بقلم سليمان جودة ٢٧/ ١١/ ٢٠١٠ |
هل يمكن أن يأتى يوم، نرصد فيه على أرض بلدنا، تراجع معدلات الجرائم والمخالفات، أياً كان نوعها وحجمها؟!.. طبعاً ممكن ووارد، بشرط أن يجرى «هنا» ما يجرى «هناك»! أما «هناك»، فهو الولايات المتحدة الأمريكية، التى يرصد المختصون على أرضها، تراجعاً من هذا النوع، منذ فترة، ولم يكونوا يجدون له تفسيرا مباشراً، حتى عثروا أخيراً - وأخيراً جداً - على السبب! اكتشفوا وهم يبحثون عن السر، أن المباحث الفيدرالية الأمريكية - مثلاً - بإمكاناتها الرهيبة فى تتبع المجرمين والمخالفين والقبض عليهم، ليست هى السبب كما قد نتصور، ولا حتى أى جهاز أمنى آخر، من شتى الأجهزة المنتشرة هناك، وإنما كان المواطن الأمريكى ذاته هو البداية الصحيحة، لتراجع المعدلات، يوماً بعد يوم، وقد تبين أن أمريكا إذا كان سكانها الآن ٣٠٠ مليون مواطن، فعندها العدد نفسه، من أفراد الشرطة والأمن، بمعنى أن كل مواطن على مستواه - خصوصاً بعد هجمات ١١ سبتمبر الشهيرة - قد قرر أن يصنع من نفسه شرطياً يبلغ على الفور عن أى مخالفة يراها فى طريقه! وربما لهذا السبب، يستغرب بعضنا حين يكون هناك، أن يرتكب مخالفة مرورية - مثلاً - دون أن يكون فى موقع المخالفة أى رجل مرور، فإذا بهذا الرجل، قد انشقت عنه الأرض، فى لحظة، ليأخذ المخالف ويعاقبه، ولا تفسير لهذا طبعاً، إلا أن مواطناً عادياً قد رآك وأنت تخالف، فأبلغ الشرطة فوراً، فجاءت من حيث لا تتوقع! وبطبيعة الحال، فإن وجود «المحمول» قد جعل المسألة سهلة للغاية، ولم يعد الذى يريد الإبلاغ عن أى مخالفة مضطراً للانتظار حتى يصل إلى بيته، أو إلى أى محل يجد فيه تليفوناً.. بالعكس، إن تليفونه فى يده، وهو جاهز مسبقاً للإبلاغ الفورى عما يراه مخالفاً للقانون، فى أى موقع، كما أن الرقم الذى سوف يتم الإبلاغ من خلاله، محفور فى عقل كل أمريكى، وهو «١١/٩»، أى ١١ سبتمبر الذى تعرض فيه الأمريكان لتلك الهجمات عام ٢٠٠١، فى نيويورك وواشنطن معاً! وبطبيعة الحال، فأنت لن تتوقع، أن يكون الموضوع كله، من أول هذه السطور إلى الآن، إنما هو «نصف المعادلة» ليبقى نصفها الآخر هو الأهم على الإطلاق، وهو النصف الساحر فى المسألة كلها، ودون هذا النصف الأخير، لن يكون للحكاية كلها أى معنى! ذلك أنه من المهم لك، كمواطن، أن تلاحظ مخالفة فى طريقك، ومن المهم أيضاً، أن تقرر الإبلاغ عنها متطوعاً، ومن المهم، للمرة الثالثة، أن تتوقف، ثم تطلب رقم الإسعاف، أو النجدة، أو الطوارئ، أو.. أو.. أياً كان الرقم الذى سوف تطلبه! كل هذا مهم، ولكن الأهم منه، أن تجد على الطرف الآخر، من يرد عليك، ومن يسعفك، ومن يقفز إلى موقع المخالفة فى غمضة عين.. الأهم، إذا كنت أنت المرسل، فى هذه العملية، أن يكون هناك «مستقبل» جاهز ليتلقى رسالتك، أو استغاثتك، ويتفاعل معها فى لحظة! غداً، بإذن الله، سوف نبين، كيف يمكن لنا بحسبة بسيطة، أن نكون على مستواهم هناك فى هذا الاتجاه! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات