الأقسام الرئيسية

الإعلام الغارق فى المحلية

. . ليست هناك تعليقات:


نشر فى : الأحد 27 مارس 2016 - 10:25 م | آخر تحديث : الأحد 27 مارس 2016 - 10:25 م
أحد أسباب مشاكلنا الرئيسية ــ وما أكثرها ـــ أن غالبية مسئولينا وإعلاميينا ومثقفينا لا تنشغل بمعرفة ماذا يجرى فى العالم من أحداث وتطورات. هؤلاء لا يكلفون أنفسهم قراءة أى صحيفة عربية أو أجنبية تقدم تغطية حقيقية لما يحدث حولنا سواء فى المنطقة أو الإقليم أو بقية العالم.

المسئول أو الإعلامى، ولأنه لا يقرأ فهو يعتقد أننا نعيش بمفردنا على هذا الكوكب، وإذا وجد بشرا آخرين فهم لخدمتنا فقط!!.

للأمانة فإن هذه الظاهرة ليست مقصورة على مصر فقط لكنها منتشرة فى بلدان عربية كثيرة، وفى العالم الثالث المتخلف أيضا. فى هذه البلدان تخصص الصحف الموالية للحكومات معظم صفحاتها للملك أو الأمير أو الشيخ أو الرئيس وبقية المسئولين، ثم لمشروعات الحكومة، مستخدمة «أفعل التفضيل» فى وصف كل مشروع، فهذا أطول برج، وأعمق بحيرة، وأعرض جسر، وأفضل أداء...!

عدم معرفة ما يحدث فى الخارج يجعل الإعلاميين يتصورون أن الحياة تبدأ وتنتهى فى مصر.

وإذا قرأوا بعض الصحف أو طالعوا فضائيات أجنبية فلكى يثبتوا فقط أن هناك مؤامرة تحاك ضد مصر ليل نهار، أو لاصطياد خبر من هنا أو هناك للتدليل على أن ما يحدث عندنا من أخطاء يتكرر فى كل مكان.

لو أن أى إعلامى من الذين يمارسون الصراخ والسب والقذف ليل نهار فى خلق الله و«عمال على بطال»، قرأ أى صحيفة جادة تصدر فى أى مكان فى العالم، لأدرك أننا بلد مثل بلدان كثيرة، ولسنا وحدنا فى هذا العالم. سوف يدرك أننا فعلا بلد صاحب حضارة عريقة، لكننا صرنا فى وضع صعب نتيجة أسباب وتراكمات كثيرة.

الحقائق على الأرض تقول إننا نستهلك أكثر مما ننتج، ونستورد أكثر مما نصدر، ونعتمد على الخارج فى معظم استهلاكنا من الغذاء والدواء والسلاح وحتى السلع الكمالية المستفزة.

نحن دولة تعتمد على مساعدات الآخرين من الأشقاء العرب إلى أوروبا والولايات المتحدة ومؤسسات تمويل دولية متنوعة، وبالتالى فهذا يحتم علينا أن نتواضع قليلا، حتى نقف على أقدامنا ووقتها يمكننا أن «نتعنطز» على الآخرين كما نشاء.

بعض الإعلام فى مصر يقوم بعملية إغراق منظم للبلاد، حينما لا يخبر الناس بحقيقة وضعنا ووضع الآخرين من حولنا.

أغلبنا ــ على سبيل المثال ــ لا يعرف ماذا يحدث فى ليبيا أو اليمن أو سوريا أو العراق، رغم أن التطورات فى هذه البلدان هى فى صميم الأمن القومى لمصر، وإذا عرفنا فلا ندرك فهمه فى السياق العام. قد نقرأ عناوين سريعة، لكنها ليست معمقة.
انظروا إلى المساحات المخصصة فى الصحف والفضائيات المصرية للأحداث فى العالم.

سوف تتفاجأون أن معظم الصحف بها صفحة واحدة لكل ما يحدث فى الخارج، وأحيانا يتم إلغاؤها إذا كان هناك حدث محلى كبير.

فى الماضى كانت الصحف المصرية أكثر اهتماما بالشأن العربى والدولى، لكننا الآن نغرق فى المحلية، وكأننا دولة عظمى لا يشغلنا ما يحدث خارجها!!.

قد يسأل سائل: وما هى فائدة الاطلاع على ما يحدث فى الخارج؟ والإجابة ببساطة أنها «تعرفنا قيمتنا» وتوفر لنا معرفة أننا لسنا وحدنا فى الدنيا، وهناك آخرون وأن العالم سوف يهتم بنا ويحترمنا عندما نكون أقوياء ومستقرين.

هذا التسطيح والتجهيل الذى يمارسه بعض الإعلام المصرى للمشاهدين والقراء يجعل غالبية المصريين مهيئين لتصديق أى شىء وأكثر تقبلا لفكرة ونظرية المؤامرة، وأن العالم بأكمله يتآمر علينا، ليل نهار.

نحن جزء من العالم، ولا نعيش فى جزيرة منعزلة، وأوضاعنا صعبة، لكنها ليست مستحيلة على الحل، إذا فكرنا وخططنا جيدا أو اطلعنا على ما يحدث فى العالم وطبقنا الأفكار الصحيحة الناجحة. أما الإصرار على المنطق السائد ومخاصمة القراءة والاطلاع والمعرفة فسوف توردنا موارد التهلكة لا قدر الله.

فاتعظوا يا أولى الألباب.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer