سياسيون يخصّون "العربية.نت" بقراءة أهم أحداث عام يوشك على الرحيل
الأربعاء 23 محرم 1432هـ - 29 ديسمبر 2010ماعتبر كتاب وخبراء سياسيون أن حصول الإخوان المسلمين على "صفر" في الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وانسحاب حزب الوفد جاءا بمثابة قطع للحبل السري الذي ربط الحكومة بالمعارضة منذ عودة الأحزاب مع بدايات الثمانينيات.
وقالوا في قراءة خصوا بها "العربية.نت" إن ذلك مع أفول الحراك السياسي الذي بعثه محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية يعد أسوأ ما يودع به عام 2010 مصر.
يفتتح د. جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني، التعليق على أحداث العام المنصرم قائلاً إن أداء مصر في السياسة الخارجية كان الأفضل، حيث كان لها دور مُرضٍ في احتواء أزمات السودان، وإقامة علاقة قوية مع سوريا رغم التوترات السابقة، وعمل علاقات مع إيران، وعلاقات استراتيجية مع تركيا وقطر، وكذا التنسيق المصري – السعودي المستمر. ويضيف عودة أن ما أعلن عنه "ويكيليكس" من وثائق يؤكد أن ما تقوله مصر في العلن هو ما تفعله في الخفاء.
أما عن الأحداث داخلياً فيرى عودة أن الاستجابة السريعة من قبل الحكومة للمطالبات المهنية وفك الاعتصامات في الـ5 أشهر الأولى من هذا العام كانت أهم حدث، حيث إنه تم التفاعل مع منظمي هذه المطالبات سواء من جانب رجال الأعمال أو الحكومة.
وكذا سرعة عقد المحاكمة في قضية نجع حمادي، الذي نجم عنه مقتل 8 أشخاص وإصابة 9 آخرين في هجوم قرب مطرانية مدينة نجع حمادي عشية عيد الميلاد الذي يحتفل به الأقباط الأرثوذكس في 7 يناير 2010 والتي تنظرها حالياً محكمة أمن الدولة طوارئ بقنا.
ويصف عودة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأنها "الأكثر إيجابية"؛ وذلك لثلاثة اعتبارات أولها أنها الأولى في مصر التي تدار في إطار لجنة عليا مسؤولة عن الانتخابات، ثانياً أنها أدت إلى تغيير 60% من أعضاء مجلس الشعب ودخول وجوه برلمانية جديدة، أما الاعتبار الثالث في رأي عودة فهو تمثيل المرأة القوي في مجلس الشعب سواء كان عن طريق الكوتة أو انتخاب ثلاث من 11 مرشحة للحزب الوطني.
تبدّد أحلام الإصلاح
ويختلف الكاتب د. عمار علي حسن، الباحث في العلوم السياسية، حيث يرى أن الانتخابات التشريعية التي شهدتها مصر، خلال العام الماضي، سواء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى منتصف العام أو الانتخابات التشريعية الأخيرة، قد قضت على أوهام الإصلاح والوعود البراقة التي تم تقديمها لنا طوال السنوات الست الماضية منذ عام 2004 وذهبت أدراج الرياح، فبعد تغيير المادة 76 من الدستور، والوعود بالإصلاح والتغيير التي جاءت بناء على ضغوط خارجية وداخلية، وتخيل البعض أنها مكاسب في اتجاه الديمقراطية إلا أن كل الأحلام تحطمت في 2010 ، الذي كشف أن الأمر لا يتخطى الخطاب الأجوف فجاء مجلس الشعب ليكون مجرد هيئة برلمانية للحزب الحاكم وحده.
ويضيف عمار أن الانتخابات أظهرت أن الحبل السري بين الأحزاب والنظام قد قطع، وأن ذلك يمثل إهانة لتلك الأحزاب التي ظهرت كأنها ملحقة بالنظام وجزء من السلطة، وليست بديلاً لها.
ويتابع: تلك الانتخابات أظهرت تصاعد أسهم رجال الأعمال والأمن في الحياة السياسية بدلاً من الانتقال من التعددية السياسية المقيدة إلى براح النظام الحر كاملاً، وعادت مصر مرة أخرى إلى نظام الحزب الواحد على غرار ما كان متبعاً في العراق في عهد صدام مع الاحتفاظ بـ"حق الصراخ" للمعارضة، ويضيف أن النظام قادر على فعل ما يريد، وقام باستعادة المساحات التي تركها سابقاً.
إنهاء الوئام السياسي
ويتفق الكاتب الصحافي صلاح عيسى مع د. عمار، قائلاً: إن الحزب الوطني أخذ عام 2010 قراراً بإنهاء حالة الوئام السياسي، خاصة مع الإخوان المسلمين بعد حالة الاحتواء المتبادل بين النظام والإخوان، القائمة منذ سبعينيات القرن الماضي، فقد رأى النظام أن الإخوان هم الفائزون، واستطاعوا جذب الشارع السياسي والكوادر السياسية لهم، خاصة بعد فوزهم بـ88 مقعدًا في انتخابات 2005، لذا قرر الحزب الحاكم إصلاح الأخطاء كما أطلق عليه المهندس أحمد عز، أمين التنظيم، "تحرير مجلس الشعب من الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين" فما حدث هو حصول الإخوان على "صفر" نتيجة التصدي لهم في الجولة الأولى وانسحابهم في الجولة الثانية، ويرى عيسى أن قرار التخلص النهائي من الإخوان "خاطئ".
ويضيف عيسى أن عام 2010 شهد حالة من التصاعد ثم التراجع للدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2005، حيث أحاط به قدر كبير من الكوادر السياسية، وعول عليه البعض بأنه سيكون دفعة لقضية الإصلاح الدستوري إلى الأمام، وأن يكون البديل، كما اعتبرته دوائر في الساحة السياسية تراجعاً عن دور الأحزاب المدنية.
ويتابع عيسى: سرعان ما ذهب الاهتمام وحلت محله مشاعر الإحباط، وشهد نهاية العام انحسارًا كبيرًا لظاهرة البرادعي، قد يكون هناك خطأ في أداء هذا الملف هو السبب وراء انحساره، فقد تقدم بمشروع غامض وبلا ملامح يقوم على مسائل إجرائية تتعلق بنزاهة الانتخابات دون رؤية واضحة ودون هيكل تنظيمي، فالجمعية المصرية للتغيير القائمة على برنامج البرادعي ليست لها هوية، وأخطأت في التعامل مع الأحزاب، واكتفت بالاعتماد على الشبكة العنكبوتية لتجميع أنصار البرادعي.
تمرير القوانين الاقتصادية دون مضايقة
اقتصاديا يتحدث سعد هجرس، المحلل الاقتصادي مدير تحرير جريدة "العالم اليوم" القاهرية، موضحًا أن الحكومة حاولت هذا العام تمرير حفنة من القوانين الاقتصادية من خلال البرلمان الحالي ووضع أجندة اقتصادية دون مضايقات من المعارضة، منها محاولة فرض ضرائب بأثر رجعي على أصحاب المقطورات وسيارات النقل، ومشروعات قوانين اجتماعية لـ"التأمين الصحي"، ومحاولة تمريره بطريقة غير شعبية وغير ملبية للقطاعات الأوسع وللجماهير، فبشكل عام الأجندة الاقتصادية مرت في صالح رجال الأعمال وإعطائهم مزيداً من حرية الحركة في إطار تكريس ممارساتهم الاحتكارية.
ويضيف هجرس: قانون الضرائب العقارية الذي بدأ تنفيذه مع بداية العام الحالي هو أسوأ قرار اقتصادي، وقد أقره مجلس الشعب على العقارات المبنية، فهو قانون غير دستوري ويمثل جباية للضرائب عن وحدات سكنية يقطنها أصحابها عكس ما يحدث بدول العالم.
ويرى أن أداء القطاع المصرفي، بقيادة فاروق العقدة محافظ البنك المركزي، هو الأفضل هذا العام، حيث استطاع أن يحمي مصر من عواقب الأزمة الاقتصادية العالمية.
صفقة عقد "مدينتي"
ويتفق هجرس مع د. مصطفى النشرتي، الخبير الاقتصادي، في أن صفقة عقد مدينتي تمثل استهانة بأحكام القضاء، والتفافاً حولها، وفساداً بالعملية الإدارية وتخصيص الأراضي. الجدير بالذكر أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمًا بناء على دعوى أقامها حمدي الفخراني ببطلان عقد "مدينتي" لصاحبها هشام طلعت مصطفى في سبتمبر الماضي الذي خصصت له مساحة 8 آلاف فدان، وأكد هجرس والنشرتي أن هذا العقد "الباطل" يخل بالدستور ومبدأ تكافؤ الفرص.
ويرى النشرتي أن عام 2010 شهد حالة من عدم تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، حيث شهدت الأسعار ارتفاعًا جنونيًا، خاصة "الطماطم" التي وصلت من قبل إلى 12 جنيهاً، واللحوم التي وصلت إلى 70 جنيهاً للكيلو، وكذا البنزين والسكر والزيت والأرز وأسطوانات البوتاجاز، مقابل إقرار المجلس القومي للأجور برئاسة عثمان محمد عثمان، وزير التنمية والاقتصاد، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي برفع الأجور إلى 400 جنيه وهو رقم غير مقبول؛ لأنه لا يكفي للحد الأدنى للغذاء مع تقصير الدولة في توفير الرعاية الصحية والتعليم المجاني.
ويضيف أنه في الوقت ذاته تم تجاهل الحكم الصادر في أكتوبر المنقضي برفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه أي ما يعادل 250 دولاراً في الشهر، في حين أن الفقراء هم من يقل دخلهم عن دولارين يومياً - طبقاً للمؤشرات الدولية لحساب الفقر - وتقر الدولة الحد الأدنى للأجور 400 جنيه في ظل ارتفاع التكلفة السكنية في مصر وانخفاض الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم دون أن تقدم ميزانية واضحة لإنفاق الأسرة وتقديم الحد الأدنى للغذاء ويليه الحد الأدنى لاحتياجات الفرد من البروتين واللحوم.
دعم المواطن الإسرائيلي
ويتابع النشرتي أن عام 2010 شهد أيضاً عدم استغلال الموارد الضيقة لإشباع حاجات السكان، حيث شهد هذا العام قرار المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم القضاء الإداري بوقف تصدير الغاز لإسرائيل؛ بدعوى عدم اختصاص القضاء بنظر تلك الدعاوى باعتبار أن تصدير الغاز المصري إلى الخارج يعد عملاً من أعمال السيادة، وهذا أمر غير مقبول.
ويعتقد النشرتي أن الحكومة المصرية قدمت دعماً للمواطن الإسرائيلي وخفضت سعر تصدير الغاز له مقارنة بأسعار السوق العالمية، وتستخدم مصر 66% من الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء و30% في تصنيع مشتقات البترول والطاقة في بعض الصناعات الكثيفة، وبالتالي لا يوجد فائض للتصدير، ولذا التصدير يكون على حساب ضغط الاستخدام، خاصة للصناعات الكثيفة للطاقة، وعلى حساب عدم توصيل الغاز الطبيعي إلى الصعيد والمناطق العشوائية.
احتقان وغضب شعبي
أما على المستوى الاجتماعي، فتقول د. سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، إن مصر شهدت هذا العام حالة من الاحتقان والغضب الشعبي نتيجة ما نعانيه من كبت للحقوق وقرارات حكومية غير واعية، منها على سبيل المثال إزالات لمساكن وعشوائيات؛ ما أثار الغضب بشدة، وكذا ارتفاع الأسعار وتدهور المسألة التعليمية وزيادة حالات الانتحار واستمرار الهجرة غير الشرعية وانتشار العنف بين طلاب المدارس، كل هذه الظواهر انتشرت بشدة هذا العام.
وتضيف خضر أن هناك ظواهر وكوارث أصبحت عادية مثل حوادث الطرق، فالإحصائيات تؤكد أن في عام 2010 وصلت الحوادث إلى 22 ألفاً و793 حادثة 50% منها حوادث متكررة نتيجة سوء الطرق والعيوب الهندسية و48% منها بسبب النقل الثقيل والحكومة تقف مكتوفة الأيدي، أما الشعب ففي حالة احتقان وغليان ويزيدها الإعلام والإعلاميون الذين لا يسعون إلا للشهرة الجماهيرية فقط دون أن يقدموا رؤية واعية بل يؤدون إلى مزيد من التفريغ للعقل المصري.
ظاهرة فتاوى الفضائيات
ودينياً، يرى د. مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن رحيل شيخ الأزهر فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي في مارس الماضي؛ إثر أزمة قلبية حادة عن عمر يناهز 82 عاماً، هو الحدث الذي أثر في نفوس علماء الأزهر هذا العام أكثر من أي حدث آخر.
ويرصد د. مبروك تفشّي ظاهرة فتاوى الفضائيات، فأحدهم سألته امرأة أنها تريد التطليق من زوجها؛ لأنه لم يقم الليل فأفتى لها بالطلاق، وآخر يفتي بالخروج عن الملة لمن يحلف بالنبي (صلى الله عليه وسلم).
ويجزم د. محمد شامة، مستشار وزير الأوقاف، بأن فتوى الشيخ محمود عامر، وهو أحد دعاة السلفيين في مصر ومن قيادات جماعة أنصار السنة المحمدية، بقتل د. محمد البرادعي وقص عنق د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العام لعلماء المسلمين، ليستا من الإسلام في شيء. وقال: إن ذلك ليس له أساس في الإسلام الذي لا يحرض على القتل، وإن مثل تلك الفتاوى والدعاوى تسيء لصورة الإسلام ورجال الدين المسلمين.
بزوغ سينما الشباب
وبعيدًا عن ثقل ظل الأحداث السياسية والاقتصادية يرى د. رفيق الصبان، الناقد الفني، أن سينما الشباب في 2010 بعثت روحاً جديدة في السينما المصرية، وغيرت مسار السينما التي تجمدت حول موضوعات ووجوه بعينها خلال السنوات الحالية لعل أهم
تلك الأفلام: "678، ميكروفون، الحادي، والشوق".
ويضيف د. الصبان أن اتحاد الكتاب قام هذا العام بعمل جليل، وهو توحيد كلمة المثقفين العرب الذين فرقتهم السياسة من خلال محاولات النشر ومؤتمرات ومعارض.
بينما ترى الكاتبة الصحافية صافيناز كاظم أن عام 2010 شهد تجاوزاً من بعض الإعلاميين، وتجاوزاً من الدولة تجاههم، وأن موجة الابتذال الضاحك مازالت تسيطر على جمهور الفن والإبداع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات