عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع
منذ سنوات خلت وإلى اليوم يمكننا القول إن هناك علاقة قوية بين الإعلام والإرهاب، فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر لا تكاد تخلو مطبوعة أو قناة أو محطة إذاعية من نشر وبث أخبار لها علاقة بالإرهاب ومن يقف وراءه من بعيد أو قريب، ناهيك عن أخبار ربما أكثر حجماً نراها كل لحظة في وسائل التواصل الاجتماعي بكل وسائله. ومنذ ذلك التاريخ ازدادت المساحة الإعلامية الإخبارية فرأينا المزيد من القنوات المتخصصة والبرامج التحليلية والحوارية. هذه الحقيقة تثير لدينا تساؤلا صعباً ومعقداً عن ماهية هذه الأخبار واتساع الدائرة الإعلامية، ومن المستفيد من بثها والترويج لها، وهل هو الإرهاب أو تطلعات جمهور الرأي العام.
عند وقوع أي حادث إرهابي في أي بقعة في العالم تتهافت كل وسائل الإعلام على التغطية الخبرية والتحليلية، وتسعى كل واحدة منها للحصول على التميز في السبق والحصرية في المعلومات أو جزء منها. في هذه الحالة نحن أمام توجهين يرتبط أحدهما بالرأي العام وحق الجمهور المعرفي عن ما يدور حواليه، والآخر مرتبط بما يسعى إليه من هو وراء العملية الإرهابية تخطيطاً وتنفيذاً. أمام هذا الواقع نتساءل: هل تخدم وسائل الإعلام الرأي العام عندما تغطي أخبار الإرهاب، أم أنها تروج للإرهاب وتلمع أتباعه؟
الإرهابيون بلا شك يسعون مع كل عملية يقومون بها إلى تحقيق عدة أهداف غير تكريس فكرهم الإرهابي ومعتقداتهم الضالة. هم يسعون عبر وسائل الإعلام والتواصل إلى لفت الانتباه إليهم وكسب التعاطف معهم من خلال تنفيذ عمليات تثير غريزة حب الاستطلاع وطلب المعرفة لدى جمهور المتلقين حول: ماذا حصل، وكيف، ولماذا، ومن الذي قُتل، وكم عددهم.. الخ. عقب كل عملية نراهم يصدرون بيانات مكتوبة، أو يتلوها أحدهم صوتاً وصورة لتأكيد الإعلان عن توجهاتهم وأهدافهم والسعي لكسب مزيد من المنتمين لفكرهم.
في الجانب الآخر لو افترضنا أن وسائل الإعلام والتواصل تجاهلت تغطية أي حادث إرهابي وكأنه لم يكن، فمثل هذا الإجراء سيشكل دون شك عامل ضغط كبير على الإرهابيين الذين يدركون تماماً الدور المهم الذي يعولون عليه في وسائل الإعلام والتواصل لخدمة توجهاتهم وتحقيق أهدافهم. ولكن الإشكالية هنا أن وسائل الإعلام والتواصل لا يمكنها أن تقف موقف المتفرج وهي ترى أن من حق المجتمع معرفة كل ما يدور حواليه دون التعمق والخوض في ماهية الأهداف أو الأشخاص.
العلاقة بين الإعلام والإرهاب ستبقى ذات أبعاد متعددة تحيط بها العوائق والتعقيدات من كل جانب. هناك واجبات وانتماءات وطنية واجتماعية، وهناك مطالب إخبارية ومعرفية، وهناك أهداف تجارية وصراع على التنافس وكسب جمهور المتلقين، ومع كل هذه الاعتبارات تبرز دور مسؤولي الاعلام في ضرورة تسيير دفة السفينة باتجاه شاطئ الأمان بالتعامل مع الارهاب وشؤونه بالكثير من الحيطة والحذر وتوحيد الجهود. المطالبة بحرية الإعلام والطاعة العمياء لمطالب حق المرء في المعرفة لها حدود تنتهي عندما تصطدم بسلامة المجتمع وأمنه وحماية فكره، ولعل دول مجلس التعاون تكون الرائدة في هذا المجال بما لديها من توحد في الأهداف والمصالح ومعاناة من الإرهاب وتهديداته لدولها ومواطنيها.
- See more at: http://elaph.com/Web/NewsPapers/2016/3/1077467.html#sthash.DocyAbMa.dpuf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات