آخر تحديث : الخميس 16 أغسطس 2012 - 12:20 ص
الدكتور هشام قنديل- رئيس مجلس الوزراء
نسمة مصطفى
منذ بدء الحكومة الجديدة في ممارسة أعمالها، وتتوالى أحداث
الانفلات الأمني في البلاد، وكأنها أمام اختبار صمود أمام الشعب، ولكن يظل
الاختبار الأقوى وحديث الساعة هو "أزمة الكهرباء"، ولا خيار أمام الحكومة
سوى إيضاح الموقف وحل الأزمة التي بدأت منذ ما يقرب من شهر حتى الآن.
خرج الدكتور هشام قنديل- رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي قبل أيام،
حاول أن يشرح أسباب الأزمة مع وعود بحلها في أقرب وقت، مناشدًا المواطنين
التعاون مع الحكومة في ترشيد استهلاك الكهرباء.. ولكن إذا كنت من متابعي
صفحات "فيسبوك وتويتر" ستجد أن محاولة رئيس الوزراء في كسب الدعم الشعبي لم
تكن لصالحه، استاء البعض من فكرة "الترشيد الإجباري" بقطع الكهرباء،
واعتبروا اقتراح "الملابس القطنية" ليس حلاً.
فكرة "الترشيد الإجباري" للكهرباء قد تكون جيدة إذا تم تنسيقها بشكل
يناسب ساعات الذروة والعمل وساعات الراحة، ولكن لابد أن تتم بوضوح وشرح
كامل لطريقة التنفيذ.. فهل ستطبق هذا الطريقة على جميع المنشآت الحيوية؟
تعتبر المستشفيات من أهم المنشآت التي يجب أن تعامل معاملة خاصة، لأن
قطع التيار الكهربائي فيها دون عمل احتياطات كاملة سيؤدي إلى كوارث، وهذا
ما أوضحه الدكتور عواد عبد الكريم، نائب المدير الطبي بمستشفى الجنزوري
التخصصي، لـ«بوابة الشروق» مؤكدًا أنهم يتعرضون لقطع التيار الكهربائي
باستمرار ولكن وجود المولدات التي تغذي الأجزاء المهمة بالمستشفى كالرعايات
وغرف العمليات وأجهزة التنفس الصناعي يقلل من النتائج السيئة.
في ذات السياق، أكد الدكتور طاهر إسماعيل، نائب مدير مستشفى الزيتون،
أنه "لابد عند إنشاء أي مستشفى أن يوضع شرط أساسي من وزارة الصحة بضرورة
وجود مولد كهربائي حتى لا تقع كوارث، مثل ما حدث في مستشفى المطرية
التعليمي عام 2008 بعد انقطاع التيار الكهربي وعدم وجود مولد، الأمر الذي
أدى إلى وفاة 4 أطفال في الحضانات وتعرض آخرين للخطر".
"حقائق لم تُذكر".. بعض أسباب "أزمة الكهرباء"
في حوار مع أحد المتخصصين في مجال إنتاج الكهرباء لمحاولة الوصول إلى
بعض الأسباب و"الحقائق التي لم تذكر خلال المؤتمر" حسب وصف مصطفى الطوبجي،
مهندس التشغيل والقائم بأعمال رئيس قسم التشغيل في إحدى محطات إنتاج
الكهرباء، لـ«بوابة الشروق»، مؤكدًا أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لانقطاع
التيار الكهربائي بشكل مستمر.
السبب الأول، هو أن وحدات الإنتاج البخارية الموجودة في الخدمة مصممة
على أن تعمل بوقود الغاز الطبيعي، أو المازوت في حالة عدم وصول الغاز، لكن
بشرط ألا يتم استخدام المازوت أكثر من سبعة أيام متواصلة، وأن تكون نسبة
الكبريت بالمازوت أقل من 2%، و"في 2005 وبعد قرار تصدير الغاز الطبيعي
لإسرائيل تم استخدام المازوت المستورد كوقود دائم للمحطات البخارية، والذي
يحتوي على نسبة كبريت مرتفعة، مما يسبب تآكل الغلايات وانسداد المواسير
ويكلف الوزارة ملايين الجنيهات سنويًا في أعمال الصيانة"، مضيفًا أن "وقود
المازوت لا يتيح للوحدة العمل بكامل طاقتها".
كما ذكر، الطوبجي، أن نسبة الفقد في الطاقة المنتجة في أي شبكة لابد ألا
تزيد عن 3%، ولكن في مصر فإن نسبة الفقد تصل إلى 10%، "بل ووصلت إلى 14%
من قبل"، مقسمة كالآتي، نسبة الفقد في مرحلة الإنتاج لا تتعدى0.1%، وفي
النقل حوالي 2%، والتوزيع تصل إلى 7.9% وهي نسبة تعتبر عالية جدًا، مشيرًا
إلى أن السبب في ذلك "أن المحولات الموجودة في الشوارع معظمها قديم ومستهلك
ولا يتحمل الأحمال العالية، والكابلات الداخلة للمحول والخارجة منه قديمة
ويحدث بها تسرب للتيار الكهربي وهو ما يرفع نسبة الفقد".
أما عن دور المواطن في الأزمة، أوضح مهندس التشغيل، أن سوء الاستخدام
جزء من هذه الأزمة، "فلا يوجد ترشيد استهلاك عند المواطن، كذلك لا يوجد
نظام حكومي متبع يسير عليه الجميع، فعلى سبيل المثال في السعودية هناك موعد
محدد لغلق جميع المحلات التجارية، في كوريا هناك مواعيد محددة لتشغيل
أجهزة التكييف"، مؤكدًا أن هناك تعديات كثيرة وعمليات سرقة للكهرباء من
أعمدة الإنارة وقعت في الآونة الأخيرة.
وتعقيبًا على ما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقد لمناقشة أزمة الكهرباء،
أكد أن فكرة الترشيد فكرة صحيحة جدًا وتحدث في كل الدول المتقدمة وتطبيقها
سيساعد كثيرًا في حل الأزمة.
وبسؤاله عن أسباب الظهور المفاجئ للأزمة وفي هذا التوقيت تحديدًا، أشار
"الطوبجي" إلى أن هناك ارتفاع في نسبة أجهزة التكييف المستخدمة والتي تم
تركيبها بعد رمضان عام 2011، كما أوضح أن هناك بشكل عام أزمة في شهور الصيف
لأن الأحمال ترتفع بشكل أكبر بالإضافة إلى أن الوحدات لا تكفي الاستهلاك.
من جانبه، عبّر مهندس التشغيل في محطة إنتاج الكهرباء عن اعتقاده الشخصي
بأن ما يحدث من قطع للكهرباء لفترات طويلة قد يكون متعمدًا، مستنكرًا في
الوقت ذاته: "من غير المنطقي مثلاً فصل نصف المحلة الكبرى لمدة ساعتين، مما
يؤثر على حركة البيع والشراء، مما يسبب المزيد من الاحتقان"، وذلك لعدة
أسباب في التشغيل، "بإمكان لوحات التوزيع فصل كل محول على حدة لمدة نصف
ساعة، كما يمكن أيضًا تقسيم المناطق التي يغذيها المحول بحيث لا تزيد مدة
الفصل عن المنطقة الواحدة عن نصف ساعة موزعة على أنحاء الجمهورية مما يخفف
الأحمال لأقصى درجة".
مناطق المسؤولين.. خط أحمر
رصدت كاميرا «بوابة الشروق» بعض المناطق التي يسكنها كبار المسؤولين في
الدولة، للتأكد من حقيقة عدم انقطاع التيار الكهربائي في محيط هذه
المناطق.. ففي حي الدقي حيث يسكن الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، أكد
عدد من المقيمين بالمنطقة أن الأزمة لم تصل إليهم كما يحدث في باقي أنحاء
القاهرة والمحافظات.
وقال "مينا"، يعمل في استوديو في الشقة المقابلة لشقة رئيس الوزراء
بالدور السابع، إن الكهرباء تعمل بشكل جيد ولا يعانون من الأزمة، وأرجع
السبب في ذلك إلى وجود رئيس الوزراء في العمارة، مشيرًا إلى أن هذا لا يعني
أن الدكتور هشام قنديل هو من طلب ذلك، "فمنذ توليه الوزارة والوضع لم
يتغير داخل العمارة ولا يؤثر على السكان بأي شكل".
وشرح المهندس مصطفى الطوبجي هذه الفكرة بأن توزيع الكهرباء يتم كالآتي:
"محطات الإنتاج تنتج تيار كهربي تحت جهد 220 ألف فولت.. الإنتاج يتوزع
على محطات محولات جهدها 220 ألف فولت.. يتم تخفيض الجهد لينقل لمحطات
محولات أخرى جهدها 66 ألف فولت.. يتم تخفيض الجهد مرة أخرى ليصل إلى لوحات
التوزيع في المدن ويكون 11 ألف فولت.. يخرج من لوحات التوزيع إلى المحولات
الموجودة في الشارع (أكشاك الكهرباء)، هذه المحولات تخفض الجهد من 11 ألف
فولت إلى 220 فولت، وهو الاستخدام المنزلي العادي".
واستطرد قائلاً: "في لوحات التوزيع يمكن فصل أي محول من هؤلاء عن بعد،
أو إعادة توصيله مرة أخرى من داخل لوحة التوزيع الذي يعتبر مبنى التحكم،
وكل محول من هذه المحولات يغذي منطقة محددة بالتيار الكهربي فهناك، على
سبيل المثال، محول يغذي النصف الأول من شارع بعينه، ومحول ثاني يغذي النصف
الثاني من هذا الشارع وهكذا.. من مبنى التحكم هذا يمكن فصل المحول الذي أجد
عليه أحمال عالية"، وبتطبيق الفكرة على المناطق التي يسكنها المسؤولين،
يتم استبدال المحول الموجود بآخر جديد، لذا يتحمل أي أحمال عالية، ولا يوجد
مبرر لفصله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات