تابور (جمهورية التشيك) (رويترز) - بعد أعوام من العمل لساعات طويلة بأجور متدنية يهدد الطبيب التشيكي بتر كليماك بالاستقالة والانضمام الى موجة من الهجرة الجماعية تأخذ الكثيرين الى غرب أوروبا.
ويجني كليماك وآلاف الاطباء غيره في شرق الاتحاد الاوروبي أموالا أقل من أي نجار أو سباك ماهر ويواجهون اجراءات التقشف التي تتخذها الحكومة والتي ستخفض التمويل للرعاية الصحية مما يدفعهم الى البحث عن وظائف أعلى أجرا في الخارج.
وعلى الرغم من أن الرعاية الصحية في المنطقة النامية تحسنت كثيرا منذ سقوط الشيوعية عام 1989 فان الاجور وظروف العمل من البلطيق الى البلقان لا تقارن بتلك الموجودة في المانيا او بريطانيا.
والان قد تؤدي هجرة عدد متزايد من الاطباء من المنطقة الى اغلاق مستشفيات وتقويض الدعم للحكومات التي أثار خفضها للانفاق على الادارة العامة والرعاية الصحية موجة غضب شعبي.
وقال كليماك طبيب الانف والاذن والحنجرة في بلدة كلادنو الصناعية الى الشمال من العاصمة التشيكية "راتبي كاستشاري يتراوح بين 250 و300 كرونة (10 الى 12 يورو) في الساعة أي أقل من عامل ماهر."
وأضاف "اذا لم يحدث شيء هنا سأستقيل وأرحل الى المانيا على الارجح."
وبينما تسعى حكومة يمين الوسط التشيكية الجديدة الى تطبيق اجراءات للتقشف سيتأثر بها قطاع الصحة الذي تديره الدولة يخشى كليماك وغيره من الاطباء أن يذهب نضالهم الذي استمر لسنوات من أجل رفع رواتبهم هباء.
وتوعد هو ونحو 3500 طبيب اي اكثر من خمس مجمل الاطباء في المستشفيات الحكومية هنا بالرحيل بحلول نهاية العام اذا لم تزد رواتبهم.
وهم ليسوا وحدهم. فقد ظهرت شكاوى مماثلة في غير التشيك من دول شرق الاتحاد الاوروبي الشيوعية سابقا وتتزامن مع مسعى في دول الاتحاد المتقدمة الى جذب المزيد من المتخصصين.
ويقول محللون ان الانهيار الفوري هو احتمال ضئيل لكن النزوح الكبير للاطباء والاغلاق المحتمل للمستشفيات سيضر بالاحزاب الحاكمة في أنحاء المنطقة لان الناس يشعرون على الفور بأي خفض في الانفاق الحكومي على قطاع الرعاية الصحية.
وقال جان كوباتشيك المحلل السياسي بجامعة تشارلز في براج " سيصيب هذا الناس بقلق شديد ويسبب أجواء مزعجة من المؤكد أنها ستؤثر على الخيارات السياسية.
"الطبيب والممرضة رموز تمس كل شخص."
وفي العام الماضي أسهم فرض رسوم قدرها يورو وهو ما يعادل ثمن تذكرة للترام في اسقاط الحكومة التشيكية السابقة لان المرضى احتجوا على دفع مقابل للرعاية الصحية التي كانت مجانية تماما.
وتحسنت الرعاية الصحية التشيكية بشكل لا بأس به منذ سقوط الشيوعية قبل 20 عاما. ويتباهى التشيك بان لديهم افضل رعاية في المنطقة تفوق البرتغال واسبانيا وتضاهي بريطانيا وايطاليا وفقا لما تقوله مؤسسة (هيلث كونسيومر باورهاوس) البحثية التي تراقب أنظمة الرعاية الصحية في 35 دولة.
لكن متوسط الرواتب يبلغ نحو 45 الف كرونة شهريا (1834 يورو) ويمكن أن يصل عدد ساعات العمل الى 80 ساعة في الاسبوع. ورحل مئات الاطباء التشيك الى بريطانيا او المانيا حيث يستطيع حديثو التخرج كسب أربعة الاف يورو في الشهر وهو ما يعادل خمسة أمثال الاجر في التشيك.
والان تعتزم حكومة يمين الوسط بقيادة رئيس الوزراء بيتر نيتساس خفض اجمالي فاتورة اجور القطاع العام بنسبة عشرة في المئة.
وأدت الخطوة الى مظاهرات شعبية وأسهمت في تحقيق الحزب المدني الديمقراطي نتائج أسوأ من المتوقع في انتخابات بلدية جرت هذا الشهر. كما شاركت في هبوط شعبية الاحزاب الحاكمة الثلاثة الى أقل من 50 في المئة في استطلاع للرأي جرى مؤخرا.
وتعهد نيتساس بعدم المساس برواتب الاطباء لكن خفضا متوقعا لميزانية الرعاية الصحية بما بين خمسة وسبعة في المئة العام القادم أثار غضب الاطباء الذين انتظروا عشرات السنين لتحسين أجورهم.
وقال بافل فافرا منظم حملة لجمع التوقيعات أطلق عليها اسم "شكرا نحن راحلون" انه مستعد للرحيل.
وأضاف فافرا (37 عاما) الذي يقود سيارة اسعاف عمرها عقود في أنحاء البلاد بصحبة أطباء اخرين لحشد التأييد لقضيتهم "لا أريد أن يعرفني ابني من الصور فقط وهو الاحتمال المرجح في ظل عملي لساعات اضافية."
وليس أطباء التشيك فقط هم الذين يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم.
ففي استونيا دفع خفض الميزانية على مدى سنوات اكثر من 100 طبيب الى مغادرة البلاد البالغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة الى السويد وفنلندا وبريطانيا والمانيا.
وفي رومانيا ثاني أفقر دولة في الاتحاد الاوروبي خفضت الحكومة الاجور العامة بنسبة 25 في المئة تجنبا لازمة اقتصادية.
وقال ماريوس بتكو رئيس نقابة قطاع الصحة الروماني "منذ عام 2007 رحل نحو ثلاثة الاف طبيب وثمانية الاف ممرضة لدول أخرى بسبب انخفاض الاجور وظروف العمل السيئة.
"اذا استمر هذا أتوقع أنه بحلول نهاية العام القادم لن تستطيع رومانيا توفير خدمات طبية للجماهير."
من رومان جازديك وروبرت مويلر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات