الأقسام الرئيسية

هل تحمي النهضة السلفيين في تونس؟

. . ليست هناك تعليقات:


هل تحمي النهضة السلفيين في تونس؟
© عماد بنسعيّد

يقول العديد من المراقبين والمواطنين إن الحكومة التونسية الحالية التي تقودها الترويكا وتتزعمها حركة النهضة الإسلامية، تتساهل مع السلفيين بل وتغض النظر أحيانا عن تحركاتهم واعتداءاتهم. فما مدى صحة هذه الرؤية؟ وما هي دوافعها إن صحت؟

عماد بنسعيّد / غيوم غوغان موفدا فرانس 24 إلى تونس (نص)
 
 الاعتداءات التي نسبت مؤخرا إلى السلفيين في تونس كالهجوم على السفارة الأمريكية الذي أوقع 4 قتلى وتحركاتهم العنيفة في عدة مدن تونسية كبنزرت ومنزل بورقيبة وسيدي بوزيد والمرسي لمنع عروض فنية أو اجتماعات شعبية أو مجرد تظاهرات ثقافية ومهاجمة صحافيين وإعلاميين.. تحركات يقول قسم من المراقبين ومن المواطنين إن الحكومة الحالية التي تقودها الترويكا وتتزعمها حركة النهضة الإسلامية، تتساهل مع هذه الفئة من السلفيين بل وأحيانا تغض النظر عن تحركاتهم واعتداءاتهم حتى لا يتعرضوا للقمع الذي تعرضوا إليه في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وفي المقابل لا تتردد الحكومة في قمع المظاهرات التي تدعو إليها المعارضة ورموز من المجتمع المدني على غرار قمع مظاهرة 9 أبريل/نيسان الماضي مثلا والتي أوقعت عددا كبيرا من الجرحى في صفوف المتظاهرين والصحافيين والحقوقيين الذين تظاهروا للمطالبة بالدفاع عن الحريات الفردية والعامة في تونس بعد الثورة.
تعامل الحكومة الحالية ووزارة الداخلية التي يترأسها الوزير النهضاوي علي العريض، مع السلفيين لا يبدو إذن متشددا ومواقف زعيم الحزب راشد الغنوشي من السلفيين تبدو كذلك متسامحة معهم، حيث قال إنهم يبشرون بثقافة جديدة ويذكرونه بشبابه، ما وضع النهضة في موقع المدافع عن السلفيين ودفع البعض إلى اعتبار الحركة تستغل ورقة السلفيين لمطاردة خصومها السياسيين ومعارضيها.
نائب رئيس النهضة"اعتبار السلفيين ذراع النهضة المسلح هو محض خيال"
قال نائب رئيس حزب النهضة والمنسق العام عبد الحميد الجلاصي لفرانس 24 إن "النهضة حزب يستند إلى مرجعية إسلامية تعتمد على قراءة تجديدية ومنفتحة للدين في حين أن التشدد يطبع قناعات وآراء المتشددين دينيا" كما يسميهم الجلاصي.

عبد الحميد الجلاصي نائب رئيس حزب النهضة والمنسق العام
"الحل في التعامل مع السلفيين يكمن في الحوار والترشيد واحتضان هذه المجموعات المتشددة فنحن ضد التعنيف". النهضة تعتقد "أن التعامل مع السلفيين يمر عبر تجديد الفكر الديني وإعادة الاعتبار للتراث الديني الوسطي المعتدل"
الحكومة الحالية تتعامل مع السلفيين من خلال الآلة الأمنية والقضاء المستقل وفي نفس الوقت عبر احترام حقوق الإنسان وضمان المحاكمة العادلة.
"على مستوى الحزب ومن ثمة الحكومة نتجه إجمالا لمقاضاة أفعال وليس أفراد، أشخاص وليس تنظيمات وجماعات".
ويقول الرجل الثاني في النهضة إن "هذه الجماعات المتشددة هي نتاج عقدين من الاستهانة بالشأن الديني والإقصاء وغياب التعامل مع الدين في المؤسسات التربوية وداخل الأسرة التونسية ووسائل الإعلام".
ويضيف "الأصوات التي تقول إن النهضة تلتزم الصمت حيال هذه الظاهرة باعتبارها رصيدا انتخابيا محتملا هو محض خيال" ذلك أن النهضة هي أكبر متضرر من تصاعد هذه الظاهرة". فالكثير من هذه الجماعات السلفية تكفّر النهضة، كما أن هذه المجموعات لا تؤمن بالديمقراطية وبصناديق الاقتراع وبالتالي لن يصوتوا لنا في الانتخابات المقبلة. كما أن النهضة هي اليوم الحزب الحاكم وليس من مصلحة الحزب الحاكم تعكير الأجواء وتهديد الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي فلا يمكن أن نتساهل مع مصالح الدولة".
"نحن مع تفعيل العمل السياسي ودمج هؤلاء في الفضاء السياسي التونسي خاصة أن للسلفيين اليوم حزبان سياسيان قانونيان. ومشاركتهم في العمل السياسي سيجعلهم ينتقلون من التشدد إلى الوسطية وإلى العملية السياسية المعتدلة. الكيانات السياسية حتى المتشددة منها تتطور، كما هو الحال مثلا مع التيار السلفي في مصر."
نعتقد في حزب النهضة يضيف الجلاصي أن عزل النواة العنيفة داخل التيار السلفي تمر عبر عزلهم في المجتمع وبالتالي إضعافهم. خلافا لما فعل بن علي حين تعامل مع السلفيين والنهضة ككتلة واحدة ما دفع إلى نوع من التضامن بينهما في وقت من الأوقات".
الأصوات التي تعتبر السلفيين الذراع المسلح لحركة النهضة هي أصوات تهذي، ولن نسمح بوقوع صدام بين النهضة وهذه المجموعات المتشددة في أي حال من الأحوال. كل من يخالف القانون سيحاسب سواء كان سلفيا أو يساريا أو يمينيا متطرفا".
أفراد من المجتمع المدني " تساهل الحكومة مع السلفيين يخيفنا أكثر من اعتداءات السلفيين"
لافتة رفعها متظاهرون ضد العنف في ساحة حقوق الإنسان في تونس
مريم ميلي من الحزب الجمهوري، خرجت في تجمع دعا إليه أفراد من المجتمع المدني على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بالعنف الذي شهدته تونس مؤخرا بعد اقتحام السفارة والمدرسة الأمريكيتين، وللتنديد بتصرف الحكومة الحالية التي تعتبرها مقصرة في الدفاع عن مصالح تونس وحماية ضيوفها من هذه الاعتداءات الخطيرة. تقول مريم، لا نخاف من السلفية في تونس، كل الخطر يكمن في عدم تطبيق القانون على هذه المجموعات.
ريم زوابي مديرة المعهد المتوسطي للغات والثقافة
ريم زوابي مديرة المعهد المتوسطي للغات والثقافة، تقول إنها تحتج بصفتها مواطنة تونسية عادية ضد العنف والأعمال التي تقف وراءها التيارات السلفية وتحتج أيضا ضد تساهل الحكومة الحالية مع هذا التيار السلفي وتصاعد العنف في تونس، تونس لم تكن أبدا مجالا مفتوحا لهذه التيارات العنيفة. السلفية مع النهضة أخذت حجما أكبر، الحكومة الحالية تقول إن السلفيين هم أبناء تونس في كل الأحوال، ولا بد من تفهمهم... فأي منطق هذا؟ وكيف نتفهم اعتداءات تستهدف بعثات دبلوماسية أجنبية وممتلكات عامة وحريات فردية؟
وفاء إدريس وهي مصممة رسوم حاسوبية، تقول إنها تحتج في ساحة حقوق الإنسان في تونس على موجة العنف السلفي التي بدأت فعليا العام الماضي بعد الهجوم على قاعة أفريكات ولم تتوقف إلى اليوم. وللاحتجاج ضد هذه الحكومة التي يبدو أنها تمنح حصانة لهذه المجموعات السلفية التي تهدد الحريات الفردية والعامة والثقافية. هذه المجموعات ترغب في تغيير وجه المجتمع التونسي، وتغيير تقاليده وعاداته. تونس كانت أكثر حرية في السبعينات مما هي عليه اليوم. فكيف نتنازل عن هذه المكتسبات؟ نعيش حاليا نوعا من الرقابة الذاتية خوفا من ردود فعل هذه الفئات المتزمتة.
لافتة رفعها متظاهرون ضد العنف في ساحة حقوق الإنسان في تونس
ويقول لطفي منظم وقفة احتجاجية في ساحة حقوق الإنسان في تونس العاصمة "نحن هنا للاحتجاج على موجة العنف التي شهدتها تونس مؤخرا ولايصال صورة مختلفة عن التونسيين المناهضين للعنف في ظل تجاهل فاضح للحكومة الحالية التي اعتقلت 500 سلفي تقريبا في أحداث اقتحام السفارة إلا أن عدد الموقوفين اليوم لا يتجاوز 80 شخصا. كما نخشى أن يكون الذين هاجموا السفارة الأمريكية من السجناء السابقين في أحداث جندوبة، سجنان أو منوبة. وبالتالي فلا ضمان لعدم تكرار هذه الاعتداءات مجددا في المستقبل. ثورتنا اليوم مهددة ولا بد من حمايتها.
زينب فرحات عضو في هيئة حماية الثورة ومديرة مسرح التياترو تقول إن عدو الثورة والشعب التونسي اليوم يختفي وراء رداء الدين بصفة عامة ولا شك في أن الحكومة الحالية تحمي التيارات السلفية التي تدعي الدفاع عن الدين الإسلامي وكأنه دينهم هم فقط وليس دين أغلبية التونسيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer