الأقسام الرئيسية

محمد جغام: ننسق مع الأحزاب القريبة لكي لا تحتكر الأحزاب الراديكالية السلطة في تونس

. . ليست هناك تعليقات:


الأمين العام لحزب الوطن: النظام نصف الرئاسي هو الأفضل لحكم تونس، وأدعو الأحزاب السياسية إلى المحافظة على مكاسب الثورة في البلاد.

ميدل ايست أونلاين


تونس – من منور مليتي


'ديكتاتورية بن علي وفساد النظام مهدا لانطلاق الثورة التونسية'

أنتم من الذين تحملوا مسؤوليات في عهد بن علي، هل أنتم نادمون؟

سئلت في وقت من الأوقات ما إذا كنت نادما عن مرحلة من حياتي السياسية والمهنية، فكانت إجابتي أن المرحلة التي ندمت عليها هي الفترة التي شغلت فيها منصب وزير الداخلية على الرغم من أنني في الواقع ابن وزارة الداخلية حيث تدرجت من معتمد إلى كاتب عام ولاية إلى وال ثم إلى والي الولاة خلال الأشهر الستة الأولى لعام 1988.

لماذا ندمت؟

ندمت لأن الجانب الأمني في وزارة الداخلية لم يكن بين يدي ولم يكن تحت تصرفي رغم أنني كنت مسؤولا عليه، ذلك أن بن علي لما قرر تعييني وزيرا للداخلية عين في نفس الوقت مديرا عاما للأمن الوطني الذي كان على اتصال مباشر بالرئيس السابق.

ما أريد أن أوضحه أن وزارة الداخلية تعني في أذهان الناس البوليس السياسي بينما في الحقيقة هي أشمل من ذلك فهي تعني أيضا الإدارة الجهوية والبلدية التي تعنى بمختلف الملفات التي تهم الإدارة والتنمية، وكذلك أمن المواطنين بمفهومه الإيجابي من حماية للأشخاص والمؤسسات والحماية المدنية وغيرها.

كيف تنظرون لفترة حكم بن علي؟

لقد عشت عن قرب حوالي 13 سنة مسؤولا في نظام بن علي ، وإذا أردنا أن نصنف سنوات حكم بن علي ، ففي رأيي أن هناك 3 أو 4 سنوات كانت قريبة من الاتجاه الصحيح، إذ يمكن القول أنه منذ 7 نوفمبر 1987 إلى أواخر 1991 كانت فترة البحث عن الذات أي عن أفضل طريقة وأفضل أسلوب لحكم تونس، وكانت البلاد آنذاك تعيش حالة ترقب إيجابية وكان بن علي خلال هذه الفترة عازما على حكم البلاد بعقلية جديدة تطمئن الشعب.

لكن بعد هذه الفترة بدأت التجاوزات وقد بادرت بالتدخل في ثلاثة ميادين وكنت حينها أشغل منصب وزيرا للسياحة.

الموضوع الأول الذي تدخلت فيه هو مسألة الانتخابات حيث تحدثت مع بن علي وقلت له بكل صراحة إن نسبة 99 بالمائة هي نسبة غير صحيحة وهي تقدم صورة سيئة عن بلادنا، وقد كنت أعتبر أن لي مسؤولية في نحت صورة إيجابية عن تونس وعملت جاهدا على تسويقها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من السواح.

لكن بن علي لم يجبني وقتها، غير أنه أجابني خلال اجتماع آخر وقال لي:"ماذا تريد، أتريد أن تكون النسبة 75 بالمائة".

كما أثرت معه مسألة التسجيل بالقائمات الانتخابية وفاتحته بأن هناك ما لا يقل عن مليون ونصف المليون شاب غير مسجلين بالقائمات الانتخابية وقلت له أنه إذا ما تم تسجيل هذا العدد فإن ذلك سيضفي على الانتخابات مصداقية أكثر، غير أنه لم يجبني وكأن لسان حاله يقول "ما دخلك في هذا الموضوع، أنا لست متشجعا لتسجيلهم لأنني لست ضامنا أنهم سيصوتون لفائدتي".

الموضوع الثاني هو موضوع العائلة، فقد فاتحت بن علي من باب النصح عام 1997 لما كنت اشغل منصب مدير الديوان الرئاسي وقلت له إن تجاوزات العائلة أثارت حفيظة الناس وأنه يستحسن أن تضع خطوطا حمراء لوضح لتلك التجاوزات، لكنه أجابني قائلا " أنا لا أرى أي تجاوزات أبدا، هناك استثمارات يقومون بها تماما مثل أي مستثمر في البلاد".

وقد تأكدت من أن لسان حاله يقول لي "لا دخل لك في هذا الموضوع".

وأنا متأكد أنه نقل ملاحظاتي وتحفظاتي هذه على تجاوزات العائلة إلى زوجته التي قررت منذ ذلك الحين إبعادي.

هذا يعني أنها تأخذ قرارات في مثل هذه الأمور؟

طبعا، بل كانت تملي عليه ماذا يقرر.

الموضوع الثالث، وهو موضوع لم أتحدث معه فيه مباشرة يتعلق بمسالة الحريات، فقد أتيحت لي الفرصة مع بعض مستشارين بن علي للحديث عن الحريات السياسية والمدنية مثل حرية التعبير وحرية الإعلام، وقد نقلوا له مواقفي، بل إن أحد المستشارين، ولا داعي لذكر اسمه، قال للرئيس السابق"محمد جغام الذي عينته مديرا للديوان الرئاسي "إنت غالط فيه".

كل هذه الأمور جعلت من بن علي يقرر إبعادي إلى إيطاليا كسفير لتونس في مرحلة أولى، ثم إلى الصين، كمرحلة ثانية، لكنني رفضت ذلك وفضلت من وقتها الابتعاد نهائيا عن العمل السياسي وذلك في أواخر شهر أكتوبر 2004.

هل كان بن علي يقبل الحوار والرأي الآخر؟

ليس في طبع بن علي قبول الحوار أو الرأي المخالف، ربما هذا بحكم تكوينه وطبيعة شخصيته".

لكنكم وزراء لكم ملفات تستوجب النقاش والحوار؟

قد يقبل الحوار في بعض المسائل مثل الاقتصاد، لكن في المسائل السياسية لم يكن يتقبل الحوار بصدر رحب، وكان يملى القرارات إملاء.

كان بن علي يستعمل الهاتف كثيرا، وكان يتابع جزئيات لا يخطر على بالك أن يتابعها رئيس دولة، فقد كان يتلقى يوميا كثيرا من المعلومات، وعلى أساس هذه المعلومات يتابع كل المسائل بما فيها تلك التي تبدو تافهة.

مسائل تافهة يتابعها رئيس دولة؟

نعم كان يتابع مسائل تافهة لا تخطر على بالك، كأن يسأل ماذا قال فلان الذي زارك.

وشيئا فشيئا أصبح يتابع كل القرارات التي تعود إليه بمفرده، مثلا، وهو موضوع صدمني، كان يطلب قائمة اسمية للمدعوين في الندوات التي تقع في النزل إلى درجة أنه في وقت من الأوقات أصبح يطلب قائمة اسمية للمدعوين لحفلات الزفاف التي تقع في الفنادق.

كيف تصف حكم بن علي على ضوء مثل هذه المعطيات؟

بن علي كان دكتاتورا يحكم البلاد بمفرده ويرفض مشاركته القرار من طرف أي مسؤول.

ولهذا السبب ونتيجة للقناعة التي حصلت لي قررت الابتعاد نهائيا عن كل عمل سياسي، حتى اندلعت ثورة 14 كانون الثاني/يناير المباركة وتغيرت كل المعطيات السياسية.

كيف عشتم لحظات الثورة؟

اتصلت بي قناة العربية لإبداء رأيي في ما يجري في البلاد، فقلت حينها أتمنى بعد الثورة أن يقبل الناس على العمل في مناخ من الفرحة.

كنت بعيدا عن مراكز القرار أيام الثورة، لكنني توقعت قبل عامين أنه سيحدث شيء ما في البلاد، وقلت لعدد من أصدقائي إن الوضع في البلاد رهن "ذرة رمل"، قلت إن ذرة الرمل يمكن أن تأتي من العمال أو من الطلبة أو من أي جهة.

على أي أساس توقعتم ذلك؟

على أساس أن التجاوزات فاقت الحدود المعقولة وأصبح الوضع لا يطاق ونطقت ألسن الناس وأصبحت ظاهرة فساد النظام حديث كل التونسيين.

برأيكم شهدت سنوات حكم بن علي إيجابيات؟

كنت مسؤولا على قطاع السياحة وقد تحقق في هذا القطاع الكثير، والحقيقة أن ما تحقق هو بفضل تضافر جهود الإدارة وأصحاب الفنادق، وكان في ذلك الوقت تدخل الرئيس في القطاع محتشما، بدليل أنني قدمت له برنامج إنشاء مركب سياحي ضخم هو "ياسمين الحمامات" خلال عشر دقائق فقط، ولم يبد أي ملاحظات ولم يسدي أي تعليمات.

لا بد أن أشير هنا إلى أنه خلال فترة حكم بن علي كانت الأرقام والمؤشرات التي تقدم إليه من طرف الإدارة إيجابية وذلك من أجل إرضائه.

ما هي خطة الحزب للقطع مع إرث بن علي؟

نحن في مبادئ حزب الوطن، نعمل على نشر قيم الاعتدال والتسامح والعدالة الاجتماعية بين مختلف الفئات والجهات.

وسياسيا يقوم الحزب على مبادئ التعددية والديمقراطية، بما يعني ذلك من حرية الرأي والتعبير وكذلك انتقال السلطة بالطرق المشروعة وحسب دستور يتفق عليه الجميع.

هل أنتم مع وضع دستور جديد للبلاد أم مع إصلاح دستور 1959؟

لا أتصور دستور عام 1959 الذي أخلت عليه كثير من التعديلات فشوهته وأفقدته مصداقيته أنه صالح لتونس اليوم خاصة وأن الثورة جاءت بقيم وأهداف جديدة.

تشهد تونس منذ الثورة احتجاجات واعتصامات في مختلف القطاعات ما هو رأيكم فيها؟

لا بد أن أقول إن الفترة التي تلت الثورة والتي شهدت فيها مؤسسات الدولة وهنا كبيرا هي فترة فوضى بلا منازع، لكن الوضع الآن في تحسن.

هل أفهم من قولك أن مطالب التونسيين فوضى؟

أنا أعتقد أنه لا بد من أن تقدم مطالب التونسيين في إطار يعطي الأولوية للقضايا الوطنية، ومن أجل التفاعل مع مطالب الناس أوجه دعوة إلى الإدارة كي تنكب بسرعة لدراسة أهم الملفات وإيجاد الحلول الملائمة لمطالب التونسيين، كما أوجه دعوة إلى المحتجين كي يقبلوا على العمل لأن الثورة قامت من أجل إعادة الاعتبار لقيمة العمل.

ماذا عن الحضور الجماهيري لحزب الوطن خاصة في الجهات؟

لقد زرنا عدة جهات لكن تم منعنا من تنظيم اجتماعات، زرنا مدنين وجرجيس والمهدية وتطاوين كما زرنا مدينة ليون، لكن فئة من الناس منعونا من تنظيم اجتماعات.

لماذا منعوكم؟

منعونا بحجة أننا حزب يجمع شتات التجمع الدستوري الديمقراطي، وهذا غير صحيح ، فالذين يعملون على منعنا من النشاط السياسي يريدون مسح فترة صعبة عشتها شخصيا خلال نظام بن علي وذقت فيها الأمرين بعدما تم استبعادي وتهميشي.

إنني أتساءل إذا كان هؤلاء على علم بإبعادي فلماذا يمنعوننا من تنظيم الاجتماعات، والسؤال هو هل أن وجودنا يقلقهم إلى هذا الحد؟

إنهم يعرفون أنني ابتعدت عن نظام بن علي لكنهم رغم ذلك يصرون على اعتباري تجمعي.

ماذا عن استعدادكم لانتخابات المجلس التأسيسي خاصة وأن الفصل 15 من المرسوم المعروف يمنع ترشحكم؟

سنحاول أن نكون متواجدين في كل الجهات وأن نترشح في كل الجهات وكذلك في الخارج.





'أنا متفائل بعملية الانتقال الديمقراطي في تونس'

إقصائي لا أعطيه أهمية، وسنختار مترشحين أكفاء لخوض الانتخابات بكل ما أوتينا من قوة، وذلك مساهمة منا في إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي التي ستعيشها تونس وستكون في رأيي انتخابات ديمقراطية وشفافة.

هل من تفسير لاستقالة أحمد فريعة من الحزب؟

استقالة أحمد فريعة قرار شخصي، لقد أسسنا حزب الوطن معا ووضعنا ميثاقه وبرنامجه وخطونا خطوات إيجابية ونجحنا في استقطاب أعداد كبيرة من الشباب ومن مختلف الفئات والجهات.

هل ستؤثر استقالة أحمد فريعة على حضور الحزب في الجنوب؟

لا، فالحزب متواجد في كل الولايات، وسيبقى الأخ أحمد فريعة صديقا شخصيا لي ولكل المناضلين في حزب الوطن، لقد ترك بصمات واضحة في الحزب نفتخر بها.

ما هي أهداف حزب الوطن السياسية والتنموية؟

سياسيا ، نحن نعمل في حزب الوطن على أن تدخل تونس عهد الحرية والديمقراطية، وسندافع عن ذلك بكل ما أوتينا من جهد كما سندافع عن حق التونسيين في الاختلاف باعتباره حقا مشروعا.

تنمويا، لنا برنامج دسم في مجال التنمية يعتمد على إرساء نمط تنموي جديد يعطي للتشغيل وللتنموية الجهوية الأولوية، كما يولي الفلاحة مكانة هامة ولنا في ذلك برنامج مفصل، وكذلك بالنسبة للسياحة التي لها انعكاس كبير على مختلف القطاعات الاقتصادية.

كيف تقيمون المشهد السياسي في تونس؟

المشهد السياسي في تونس اليوم مازال يتسم بالفوضى ومازلنا نلاحظ بعض التجاوزات ، لكن اعتقادي أن هذا الوضع في تحسن كبير، لا بد أن نثق في الحكومة وأن نعمل جميعا على أن يكون الأمن مستتب لأن الأوضاع ستتغير نحو الأفضل إذا ما تحسنت الأوضاع الأمنية.

كيف ترون أداء حكومة السيد الباجي قائد السبسي؟

بكل صدق، أداء حكومة السيد الباجي قائد السبسي أداء طيب، ومن حسن حظ تونس، في هذه الفترة ، أن يأتي رجل في حنكة وتجربة سي الباجي، الرجل الذي نشا في مدرسة بورقيبة العظيمة.

برأيكم أي نظام سياسي أفضل لتونس؟

لقد ناقشنا مطولا في المكتب السياسي لحزب الوطن هذا الموضوع واهتدينا إلى أن النظام نصف الرئاسي هو الأحسن لأنه يبعدنا عن تجاوزات النظام الرئاسي وسلبيات النظام البرلماني.

ما هو موقفكم من الأحزاب ذات التوجه الراديكالي؟

حزب الوطن هو حزب وسط يعمل على نشر قيم الاعتدال حيث ينص ميثاقه على نبذ العنف والتطرف، وسنعمل على التنسيق مع الأحزاب القريبة منا حتى لا تحتكر الأحزاب الراديكالية المشهد السياسي في مسيرة ديمقراطية نريد لها النجاح.

لكن هذا لا ينفي أن حزب الوطن يؤمن بحق كل الأحزاب في النشاط والمشاركة في الحياة العامة.

هل تفكرون في تحالفات مع أحزاب أخرى؟

حاليا، لا، لأن الصورة العامة ما زالت غير واضحة، لكنني لا أستبعد ذلك.

إلى أي حد تتحملون الإرث السلبي لنظام بن علي؟

لا أتحمل الإرث السلبي لبن علي خاصة أني حذرت ونبهت في الوقت المناسب من الأخطار التي هي جزء من هذا الإرث السلبي.

كيف تفسرون سقوط نظام بن علي بتلك الطريقة؟

لقد توجه بن علي في أسبوع واحد بثلاث خطب، وعندما شاهدت خطابه الثاني قلت لمن كان معي "انتهى كل شيء".

وفي يوم 14 يناير عند الساعة الثانية بعد الظهر سألني صديق "والآن ما العمل"، أجبته "إنني أعرف الرجل جيدا، سوف يهرب".

ما هي برأيكم الأولويات الوطنية المطروحة على الأحزاب اليوم؟

الأولويات أن نحافظ على مكاسب الثورة أي حرية التعبير وحرية التنظيم والتعددية والعدالة الاجتماعية.

كذلك علينا أن نولي عناية فائقة بالجهات الداخلية، لا بد من إعطاء دفع للتنمية والتشغيل في الجهات.

كيف تنظرون إلى مستقبل عملية الانتقال الديمقراطي؟

رغم كل شيء أنا متفائل بمستقبل تونس وبعملية الانتقال الديمقراطي، لكن هذا مرتبط بإقبال التونسيين على العمل والبذل والعطاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer