الأقسام الرئيسية

افغانستان افضل تعـبـير عن العجز الاميركي

. . ليست هناك تعليقات:
من 'الحرب على الارهاب' بهدف اجتثاثه من جذوره والوصول الى رأس اسامة بن لادن، الى البحث عن طريقة للتفاهم مع 'طالبان'، اجتازت الولايات المتحدة مسافة طويلة في اتجاه تراجع هيبتها على المستوى العالمي.

ميدل ايست أونلاين
بقلم: خيرالله خيرالله


دخلت الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ومعها حلف شمال الاطلسي في افغانستان سنتها العاشرة. بدأت تلك الحرب في تشرين الاول/اكتوبر من العام 2001 بعد سلسلة العمليات الارهابية التي نفذها تنظيم "القاعدة" في الحادي عشر من ايلول/سبتمبر من تلك السنة بواسطة طائرات مدنية استخدمت لمهاجمة اهداف مدنية وعسكرية، بينها برج التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع (البنتاغون) في كل من نيويورك وواشنطن. سمت "القاعدة" عملياتها الارهابية بـ"غزوة نيويورك وواشنطن". كانت النتيجة غزوة اميركية بدعم بريطاني، واطلسي لاحقا، لافغانستان ادت الى اسقاط نظام "طالبان". سقط نظام "طالبان" لكن "طالبان" لم تسقط بل ان كل ما يمكن قوله مع دخول الحرب الافغانية سنتها العاشرة ان الحركة استطاعت ان تثبت اليوم انها اقوى من اي وقت وان كل ما في استطاعة الولايات المتحدة وحلفائها عمله هو ايجاد صيغة للتفاهم معها في شأن مستقبل افغانستان. ثمة سعي الى مثل هذا التفاهم من دون الحصول على ضمانات بان البلد لن يعود ملاذا آمنا لـ"القاعدة" والحركات المتطرفة المنبثقة عنها التي توسع انتشارها في مختلف انحاء العالم.

ما الذي في استطاعة الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي عمله الآن في افغانستان؟ قبل كل شيء، كان مفيدا توقف ادارة اوباما عن استخدام تعبير "الحرب على الارهاب" الذي شكل غطاء للحملة العسكرية في افغانستان. ان العودة عن الخطأ فضيلة، خصوصا متى صار همّ الاميركيين محصورا في البحث عن طريقة للتفاهم مع "طالبان" وتأمين مخرج لجيشهم من افغانستان. هناك ضغط مزدوج على الادارة الاميركية في هذا الايام. مصدر هذا الضغط الداخل الاميركي اوَلا حيث لم تعد هناك قناعة بجدوى الوجود العسكري في افغانستان ... ثمّ الحلفاء، على رأسهم بريطانيا التي يدرك رئيس الوزراء فيها ديفيد كاميرون ان الحرب تستنزف الاقتصاد البريطاني والقوى البشرية في الجيش.

من "الحرب على الارهاب" بهدف اجتثاثه من جذوره والوصول الى رأس اسامة بن لادن، الى البحث عن طريقة للتفاهم مع "طالبان"، اجتازت الولايات المتحدة مسافة طويلة في اتجاه تراجع هيبتها على المستوى العالمي. من يتحمل مسؤولية هذا التراجع الكبير الذي افضى الى خلل كبير انسحب على الدور الذي يفترض ان تلعبه القوة العظمى الوحيدة في العالم؟ الجواب، ان في اساس المأزق الاميركي في افغانستان القرار القاضي بالذهاب الى العراق في السنة 2003 وذلك قبل لستكمال الجيش الاميركي للمهمة الملقاة على عاتقه. بين سذاجة جورج بوش الابن ذات الطابع العدواني وسذاجة باراك اوباما ذات الطابع المسالم، ضاعت كل الجهود التي بذلها الاميركيون في افغانستان. الى الآن لا يزال هناك سؤال من دون جواب: لماذا حرب العراق ولماذا المزج بين العراق و"الحرب على الارهاب". لا يختلف اثنان على ان الشعب العراقي والمنطقة كانا في حاجة الى التخلص من النظام العائلي- البعثي لصدّام حسين الذي قضى على النسيج الاجتماعي للبلد واستنزف العراق ودول المنطقة. هذا شيء وفتح جبهة اخرى قبل الانتهاء من افغانستان شيء آخر.

مع دخول الحرب في افغانستان سنتها العاشرة، تدفع الولايات المتحدة ثمن الخطأ العراقي. لدى رفع شعار "الحرب على الارهاب" والسعي في الوقت ذاته الى اجتثاثه من جذوره، لا يعود مكان للسذاجة السياسية التي بلغت حد خوض الحرب في افغانستان لاسقاط "طالبان" وتجاهل ان للحركة حديقة خلفية اسمها باكستان. تبدو اليوم الحرب في افغانستان حربا طويلة، اللهم الا اذا كان المطلوب حصول انسحاب عسكري اميركي واطلسي في المستقبل القريب وتأمين عودة "طالبان" الى السلطة في كابول. لقد فشلت السياسة الاميركية على كل المستويات. فشلت خصوصا عندما اعتقد القيمون عليها ان في استطاعتهم الاستعانة بحامد كرزاي وتكليفه اعادة بناء مؤسسات الدولة. ليس كافيا ان يكون كرزاي من قبائل البشتون التي في اساس قوة "طالبان" كي ينجح في مهمته. وليس كافيا اغراق عسكر باكستان بالمساعدات كي يضمن الاميركيون دعمهم في "الحرب على الارهاب". ان باكستان تحولت منذ وصول الجنرال ضياء الحق الى السلطة في العام 1977 الى دولة تدعم التطرف عبر مؤسساتها الرسمية والبرنامج التعليمي فيها. لم تكن الولايات المتحدة نفسها بعيدة عن هذا التوجه، بل دعمته بشكل مفضوح منذ العام 1980 عندما تورط السوفيات في عسكريا في افغانستان.

في السنة 2010، لم تعد المسألة مسألة فشل اميركي في افغانستان فقط. يمكن لهذا الفشل ان تكون له تداعيات على صعيد الكرة الارضية كلها. لم تعد الولايات المتحدة القوة التي لا تقهر التي استطاعت الخروج منتصرة من الحرب الباردة. هناك عودة الى تلك الايام التي كانت السياسة الاميركية سياسة حائرة بسبب حرب فيتنام. هناك نوع من الاستخفاف بالولايات المتحدة وبقدرتها على فرض رأيها في اماكن يفترض فيها ان تكون صاحبة الكلمة والاخيرة. فالعراق على سبيل المثال وليس الحصر من دون حكومة منذ ما يزيد على سبعة اشهر على الرغم من كل الضغوط التي مارستها واشنطن من اجل تفادي الفراغ فيه. لا شك ان اميركا اسقطت النظام الذي كان في بغداد. ولكن ما هو اكيد اكثر ان اللعبة السياسية في البلد خرجت كليا من يديها.

في تشرين الاول/اكتوبر 2001، احتاجت القوات الاميركية بضعة اسابيع لقلب نظام "طالبان". في تشرين الاول/اكتوبر 2010 تبحث واشنطن عن صيغة للتفاهم مع الحركة. انها مسافة تختصرعجز القوة العظمى الوحيدة في العالم عن ان تكون قوة عظمى.

خيرالله خيرالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer