بقلم خالد منتصر ١٩/ ١١/ ٢٠١٠ |
أرسل لى موقع «ويب مد»، أشهر المواقع الطبية على الإنترنت، بحثاً بعنوان «الوقاية من الألزهايمر» وهو مقال طريف ومفيد وخال من التقعر الأكاديمى ويفتح الباب أمام الاهتمام بهذا المرض، خاصة فى مجتمع كالمجتمع المصرى يعتبر هؤلاء المرضى كمالة عدد أو خيل حكومة لابد من إطلاق الرصاص عليهم!، مجتمع لا يمنحهم أى اهتمام أو رعاية أو بيوت مؤهلة لاستقبالهم، وأتمنى أن يكون فيلم «زهايمر»، الذى لم أشاهده بعد شرارة البداية فى اهتمام قومى بهذا المرض، الذى أعتبره مرضاً أخطر من السرطان ولا يؤخذ على أنه مجرد سخرية كوميدية. البحث يوصى كل من اقترب من الستين بأن يمارس هواية حل الكلمات المتقاطعة أو لعبة السودوكو للوقاية من الألزهايمر!، نحن دائماً نحمل كراهية وعدم استلطاف واستخفافاً بالكلمات المتقاطعة ودائماً نذكرها كعورة أو وصمة عار لدى الموظف المصرى، الذى يزوغ من شغله ويحل الكلمات المتقاطعة، أخيراً وجدنا للكلمات المتقاطعة فائدة، ولكننا نهمس فى أذن الموظف المصرى المجتهد، برجاء تأجيل الكلمات المتقاطعة لما بعد سن المعاش وعدم حلها فى المصالح الحكومية!. أعتقد أن المقال العلمى كان يقصد تنشيط الذاكرة بمثل هذه الألعاب الذهنية، ولكن المدهش فى المقال أشياء أخرى أو طلبات أخرى ممن هم فى الستين، طلب كاتب المقال منهم أن يتعلموا لغة جديدة أو يتعلموا موسيقى أو يمارسوا نشاطاً ذهنياً جديداً!!، بالطبع سيصرخ المصرى أفندى صرخته المعهودة «بعد ما شاب ودوه الكتاب»!، نحن مؤمنون أشد الإيمان بأن هذه هى سن الراحة والرحرحة، وأن بلاش بهدلة وقلة قيمة، وعندما يشاهد أحدنا سائحاً أجنبياً فى الثمانين هو وزوجته يزوران الأهرام أو معبد الكرنك يسخر منهما قائلاً: «شوف ياخويا الراجل هو ومراته الحيزبونة لسه فيهم نَفَس وعندهم نِفْس يزوروا ويتفسحوا، رجليهم فى القبر وبيلفوا زى النحلة»!!!. يندهش معظمنا من هذا الكلام ولا يتصور نفسه بعد المعاش قاعداً على ديسك فى معهد جوته أو فى إحدى حجرات المركز الثقافى الفرنسى أو الإسبانى يتعلم لغات مع شوية عيال، حاجة تكسف وتحرج وقلة قيمة!!، هذه هى ثقافتنا فى التعامل مع هذه النصيحة الذهبية، التى يقدمها الطب لنا حتى نؤجل شيخوختنا ونقوى ذاكرتنا، سيستنكر أحدكم ما أقوله عن تعلم الموسيقى بعد الستين، بل ربما يشتمنا ويلعننا نحن، الذين نطلب من رجل «كبارة» أو ست محترمة أن يمسك بالعود أو تدندن بالجيتار!، تعلم مهارة جديدة مثل الموسيقى سلوك ينشط أسلاك التواصل وبطارية الذاكرة، نحن نحترم نصائح الميكانيكى عندما ينصحنا قائلاً: «وانت مسافر خلى حد يدور لك العربية علشان البطارية ماتنامش»، ونرفض نصائح الطبيب ونسعى بكل قوة لأن تنام بطاريات تفكيرنا وتكسل وتفقد كل سوائلها وشحناتها الكهربية!. نصحنا كاتب المقال بتنمية مهارات التواصل الاجتماعى ورفض العزلة فى الشيخوخة، كن صديقاً للبهجة ولا تسكن قوقعة الحزن، ارسم حتى ولو كان رسمك شخبطة.. تعلم موسيقى حتى ولو لم تصنع إلا جملة موسيقية واحدة رديئة.. تحدث لغة جديدة ولو بالتهتهة، المهم أن تتمسك بالحياة وتشيد جسر تواصل جديداً بينك وبين البشر، اجعل من نفسك زهرة إن ماتت لا تموت ذابلة، بل تموت وهى تحتفظ بكل ألوانها المبهجة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات