الأقسام الرئيسية

يخوتك يا مصر

. . ليست هناك تعليقات:


تحقيق مها البهنساوى ودارين فرغلى ١٣/ ٤/ ٢٠١١
تصوير - حسام فضل
«ديسكفرى» يخت الرئيس المخلوع تحت المظلة الخاصة فى الميناء

إذا كنت محظياً فى مصر، فبالقطع ستجد لك قبلتين إحداهما فى مارينا والأخرى على ساحل البحر الأحمر شمالا وجنوبا، وفيهما ستمنحك أيادٍ طويلة قصوراً أو شاليهات، ولزاما عليك لتكمل المشهد أن تقتنى يختا لزوم الرفاهية والتنافس مع رجال السلطة وأغنياء المجتمع، وهناك على شواطئ البحر الأحمر ترسو مئات الملايين من الجنيهات قيمة يخوت الكبار التى أصبح بعضها متحفظا عليه مثل أموالهم أو ينتظر دوره مع الالتزام بقاعدة الاستثناء لكل من تملك يختا من مال حر دون فساد أو تربح أو إضرار بالمال العام وغيرها من التهم التى حفظناها عن ظهر قلب خلال الأيام الماضية.

إنها رحلة على شاطئ البحر الأحمر من شرم الشيخ إلى الغردقة جنوبا لنحكى قصة أخرى من مسلسل استمر ٣٠ عاما عن مبارك ورجاله، رأينا فيه كل ألوان الدراما السوداء من التناقضات والطبقية والفساد، سطور نروى فيها قصة يخوت راسية تحمل ملامح عهد وتاريخ عصر، أسعارها بملايين الجنيهات وأطقمها أجنبية وأجورهم بآلاف الدولارات.. فإلى تفاصيل الحكاية.

فى شرم الشيخ..العاملون يؤكدون: «ديسكفرى» يخت مبارك.. والحماية: بوابة قصر وسور حديدى ومظلة خرسانية

«ممنوع الاقتراب أو التصوير»، نداء قد يتحول لصراخ إذا لم تبتعد جميع الكاميرات عن «مارينا» اليخوت بميناء «ترافكو» بـ«شرم الشيخ»، فرغم توافد آلاف السياح على الميناء لبداية رحلتهم البحرية فى البحر الأحمر من هناك، فإنهم ممنوعون من استخدام كاميراتهم طوال فترة بقائهم على الشاطئ، والسبب هو وجود يخت الرئيس السابق محمد حسنى مبارك على بعد أمتار قليلة منهم.

لا تبدأ قصة اليخت من مرساه الذى يشغل مساحة كبيرة تعادل المساحة التى يتلاصق فيها ٢٢٠ يختاً سياحياً بجوار بعضها، لكنها تبدأ من نقطة قد تبدو أبعد من ذلك، من «البر» كما يروى عمال بميناء «ترافكو»، فالبوابة الضخمة للميناء والتى صنعت من الحديد وزجاج «الفيميه» والحديد، تبدو للمارة مثل بوابة قصر كبير تخفى ما وراءها تماما، تزيدها أماكن الحراسة على جانبيها غموضاً فوق غموضها، تلك الحراسة التى لم تعد موجودة الآن، أما السور المحيط بها فيعلو بصورة لافتة، وينتهى بأسياخ حديدية تحمل رسالة للعابرين مؤداها «لا تحاولوا».

ينظر المارة الآن للمشهد ويضربون كفاً بكف من خلو المنطقة من الحراسة، وهم الذين طالما أزعجوا من حولهم، فلم يكن مسموحاً من قبل لأحد بأن يقف أمام أو بجوار أو بالقرب من «بوابة المرسى»، وإذا حدث ونجح أحدهم فى الاقتراب، فلن ينجو من سيل الأسئلة التى كانت تنهال على رأسه عن سبب وجوده بالمكان، ثم ينتهى المشهد بالتنبيه عليه بعدم الاقتراب مرة أخرى مع تحذيره من العواقب، وهو ما جعل المكان بمثابة منطقة محرمة.

يبدو «ديسكفرى» للوهلة الأولى غير جذاب من حيث الحداثة أو الفخامة، لونه الأبيض تراكمت عليه الأتربة بشكل ملحوظ، وزجاجه الأسود يخفى معالمه الداخلية، الأمر الذى برره البعض بقدم نوعه، فعمره منذ تواجده بالميناء يتعدى العشر سنوات، ولم يستطع أى من المحيطين به أن يحدد سعره الحقيقى، ففى الوقت الذى قيمه فيه البعض بمليون دولار وقت شرائه- منذ ١٠ سنوات- أكد آخرون أن به أجهزة رقابة «رادار وشبكة لاسلكى» ومانعاً للرصاص وأدوات صيد بالغة الحداثة جعلت سعره يتجاوز العشرين مليون جنيه حالياً، أما المظلة التى تحيط به والمبنية من الخرسانة المسلحة والحديد الصلب، فتشغل مساحة كبيرة من البحر بتكلفة باهظة الثمن. صاحب إحدى شركات السياحة بشرم الشيخ حاول تقييمها بقوله «حاولت أن أقيم مظلة أصغر منها من حيث المساحة، ودون استخدام الحديد الصلب، فكلفنى ذلك ما يقرب من ربع مليون جنيه، أما مظلة الرئيس فقد تتعدى تكلفتها سبعمائة وخمسين ألف جنيه».

بنظرة حسرة وأسى ينظر المحيطون بالميناء لليخت على أنه كتلة أموال لم تتحرك من مكانها سوى مرتين فقط، فمنذ شرائه أو فى رواية أخرى منذ إهداء إحدى الشخصيات هذا اليخت للرئيس، لم يتحرك من مكانه سوى مرتين فقط عندما قرر «مبارك» أن يذهب لممارسة هواية الصيد بصحبة صديقه حسين سالم أو كما يطلق عليه العاملون بشرم الشيخ «حوت البحر الأحمر»، الأمر الذى يراه البعض «نعمة»، خاصة عندما يتذكرون ما حدث لهم فى هاتين المرتين من إغلاق للميناء والشوارع وعدم السماح لهم بالدخول أو الخروج من أماكنهم حتى ينتهى الرئيس من رحلته ويعود إلى منتجعه مرة أخرى.

بعد تنحى الرئيس السابق، صوب العاملون بالميناء أنظارهم نحو اليخت، ووضعوه نصب أعينهم، خوفا من استخدام مبارك له فى الهروب بعد سفره إلى شرم الشيخ. يقول «م-ح» أحد العاملين بالميناء: «انتظرنا لأيام كثيرة أمام الميناء ليس فقط للسهر على حراسة اليخوت من البلطجية خوفا من تواجدهم، لكن أيضا لنرى هل سيتحرك يخت مبارك من مكانه أم لا، إلا أن مجندى الجيش بالمنطقة أكدوا لنا أنهم يراقبون اليخت بشكل جيد برا وبحرا، خاصة بعد انسحاب طاقم الحراسة منه تماما»، وبقى السؤال فى أذهان الجميع: «هل سيبحر (ديسكفرى) للمرة الثالثة بغرض الصيد.. أم الهرب؟».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer