بقلم سليمان جودة ١٥/ ١١/ ٢٠١٠ |
سوف لا تكون هناك مبالغة، حين نقول إن الرئيس مبارك لم يكن يتوقع أن يأتيه الخذلان، هذه المرة، من داخل بيته! والحكاية من أولها، أن الرئيس، عندما جاء إلى الحكم، عام ١٩٨١، كانت عنده نية صادقة، فى أن يكون لدينا برلمان حقيقى، يقوم بوظيفتين اثنتين لا ثالث لهما، هما الوظيفتان الوحيدتان، لأى برلمان حقيقى، فى أى بلد: مراقبة الحكومة، وتشريع القوانين. ولم يشأ الرئيس، والحال كذلك، أن يقف بنواياه الصادقة، فى هذا الاتجاه، عند حدود الكلام الشفهى، وإنما تجاوز هذه المرحلة، إلى مرحلة عملية فى التطبيق ذاته، وقرر أن تكون انتخابات مجلس الشعب بنظام القائمة النسبية، وهو نظام أدى بطبيعته، حين تطبيقه، إلى أن يكون للأحزاب فى البلد تمثيل فاعل فى البرلمان، ومن شأن وجود للأحزاب من هذا النوع، فى الحياة السياسية عموماً، وفى البرلمان خصوصاً، أن يؤدى بدوره إلى أن تكون الرقابة على الحكومة حقيقية، وأن يكون تشريع القوانين، داخل البرلمان، لصالح الناس! وجميعاً لانزال نذكر أن المرة أو المرتين، اللتين جرى فيهما الانتخاب، وفق هذا النظام، كان تمثيل الأحزاب مرتفعاً، وكانت الرقابة على المال العام، بالتالى، مجدية إلى حد بعيد! ولكن، لأمر ما، قضت المحكمة الدستورية، وقتها، بعدم دستورية تشكيل مجلس الشعب، الذى جرى تشكيله، حسب نظام الانتخاب بالقائمة! وكان لابد من حل المجلس، وبالفعل أصدر الرئيس قرار الحل، وكان ذلك فى عام ١٩٩٠، ومن يومها إلى الآن، تجرى الانتخابات، فى كل مرة، بالنظام الفردى، الذى يكرِّس العصبية، والقبلية، فى كل دائرة انتخابية، ويجعل الولاء من جانب الناخب للنائب الشخص، وليس للحزب، وبرنامج الحزب، كما هو مفترض! ولم تتوقف المطالبات من يومها بعودة نظام القائمة، وكان الرئيس ينصت، فى كل مرة، إلى مثل هذه المطالبات، ويتفهمها، ويبحث عن طريقة للاستجابة لها، دون أن يصطدم مرة أخرى بالمحكمة الدستورية العليا، التى حين حكمت من قبل بعدم دستورية تشكيل المجلس، وفق نظام القائمة، لم تكن، وهى تفعل ذلك، تخذل الرئيس، بقدر ما كانت تتفاعل مع نص فى الدستور، ولا تريد أن تكون فيه مادة مصطدمة بقانون فى الواقع! ولذلك، كان الرئيس حريصاً، حين أجرى تعديلات على الدستور عام ٢٠٠٧، على أن تكون المادة التى اعترضت عليها المحكمة الدستورية من قبل، فيما يخص نظام الانتخاب، من بين المواد التى دخل عليها التعديل، وبعدها، أبدى الرئيس رغبته، من جديد، فى أن يكون الانتخاب بنظام القائمة، فإذا بالخذلان هذه المرة يأتى من داخل بيت الرئيس، وأقصد الحزب الوطنى، الذى التف بعض كبار أسماء النواب فى داخله على رغبة الرئيس، وشوشروا عليها، لا لشىء إلا لأن الأخذ بنظام القائمة سوف يتعارض مع مكانة كل واحد منهم، وهيمنته، وسطوته فى دائرته، وربما مصلحته، ولتذهب مصلحة البلد، كبلد، إلى حيث تشاء! وكم كنا نتمنى لو كانت رغبة مبارك، التى لم يسعفه الحزب فيها، من بين أحلام «جمال» لبلده، وهو يخاطب المصريين، فى برنامج «مصر النهاردة» مساء الخميس! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات