الأقسام الرئيسية

ليبيا بين البرق الخاطف والوهم المتبدد!

. . ليست هناك تعليقات:
Reuters
 يزداد المشهد الليبي ضبابية وتعقيدا مرحلة بعد الأخرى، ومع ذلك يدفع معظم الفرقاء بالأمور في اتجاه الصدام من دون أي بوادر لتسوية حقيقية توقف على الأقل حالة الانهيار المتواصلة. 
 عملية البرق الخاطف، حجر آخر زاد من تعكير صفو المياه بين الفرقاء الليبيين شرقا وغربا، ووصلت تداعيات موجاته المتتالية إلى خارج الحدود ببيان الولايات المتحدة والدول الأوروبية الخمس المندد بسيطرة قوات حفتر على 3 موانئ بالهلال النفطي في عملية عسكرية خاطفة صباح الأحد 11 سبتمبر/أيلول، والمطالبة بالانسحاب الفوري من هناك.
تلك النقلة خلطت الأوراق من جديد، وأظهرت حفتر، بمثابة طرف عنيد يصعب ترويضه أو التكهن بما يمكن أن يفعل، خاصة أنه يتصرف بحرية من دون أن يربط نفسه بحبال اتفاق الصخيرات التي يمسك بها في سكون مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، من دون أن يتمكن من الانتقال بها إلى حالة الحركة.
من هذا المنطلق يمكن تبرير انفعال المسؤول الأممي وشكواه في مجلس الأمن مؤخرا من أنه سعى مرارا من دون جدوى لـ"التواصل" مع حفتر بهدف تشجيعه على الحوار.
وبالعودة إلى البيان السداسي، من غير المفهوم ماذا تريد هذه الدول، هل تطلب من حفتر إرجاع موانئ النفط لقوات إبراهيم الجظران، المسماة حرس المنشآت النفطية أم لجهة أخرى لم تسمها؟
والجدير بالذكر أن الجظران الذي ينتمي لقبيلة المغاربة الكبيرة كان قد برز في الفوضى التي لا تزال تضرب البلاد منذ عام 2011 بعد الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، وأسس في عام 2013 ما يعرف بالمكتب السياسي لإقليم برقة والذي طالب أعضاؤه بإقامة نظام فدرالي واقتسام الثروة مع طرابلس، وذهبت شخصيات من هذا التيار بعيدا بالدعوة إلى الانفصال.
ولم يكتف الجظران بذلك إذ انبثقت عن المكتب السياسي لإقليم برقة حكومة ترفدها قوات سيطرت على موانئ النفط في منطقة الهلال النفطي وأوقفت تصدير النفط وطالبت مرارا الحكومة المركزية التي ترأسها آنذاك علي زيدان بأموال بمئات الملايين كمرتبات لنحو 20 ألف منتسب قيل إنهم من منتسبي حرس المنشآت النفطية.
وفي مارس من عام 2014، تحدت هذه المليشيات القبلية الحكومة وقامت بشحن ناقلة نفط تحمل علم كوريا الشمالية في ميناء السدرة بحمولة 234 ألف برميل من النفط الخام، وتسببت الواقعة في الإطاحة بحكومة علي زيدان وتعيين بدلا عنه عبد الله الثني الذي لا يزال يتولى رئاسة الحكومة الانتقالية في طبرق حتى الآن.
إلا ان سفن الأسطول السادس الأمريكي تدخلت بعد أن تمكنت الناقلة من الإفلات من البحرية الليبية ومغادرة المياه الإقليمية، حيث أوقفتها قرب جزيرة قبرص وساقتها إلى قاعدة طرابلس البحرية وسلمتها للسلطات الليبية.
وأعلن حينها نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام عن قرار بتشكيل قوة "مشتركة من كتائب الثوار ووحدات الجيش" لانتزاع موانئ النفط من قبضة الجظران في غضون أسبوع، إلا أن القرار لم يدخل حيز التنفيذ بتاتا.
وبقي الجظران سيدا لموانئ التصدير في منطقة الهلال النفطي حتى نهاية الأسبوع الماضي، وقبلها بمدة وبهدف كبح جماح خصمه اللدود حفتر فيما يبدو، أعلن ولاءه لحكومة الوفاق الوطني التي لم تنل ثقة البرلمان حتى الآن، إلا أن خصمه تمكن في ضربة سريعة من إزاحته عن عرش الموانئ النفطية، ما دفعه عبر قنوات تلفزيونية إلى الإعلان عن عملية مضادة لاسترداد ما فقد تحت اسم عملية "الوهم المتبدد"، وتوعد في رسالة مرئية أمام عدد من سيارات التايوتا المسلحة بتلقين حفتر وجماعته درسا لا ينسى لكن لا مستجدات بهذا الشأن حتى الآن.
وهكذا، تواصل ليبيا ترنحها وهي تتعايش مع أزمات تتكاثر، إلا أن استعادة المؤسسة الوطنية للنفط سيطرتها على الموانئ رسميا، تبث بعض الأمل في أن تستقيم الأمور عن اعوجاجها، وتسير في اتجاه المصالحة والتسوية وتستعيد البلاد عافيتها التي فقدتها بشكل خطير، لكن يبقى هذا التفاؤل مرهونا بمدى وعي الفرقاء وقدرتهم على اتخاذ قرارات قاسية تطال مصالحهم وطموحاتهم وتغلب المصلحة العامة الغائبة تماما.
محمد الطاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer