بكين، الصين (CNN) -- الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج الصين لسببين رئيسيين، الأول هو أن الصين يمكنها إحداث تغيير في العالم ما بعد الأزمة المالي، والثاني، وهو الأكثر أهمية، هو أن المصالح الأساسية للصين تأتي منسجمة مع الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالسبب الأول، كتب المستشار في مصرف الصين المركزي، لي داوكوي، يقول إن الصين يمكنها أن تحدث تغييراً في العالم اليوم وغداً، ذلك أنها تعتبر من أكبر الدول المصدرة للبضائع المصنعة في العالم.
ومن الأمثلة على التغيير الذي يمكن أن تحدثه الصين أن أي تغيير في قيمة عملتها "اليوان" يمكن أن تدفع باتجاه تصدير التضخم لديها إلى الدول الأخرى، وهو ما لا تحبذه الأسر والعائلات الأمريكية التي تكافح من أجل الحصول على وظيفة في زمن الأزمة المالية والاقتصادية.
ويوجد في الصين أكبر احتياطي عالمي من العملة، ولديها ما يكفي لرفع أسعار الأسهم في نيويورك أو النزول بها لأسفل درك.
ورغم أنها مازالت في منتصف الطريق نحو التصنيع أو أن تصبح دولة صناعية كبرى، فإن الصين أصبحت أكبر دولة منتجة للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بعد أن اتبعت المنهج الغربي.
كذلك تراقب الدول النامية عن كثب ما تفعله الصين، فإذا نجحت في تحقيق النمو المتوازن والدائم وتحقيق التوازن مع البيئة، فإن العديد من الدول الاقتصادية الناشئة ستتبعها.
ولكن هل هذا يعني أن الولايات المتحدة والدول الغربية فقدت سيطرتها على العالم؟ بالتأكيد لا! فما زال الغرب يتمتع بأعلى مستويات المعيشة في العالم وأفضل الإنجازات التعليمية والأكاديمية، كما أنه يمتلك التكنولوجيا سواء أكانت عسكرية أو مدنية، كما يحتفظ بالقوة العسكرية الرادعة والمنيعة.
لكن الأهم من هذا وذاك أن الغرب ليس "الباني" فحسب، بل و"المحرك" والمحفّز الأكثر مهارة في المؤسسات الدولية الحالية، مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة العشرين، وهي المؤسسات والمنظمات التي شكلها الغرب، كما أن معظم الأخصائيين المهرة في الصين هم غربيون أو تدربوا في الغرب.
لكن على الولايات المتحدة والغرب أن يفهموا أنه في عالم ما بعد الأزمة حالياً، فإن مصالح الصين الأساسية تنسجم وتتسق مع الدول الغربية، فمن مصالح الصين الأساسية أن تساهم في إعادة التوازن للاقتصاد العالمي والمحافظة على السلام والرخاء العالميين.
وفي الأثناء، يتفهم قادة الصين مدى الحاجة لخفض الفائض في الميزان التجاري، الذي يميل لصالح الصين، وذلك من أجل حماية الاقتصاد الدولي، بل وفي الواقع فإن فائض الميزان التجاري الصيني انخفض وللمرة الأولى دون نسبة 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بعد أن بلغ في سنوات سابقة 9 في المائة.
ولا شك أن الجدل حول تعويم عملة الصين يعتبر، بالنسبة للمحلل لي، من أكثر العوامل المقوضة للإنتاجية، مشيراً إلى أنه لن تعمل كعصا الساحر.
ويعتقد المحلل أن الجدل حول قيمة العملة يعتبر المأساة الأكثر حزناً بالنسبة لصناعة السياسات الاقتصادية في عالم ما بعد الأزمة الاقتصادية، وذلك لأن كلاً من الولايات المتحدة والصين يتقاسمان المصلحة الأساسية في إعادة التوازن للتجارة والنمو.
ويعتبر المستشار للمصرف الصيني المركزي أن بكين وواشنطن أشبه بقبطاني سفينتين عملاقتين يقضيان جزء مهماً من وقتهما في الجدل حول أفضل السبل في توجيه الدفة ويتسببان في النهاية في تصادم السفينتين وغرقهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات