لم أكن أعلم هذا، وكنت أظن أن مشاكل تكوين اتحادات طلاب منتخبة تتعلق فقط بالجامعات الممولة حكوميا، والتى دوما ما زورت بها انتخابات اتحادات الطلاب لضمان سيطرة مجموعات قريبة من الأمن ومن الحزب الوطنى عليها واستبعاد طلاب هم إلى قوى المعارضة أقرب، ومن ثم نادرا ما تحولت بها الاتحادات إلى كيانات تمثيلية حقيقية تدافع عن مصالح الطلاب وتحميها. وحال اتحادات الطلاب فى الجامعات الممولة حكوميا لا يختلف كثيرا عن بقية منظومة الجامعة المدارة طوال العقود الماضية من قبل أمن الدولة، الذى تدخل فى كل كبيرة وصغيرة وحول رؤساء الجامعات والعمداء إلى منسقين أمنيين.
لم أكن أعلم أن بعض الجامعات الخاصة، ودون إجبار من الحكومة أو المؤسسات الرسمية ودون ضغوط من أمن دولة يمنع إجراء انتخابات الاتحادات، متورطة فى ذات الممارسات غير الديمقراطية، التى يعانى منها طلاب الجامعات الحكومية وتكمم أفواههم إن عبرت عن آراء أو مصالح تختلف مع الإدارة. والأكثر إحباطا فى الأمر هو إن إدارات هذه الجامعات الخاصة لا تدرك التناقض الصريح بين هدفها المعلن وهو تقديم خدمات تعليمية متطورة تبنى العقلية والمهارات النقدية لدى الطلاب وبين حرمانهم من ممارسة الديمقراطية فى الجامعة وفيما خص شئونها.
ولا ينفصل عن ممارسة الديمقراطية داخل الجامعة تحدى بناء المواطنين القادرين على المشاركة فى الشأن العام والسياسى ونحن نريد بناء مصر الديمقراطية للجامعة، باتحادات طلاب منتخبة وبفضاء يتيح مناقشة جميع الأفكار والرؤى السياسية دون تعصب ودون السماح بوجود حزبى منظم داخل حرم الجامعة يتنافى بكل تأكيد مع مبدأ الحيادية، دور رئيسى تضطلع به فى هذا الصدد، ولا يمكن لنا كمجتمع أن نسمح باستمرار حرمان الطلاب من الديمقراطية والسياسة. ففى هذا إهدار لحق الوطن على الجامعة فى أن تخرج لنا طلاب يتمتعون بالعقلية النقدية ويدركون بالفعل استحقاقات ومضامين الممارسة الديمقراطية.
وبديهى أيضا أن من غير المقبول أن تعاقب إدارات الجامعات بالفصل النهائى أو المؤقت طلاب تظاهروا واعتصموا للمطالبة بتكوين اتحادات منتخبة تمثلهم أو لأسباب أخرى طالما لم يخلوا بمبادئ سلمية التظاهر وعدم تعويق سير العمل التعليمى وبحثوا عن آليات تفاوض مع الإدارة لتحقيق مطالبهم. لا يجدى العقاب مع مطالب مشروعة وسلمية، لنا فى سقوط الرئيس السابق من العبر الكثير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات