن نبالغ في العبادة والتواصل مع الله".

ويؤكد أن الزاوية أقيمت من الجهود الفردية نافيا أي دعم خارجي أو داخلي لهذه الزاوية، وأنها تستمد دعمها من حساب الشيخ مصطفى السعافين الشخصي فقط الذي يتمثل في محلات ملابس موجودة في وسط غزة وهو ينفق عليها منذ أن أنشأها ولا يقبل أن يصرف عليها شخص أو جهة أخرى لأنها تعتبر ملكا خاصا لعائلة السعافين ولكنها مفتوحة للجميع.

العائلة تشجعني على ذلك
الطلب محمد جمال حنونة، 26 عاما، أحد الذين انتسبوا للطريق والنهج الصوفي منذ أن كان عمره 12 عاما، يقول "لإيلاف" أن منهج الصوفية يعتبر مجتمع متكامل من حيث الدين والإسلام ويرتبط بروابط الأخوة بين أبناءه، ويضيف: " حياتي مختلفة جدا عن الباقين خاصة بعد التغيرات التي طرأت عليها من خلال نهج الصوفية".

ويبين محمد إلى أن بعض أصدقائه ينتقدونه بشكل دائم لانتمائه للطريقة الصوفية لا سيما موضوع الحضرات والابتهالات التي تقوم بها الصوفي كل يوم خميس، ويتابع قائلا: "كل الذين انتقدوني لا يعلمون منهج الصوفية الصحيح، وذلك بسبب ما أشيع من أخبار كاذبة عن التصوف في الإعلام والقنوات التلفزيونية التي تشوه معنى الصوفية الحق".

ويضيف: "بعض الطرق تستخدم البدع والخزعبلات ولا يعتبر أصحابها من المثقفين والعارفين في الدين، لأن الدين لا يأمر ولا يحض على مثل هذه الأعمال التي لا أساس لها، ويتابع: "زاوية الشيخ مصطفى لا تتجه لهذه الأعمال، فهي تحوي الكثير من طلبة الجامعات والأساتذة والمتعلمين والمثقفين".

وينفي محمد استخدام أي أنواع من الشعوذة والسحر أو الطبول والغناء أثناء الحضرة التي تقام أسبوعيا عندهم، ويقول أنها تقام فقط لذكر الله والتقرب إليه، ويؤكد أنها تعتبر شريعة من شرائع الطريقة الصوفية التي نتقرب بها إلى الله.
ويشير إلى أنه يحاول تصحيح صورة الصوفية الحقيقة وأن يدافع عنها بما لديه من معلومات وعلم في هذا الإطار، وأن ينشر هذه الطريقة بشكل دائم.

ويؤكد محمد أن إخوته جميعا دخلوا طريق الصوفية، وأن والدته تحثهم على الالتحاق بها، وقد وجد التشجيع المناسب من الأهل والأقارب للاستمرار في هذا الطريق، ويوضح: "بعض العائلات تعارض ذهاب أولادها إلى الزوايا وذلك بسبب ما يفهمه هؤلاء الناس من كلام وصورة غير صحيحة عن الصوفية ومنهجها. ويقل محمد أن هناك اتجاهات واسعة الآن للانتساب للصوفية بسبب ضجر الناس من كافة الاتجاهات الأخرى، كما يقول.

الصوفية ليست من الدين
الشيخ الداعية حازم السراج يتحدث "لإيلاف" قائلا أن ما سمعناه وما ورد في الصحيح لم يأت لنا بما يفعله الصوفية والمتصوفين. ويشير: "الدين هو ما أنزله الله وما فهمه النبي محمد وصحابته الكرام، والذي يبين دور المسجد كيف نعبد الله وكيف نصلي وكيف ندعو ونجتمع بشكل واضح وصريح، إنما إبتداع أشياء جديدة فهذا ليس من الدين". ويبين السراج: "من يمارس اليوجا فهو روحانيا يشعر بالتحسن، ومن يدخل الكنيسة فيجد السكينة وهذه مداخل لا نقول أنها شيطانية ولكن يمكن بذلك تطوير الجسم على أن يتعامل معها".

ويتابع: "هناك بعض الناس يسمعوا موسيقى كلاسيك فترتاح نفسيتهم، وهذا لا يعني أن ذلك دين". ويوضح: "هذا نوع من التصوف يمكن للإنسان أن يقوم به، ولكن لا يقول لنا هذا دين، لأن ديننا الإسلامي أعلى وأرفع من هذه الأمور، وأيضا قال الله تعالى: "لتنذر من كان حيا"، وذلك يعني أن الدين هو الحياة والعمل والإجتماع على الخير، والدين هو التطوير والتنمية والعطاء والجهاد، والدين عبادة في المحراب، ولذلك لا يمكن المبالغة في شيئ على حساب آخر".
ويرى السراج أنه يمكن لأي منشد أن يجلس بالمسجد ويلتزم بأدب المسجد ويبدأ الإبتهال بذكر الله ومحبة الرسول، ولكن على ألا ينتابه الطبل والزمر والهز، بل يجب إحترام دين الله".

ويقول أنه إذا أراد أي شخص أن يذهب مع مجموعة في بيته ويفعل ما يشاء فليفعل ولكن لا يقول هذا دين، وهذا يقربني إلى الله، ويضرب مثالا على ذلك فيقول: "هناك اثنين أرادوا الوضوء فواحد منهم بنيه الوضوء والطهارة والآخر بنيه النظافة فقط وذلك لا يجوز له الصلاة".

وعن مكانة الصوفية في الدين يقول السراج: "لا نشكك في إيمانهم وعباداتهم، وفقط ننصح لهم بالحسنى والكلام الطيب، فهم أحبابنا وأصدقائنا، ولكن ما يفعلوه ما فعله النبي وصحابته في السابق. ويضيف: "إن لم يتركوا ذلك، فهم يدخلوا في باب إحياء بدع، ومن يتبع بدعة تكن ضلالة، والذي يدخل في الضلالة فهو في النار".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer