الأقسام الرئيسية

مَنْ يتحالف مع الفلول: الإخوان أم الثوار؟

. . ليست هناك تعليقات:
First Published: 2012-12-09


 
نريد أن يسود شرع الله بدعوة إسلامية خالصة للناس عامة خالصة لوجه الله وليس دعوة سياسية بغلاف إسلامي تعمل على خصخصة الدين لصالح فصيل معين يريد أن يسيطر باسم الدين ويمارس الفاشية.
 
ميدل ايست أونلاين

بقلم: د.يحيى القزاز

كنت في طليعة 8 مليون مصري- من غير جماعة الإخوان- وقفنا مع إنتخاب مرسي رئيسا لجمهورية ما بعد ثورة 25 يناير ضد الجنرال أحمد شفيق أحد رموز دولة "مبارك" الاستبدادية. كان الاختيار صعبا ومرا واخترنا "النار ولا العار" من أجل تأسيس دولة ديمقراطية قوية حتى وإن اختلفنا مع رئيسها، وإذا به وعندما تسلم مقاليد الحكم انحاز إلى سابق عهد الجماعة وتحالف مع فلول النظام القديم وكون وزارته برئاسة د.هشام قنديل واختار رجال أعمال من نظام "مبارك" شركاء له في الاستثمار (اصطحب بعضهم في زيارته للصين).
صرح بأنه مع الشرعية القانونية ولن يُقدم الدستور الجديد للاستفتاء عليه إلا بعد توافق عام. فجأة قام بانقلاب دستوري (إعلان دستوري في أواخر نوفمبر 2012) حصن به قراراته وكأنه الإله الذي لا يُسأل عما يفعل، وحدد موعدا للاستفتاء على الدستور بدون توافق عام وانحاز إلى جماعته وبدلا من أن يصير رئيسا لجمهورية مصر العربية صار شيخا لقبيلة الإخوان، واستدعي ميليشيات الإخوان لحمايته في مقر المشيخة بقصر الاتحادية. نشبت معارك بدعاوي حماية شرعية شيخ القبيلة وقُتل شباب من خيرة شباب مصر بسبب احتجاجهم على سياسة شيخ القبيلة. ادعت قبيلة الإخوان أن جميع القتلى من قبيلتهم، وكأن قبيلة الإخوان صارت جنسية مثبتة في بطاقة الهوية للمواطن، ومن الاطلاع عليها يعرف أن هذا إخواني وذاك مصري.
إنه التقسيم الطائفي في أسوأ مظاهره. هؤلاء مصريون دمهم حرام على بعضهم البعض، ونحن ندين القتل ولا نفرق بين أي منهم، جميعهم أبناؤنا ونتألم ونبكي دما على فراقهم، فهم سواعد مستقبل هذا الوطن، وهم القوة الضاربة في وجه العدو الصهيوأميركي.
أنظروا حتى في الموت يفرقون بين أبناء الوطن الواحد، هل هؤلاء يؤتمنون على إدارة وطن؟ وهل هم حريصون على وحدة أبنائه؟ كيف لعاقل أن يفرق بين إخواني وغير إخواني عند الموت؟ هل الإخوانية جنس أم وطن أم أيدلوجية سياسية لحكم الدولة؟ وبغض النظر عن جنسية الموتى فمن السبب في الاقتتال؟! أليس هو السيد الرئيس مرسي! ما الفرق بينه وبين مبارك أو المجلس العسكري القاتل؟ كلهم قتلة وتجب محاكمتهم بتهمة الخيانة والقتل.
وعندما تورطوا في قتل الإبرياء المناهضين لاستبداد شيخ القبيلة ادعوا أن جميع القتلى من "الإخوان"، واتهموا الثوار بالتحالف مع الفلول، ودعوا لحوار الطرشان، واشترطوا ابعاد الفلول، ولا نعرف عن أي فلول يتحدثون؟! وهم أول من تحالفوا مع الفلول منذ أن كانت الفلول أصولا في السلطة –قبل ثورة يناير 2011- وقبل ان يصبحوا فلولا بعد الثورة، ونذكر منها وهو موثق ما قاله المرشد السابق لجماعة "الإخوان" مهدي عاكف لمجلة اخر ساعة في 20/7/2005 "نؤيد ترشيح الرئيس مبارك وأتمنى الجلوس معه"، وما قاله د.عبدالحميد الغزالي مستشار مرشد الإخوان لصحيفة المصري اليوم بتاريخ 29-10-2009 "نعم عقدنا صفقات مع الأمن في 2005 لكن النظام نقضها"، وما ذكره د. محمد مرسي مسئول لجنة الانتخابات في الإخوان آنذاك (رئيس الجمهورية الحالي) في جريدة المصري اليوم بتاريخ 25-11-2010 "ننسق في دوائر مع الوطني.. ولدينا تفاهمات مع الامن ورفضنا الدفع بمرشحين أمام عزمي وغالي وعلام وأبو النجا احتراما لهم كرموز للوطن". هذا هو حالهم قبل الثورة يعقدون الصفقات وينسقون مع الفاسدين والمستبدين، ويتهمون غيرهم بالتنسيق مع فلول النظام البائد.
ليت هذا فحسب بل امتد التنسيق والتواطؤ منذ قيام ثورة 25 يناير مع مجلس مبارك العسكري، وأبرزها الاستفتاء على إعلان دستوري مزور (ادعى الإخوان وحلفاؤهم بأنه استفتاء على شرعية إعلان 19 مارس 2011 وهو إعلان مزور بدأ بالاستفتاء على 8 مواد وأضاف له المجلس العسكري 54 مادة ليصبح إعلانا من 62 مادة) اختطفوا بموجبه الثورة.
نوع من التدليس غير مسبوق، وهو ما تدفع مصر ثمنه الآن، وبدلا من أن تكون لنا دولة مستقرة على أساس دستوري أصبح لنا دولة معلقة تترنح في يد الجماعة بغير أساس دستوري. تواطئوا مع الفلول (مجلس مبارك العسكري) لإجراء انتخابات برلمانية والمجلس العسكري يقتل المصريين أمام "ماسبيرو" وفي شارع محمد محمود، ويتهمون الثوار الرافضين لظلم مجلس مبارك العسكري بالبلطجية الذين يعطلون الانتخابات الديمقراطية. رفض الثوار وزارة د.كمال الجنزوري ودفعوا ثمن رفضهم من أرواحهم شهداء أمام مجلس الوزراء وفي شارع القصر العيني، بينما باركها جماعة الإخوان وزكاها مرشدهم د. بديع بقوله إنه "اختيار موفق" ثم اختلف الإخوان بعد ذلك مع وزارة الجنزوري والمجلس العسكري واعترفوا بخطئهم بعد فوات الأوان. تجدهم دائما أينما توجد مصلحتهم، ومصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الوطن. التقوا الجنرال شفيق بعد إزاحة نظام مبارك بثورة 25 يناير واعترفوا بلقائه وبرروه بأنه كان قبل الانتخابات الرئاسية أي أن شفيق كان قبل الانتخابات لا ينتمي للفلول ولا للثورة المضادة.. كلام غريب. تحالفوا مع شفيق واتفقوا معه سرا واليوم يتهمونه.. يا سبحان الله.. اسألوا حسن مالك ماذا كان يصنع مع شفيق؟
قبلوا مشاركة رموز النظام السابق الانتخابات الرئاسية من أمثال عمرو موسى واحمد شفيق وأعلنوا صراحة أنهم سيقبلون بمن يجيء به صندوق الانتخابات، وفي هذا اعتراف منهم بعدم انتماء هؤلاء إلى نظام مبارك بينما نحن أعلنا رفضنا لهما وعدم اعترافنا بشرعية أي منهما حتى لو جاء به صندوق الانتخابات رئيسا.
كنا مع الموقف المبدئي والثورة، وكانوا دوما مع المصلحة. قاموا بإقصاء الصحفي جمال عبدالرحيم من رئاسة تحرير الجمهورية لأنه نشر خبرا عن محاكمة رموز المجلس العسكري التابع لنظام مبارك، واعتذر رئيس الدولة د.مرسي بلغة مهذبة لرجال مبارك بأنه تربطه بهم علاقة طيبة خوفا من انقلابهم عليه، ومازال يسترضيهم، وقام بتكريمهم بالأنواط والنياشين وإطلاق اسم المشير على محور يسمى محور المشير طنطاوي تبدأ الإشارة إليه قبل موقعه بأكثر من خمسة كيلومترات تحت سمع وبصر الجميع، تشير إليه إشارتان تراهما من عند مطلع كوبري 6 أكتوبر بشارع النصر ذات اليمين وذات الشمال. يكرمون رجال مبارك ويدعون تطهير البلاد منهم. إنه التناقض الغريب والمصلحة التي تستبيح كل شيء.
وبعد كل هذا يقولون الثوار يتحالفون ويتعايشون مع الفلول، بربكم من الذي يتحالف مع الفلول من أجل مصالح خاصة؟ وللأسف يستخدمون التدليس ويدعون أن الرافضين لسياسات مرسي بأنهم رافضون لشرع الله وكأن مرسي هو النبي محمد صلي الله عليه وسلم والرافضون هم من كفار قريش.
الرئيس مرسي علامة غير موفقة في تاريخ الوطن ففي عهده تم تقسيم الوطن، وقد لا يستقيم الوطن إلا بإزاحته، فالرجل على المستويين السياسي والإداري فاشل، وعلى المستوى النفسي مهزوم داخليا، حيث سقطت هيبته كرئيس دولة من خلاله ضعفه وتردده والهتافات المنددة بسوء إدارته والمطالبة برحيله، ولن يتخذ مواقف إلا عنادية ليثبت أنه الأقوى. وهذا حال الضعيف المهزوم داخليا الذي يستقوي بالسلطة ضد العزل. الضعيف هو الذي يستقوي بالسلطة وينتقم لنفسه باسم السلطة والدين من كل مؤسسات الدولة وشعبها.
مصر بحاجة إلى مرحلة انتقالية يديرها عقلاء لا مصلحة لهم، وإجراء انتخابات نزيهة مبكرة لكل مؤسسات الدولة بما فيها رئاسة الجمهورية. ربما نكون بحاجة إلى رجل بشهامة وشجاعة ووطنية الفريق سوار الذهب في السودان للعبور بنا من المرحلة الملتبسة.
لن نتحدث عن مواقفنا الوطنية، وطردنا للفلول من الميادين فهي معروفة وموثقة، ووطنيتنا وحبنا لمصر وعشقنا للإسلام ليس محل مزايدة من متاجرين مدلسين. نعم نريد أن يسود شرع الله بدعوة إسلامية خالصة للناس عامة خالصة لوجه الله وليس دعوة سياسية بغلاف إسلامي تعمل على خصخصة الدين لصالح فصيل معين يريد أن يسيطر باسم الدين ويمارس الفاشية. أفيقوا قبل أن تصبح مصر لبنان آخر وينقسم الشعب شعبين. أين كانت القوى التي تدعي الدفاع عن شرع الله وقت حكم مبارك؟
أرى في تراجع د.محمد مرسي عن قراراته الاستبدادية فضيلة وكرم وحب لوطنه ودينه وهو في موقع المسئولية وهو الأقوى، وتراجع القوى تواضع، وتنازل الأضعف إهانة وذل.
د.يحيى القزاز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer