الأقسام الرئيسية

"الخيبة" تخيم على حياة العازبات المغتربات

. . ليست هناك تعليقات:
بين الحرية والإستقلالية والكسب المادي

مروة كريدية من دبي

GMT 2:00:00 2010 الإثنين 29 نوفمبر


لم يقتصر طلب العمل خارج حدود الوطن على الشباب فقط، وإنما طالت الظاهرة الفتيات أيضاً، وباتت الإمارات العربية تليها السعودية ثم الولايات المتحدة وجهة شريحة كبيرة من فتيات الدول العربية، غير أن آراءهن "العاملات والمتطلعات للعمل" أضحت متباينة، في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية مختلفة.


دبي: بات السعي للهجرة بهدف العمل هاجساً لدى شريحة كبيرة من الشباب الساعي لبناء مستقبله المهني، وبعد أن كانت تلك الظاهرة حكراً على الذكور من الشباب العربي، أظهرت الدراسات الحديثة أن نسبة الفتيات الراغبات في الهجرة تجاوزت نسبة الشباب، وشكلت دولة الإمارات الوجهة المفضلة لديهن.

سوق العمل في دبي يجذب فتيات الدول العربية

وأفاد تقرير دوري أعده مؤشر "سيلاتك" للإحصاء مؤخراً، أن 13% من الشابات يرغبن بالعمل بالإمارات في مقابل 8% من الشباب، وجاءت السعودية في المرتبة الثانية بين الوجهات المفضلة لهؤلاء، تلتها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. كما بينت الدراسة أن نسبة 30% من الشباب العربي يفضلون العمل في الخارج على الدوام، إذا أتيحت لهم الفرصة، بغض النظر عن الوجهة التي يقصدونها.

تجارب غير مشجعة

في محاولة لتقديم صورة متكاملة لتلك الظاهرة، استطلعت "إيلاف" آراء شابات جامعيات خارج الإمارات، فأبدين رغبتهن في خوض تجربة الغربة بهدف الإستقلالية والحرية وتحسين الدخل المادي. كما استطلعت تجارب شابات عازبات عاملات في الإمارات فأجمعت غالبيتهن على أنهن خسرن جزءاً كبيراً من حياتهن الإجتماعية والأسرية.

وتبدي علا بدر عبدالاله (20 عاما – مصرية) قلقها على مستقبلها، فهي تدرس الهندسة الميكانيكية وتقول: "أنا قلقة فعلا فماذا يمكنني أن أعمل بشهادتي عقب التخرج إذ أن فرص العمل قليلة جداً، كما أن الشركات تفضل توظيف الشباب في التخصصات المتعلقة بالميكانيكا". وتبدي علا رغبتها في السفر فور تخرجها: "أرغب في الحصول على وظيفة في الخليج خصوصاً، لكن هذا الأمر قد يزعج أهلي بشدة لذلك لن أطرحه عليهم إلا إذا سُدت في وجهي السبل".

تشارك علا في هذا الرأي نورما الياس (24 عاما – لبنانية) فهي خريجة سياحة وفنادق ورغبتها عارمة في البحث عن عمل في فنادق دبي، حيث أرسلت سيرتها الذاتية لعدد كبير من الفنادق العالمية العاملة في الإمارات، وهي لا تزال تنتظر الفرصة لذلك، وتقول: "أنا أعمل حاليا في إدارة أحد المطاعم الراقية في بيروت، ولكن راتبي لا يكفيني شراء الملابس ومستلزمات التجميل، لذلك فإني أسعى للعمل في فندق راق براتب مجزٍ". وتشرح سبب تفضيلها لدبي عن سواها بأنه عائد "للإنفتاح الذي تتحلى به". مؤكدة من جهة أخرى أنها تفضل العمل على الزواج، وأن تستقل بحياتها عن أهلها، وهذا ما ستتيحه لها الغربة.

أما مليكة بن عبدالسلام (27 عاما – مغربية) فهي خريجة صحافة وإعلام، وترى أن المجتمع العربي لا يتقبل فكرة السماح للفتاة العازبة بالسفر من أجل العمل، مشيرة إلى أن غالبية "المغربيات المهاجرات مطلقات أو سبق لهن الزواج". وتؤكد على رغبتها في السفر إلى فرنسا أو بلجيكا للحصول على وظيفة مناسبة، وهي لا تفضل الدول الخليجية لأسباب متعددة تلخصها بأن "الهجرة إلى أوروبا والعمل فيها يمنح الإنسان حقوقاً مدنية واضحة، كالإقامة الدائمة إلا أن "حقوق العمالة في معظم دول الخليج غير واضحة المعالم"، متسائلة عن مصير من أفنى عمره في دول كهذه بعد 40 عاماً من الإقامة والعمل الدؤوب.

وتفضل بثينة الشيخ (21 عاما – سورية) المتخصصة في العلوم الإدارية، العمل في الإمارات كخيار أول لها وتقول: "أفضل العمل في دولة عربية" مشيرة إلى أن "السفر بهدف العمل لا يعني الإقامة الدائمة، وإنما مرحلة يُكوّن بها الإنسان نفسه ليعود إلى بلده". وهي تؤكد أن عائلتها لن تسمح لها بالسفر من أجل الوظيفة ولكنها تسعى أن تقنع "خطيبها" ليسافرا معاً "لتحقيق فرصة جيدة لحياة أفضل".

الغربة سلبت منهن الكثير

تعمل شيرين عبد الحي (34 عاما - مصرية) في دبي كخبيرة تجميل منذ 5 سنوات، وهي تشرح سبب سفرها بالقول: "سافرت للعمل بعدما فاتتني فرصة الزواج وقد قاربت الثلاثين، لذلك قررت تحسين مستوى دخلي المادي بما يضمن لي مستقبلي دون الحاجة للإعتماد على أحد", وتؤكد أن "الغربة صعبة على الإنسان، لا سيما المرأة التي قد تتعرض للمضايقات من جهة، كما تشعر بالملل القاتل والوحدة من جهة أخرى". وتشير إلى أنها لم تجد من يرغب بالزواج الفعلي بها في الغربة، وإنما معظم الشباب يرغبون إما بزواج "عرفي" شكلي، أو علاقة عابرة، وهو أمر ترفضه بشدة.

أما لينا خطاب (35 عاما – لبنانية) فتعمل في العلاقات العامة والإعلان منذ 14 عاماً، وتنصح الفتيات بعدم التسرع والتغرب بهدف العمل وتسرد تجربتها فتقول: "قدمت إلى الإمارات فور تخرجي من الجامعة اللبنانية وكنت سعيدة جدًّا كوني محظوظة بالعمل في الخارج، وسارت الأمور على ما يرام وترقيت في عملي". لكنها تؤكد أن الغربة سرقت منها حياتها "أنا الآن لا أستطيع العودة والعيش مجددا في لبنان، كما أن البقاء في الغربة أمر شبه مستحيل" مشيرة إلى حاجة الإنسان إلى شريك يساعده في الحياة وإلى صديق يدعمه "وهو ما تخسره الفتاة عندما تسافر للعمل" منوهة بأن "معظم الشباب الوافد يفضل العلاقات العابرة على الزواج والمسؤولية، وعندما يقررون الزواج يعودون لأوطانهم لاختيار الزوجة".

من جهتها تقول مها ركاونة (31 عاما – أردنية) وهي تعمل كمنسقة فعاليات منذ 7 سنوات في الإمارات "لا يمكن أن يحظى الإنسان بكل شيء لذلك فإن النجاح المهني وعمل المرأة في القطاعات العامة والظهور التام بالأناقة اللازمة طيلة الوقت يحتم عليها الإستغناء عن فكرة الزواج والإنجاب كما يسلبها حياتها العاطفية الخاصة"، وتضيف "لست نادمة على عدم الزواج فأنا استمتع بحياتي كما هي لأن الغربة تمنح الفتاة شعوراً عارماً بالحرية والثقة بالنفس، وأنا أرى حياتي أفضل من حياة المتزوجات اللواتي أرهقتهن تكاليف تربية الاطفال".

أما نوال التقي (27 عاما- سورية) التي تعمل في إدارة المبيعات في شركة عقارية منذ عامين في الإمارات فتقول: "وجدت صعوبة كبيرة لإقناع أهلي بضرورة السفر من أجل العمل، ولكني كنت أريد أن أحقق ذاتي واستقلاليتي"، مشيرة إلى أنه بعد مرور الوقت والمعاناة التي واجهتها كفتاة والتحديات فإنها الآن "تفضل الإستقرار على الدخل الوظيفي المرتفع".

في المحصلة، فأياّ تكن الآراء، ومهما كانت التداعيات، فإن تغرُب الشابات العازبات بهدف العمل ظاهرة تتزايد في المجتمعات العربية في ظل تنامي معدلات البطالة، وانتشار العنوسة في دول تتغاضى عن مشاريع التنمية الإقتصادية والإجتماعية بينما تغرق بالهموم السياسة حتى النخاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer