الأمن يفرق تظاهرات "جمعة الكرامة" في دمشق وحمص وبانياس |
تاريخ النشر: الأحد 20 مارس الساعة 14:32
آخر تحديث: الاثنين 21 مارس الساعة 1:00
قام متظاهرون في درعا في جنوب سوريا بإحراق مبنى القصر العدلي في هذه المدينة، إضافة إلى مبان أخرى، إثر مواجهات مع قوات الأمن أوقعت قتيلاً على الأقل ونحو مئة جريح.
بهيّة مارديني، وكالات: اتهم مصدر سوري مساء الاحد تعليقاً على مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن في درعا في جنوب البلاد "مجموعة من عناصر الشغب بالاعتداء على المشافي في درعا، وإحراق ممتلكات عامة وخاصة وإثارة الذعر بين الأهالي". وافاد ناشط في مجال الدفاع عن حقوق الانسان أن متظاهرًا قتل خلال هذه التظاهرة الاحد برصاص قوات الامن السورية، الامر الذي نفته السلطات.
السوريون كسروا حاجز الخوف |
وقال هذا الناشط الذي شارك في التظاهرة طالبا عدم كشف اسمه ان "القتيل الاول بين المتظاهرين اليوم الاحد سقط برصاص حي، ويدعى رائد اكراد".
وضمت مسيرة بضع مئات من الاشخاص انطلقت من الحي القديم في درعا متجهة الى منزل المحافظ في المدينة بعد ظهر الاحد.
وحاولت قوات الامن التي انتشرت بكثافة في المدينة تفريق التظاهرة عبر استخدام القنابل المسيلة للدموع واطلاق النار في الهواء، الا انها لم تتمكن من ذلك.
وأحرق المتظاهرون في طريقهم مبنى القصر العدلي وسبع سيارات وشاحنة كانت متوقفة امامه، ثم احرقوا مبنيين تابعين لشركتي "سيريا تل" و"ام تي ان" للهاتف النقال، اضافة الى العديد من السيارات. وعاد الهدوء الى مدينة درعا ابتداء من الساعة 21:00 (19:00 ت غ)، وانتشرت في شوارعها اعداد كبيرة من قوات الامن، غالبية عناصرها كانوا باللباس المدني مسلحين ببنادق رشاشة.
وسجلت في شوارع المدينة حركة سير ضعيفة جدا، فيما اقفلت كل المحال التجارية ابوابها. وذكرت وكالة الانباء الفرنسية أن مقر حزب البعث الحاكم في المدينة لم يصب باضرار، ولم يحترق، كما نقلت بعض وسائل الاعلام.
وكان الناشط الحقوقي نفسه اعلن في وقت سابق ان "المواجهات ادت الى اصابة اكثر من مئة شخص بجروح"، مضيفا ان "قوات الامن اطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين فاق عددهم عشرة الاف شخص".
وتحولت درعا، التي هي مسرح لتظاهرات منذ ثلاثة ايام متتالية، "الى بركان"، وفق هذا الناشط، مضيفا ان قوات الامن حظيت بمساعدة الشرطة المركزية وعناصر لا يرتدون الزي الموحد. واستقبل مسجد العمري في درعا الذي تحول الى "مشفى ميداني" الجرحى كما قال المصدر نفسه.
واوضح ان وفدًا حكوميًا يضم نائب وزير الخارجية فيصل المقداد ووزير الادارة المحلية تامر الحجي والمسؤول في جهاز الاستخبارات العميد رستم غزالة توجه الى منازل المتظاهرين الذين قتلوا الجمعة "لتقديم التعازي". لكن هذا الوفد لم يلق استقبالا جيدا من قبل المتظاهرين، الذين هتفوا "ان من يضرب شعبه خائن" كما قال المصدر.
من جهتها، نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" ان الوفد قدم العزاء، ونقل عن الرئيس السوري بشار الاسد انه "بقدر حرصه على أمن واستقرار الوطن، فإنه يحرص على حياة المواطنين وسلامتهم، وانطلاقا من ذلك فقد وجّه باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة كل من يثبت التحقيق مسؤوليته عما حدث".
ونقلت وكالة الانباء السورية مساء الاحد تصريحًا لمسؤول سوري قال فيه انه "في الوقت الذي كلف فيه الرئيس بشار الأسد اليوم وفدًا للتعزية بالشهيدين اللذين توفيا في احداث درعا المؤسفة، إضافة إلى تشكيل لجنة للتحقيق في هذه الاحداث واتخاذ الاجراءات اللازمة ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته فيها وإطلاق سراح الشبان الذين ثبت عدم تورطهم في هذه الأحداث (...) في هذا الوقت قامت مجموعة من عناصر الشغب بالاعتداء على المشافي في درعا وإحراق ممتلكات عامة وخاصة وإثارة الذعر بين الأهالي وسكان المدينة واطلاق النار على عناصر الشرطة الذين لم يردوا بالمثل".
ونفى المسؤول "وقوع أي وفيات في أحداث اليوم" مؤكدا انه "سيتم اتخاذ كل الاجراءات الكفيلة بحماية أمن المواطنين وسلامتهم والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة". وقال احد سكان درعا الاحد انه "تم الافراج بالفعل عن عدد من المعتقلين، كما تم اطلاق اطلاق سراح التلامذة الـ15 الذين كانوا اعتقلوا قبل ايام".
تسونامي التغيير وصل بر الشام |
جاءت هذه الخطوة بعدما كان مصدر رسمي سوري اعلن قبل ظهر الاحد ان السلطات السورية قررت الافراج عن مجموعة من الشباب الذين تم اعتقالهم خلال تظاهرات درعا. ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن مصدر مسؤول انه "لم يثبت التحقيق ادانة مجموعة من الشبان، وسيتم اطلاق سراحهم فورا".
واضاف المصدر ان "لجنة التحقيق التي شكلت تتابع البحث عن المسببين والفاعلين الحقيقيين" من دون ان يذكر اي تفاصيل اضافية. واعلنت السلطات السورية السبت تشكيل لجنة تابعة لوزارة الداخلية كلفت التحقيق في الاحداث "المؤسفة" التي وقعت في محافظة درعا.
واوضح رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الانسان عبد الكريم ريحاوي لوكالة فرانس برس نقلا عن مصادر مقربة من لجنة التحقيق ان "اللجنة التي بدات اعمالها صباح الاحد قررت الافراج عن معظم الموقوفين المتظاهرين على خلفية هذه القضية".
واضاف ريحاوي ان "اللجنة تتابع بجدية التحقيقات لمحاسبة كل المسؤولين عن اطلاق النار على المتظاهرين مهما كانت مكانتهم". واشار ريحاوي الى انه "من المنتظر ان يشمل القرار 15 تلميذا من المرحلة الابتدائية الذين تم اعتقالهم سابقا على خلفية كتابة شعارات مناهضة للحكومة على الجدران" قبل الاحداث.
استمرار الاعتقالات
إلى ذلك، أعلنت المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سوريا عن استمرار اعتقال السلطات السورية لمجموعة من المواطنين في بعض المحافظات السورية، مطالبة باقالة وزير الداخلية السوري سعيد سمور، واعتبرته المسؤول المباشر عن استهداف متظاهرين سلميين في محافظة درعا (جنوب سوريا).
وأكدت في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه أنه "لا تزال السلطات السورية مستمرة في اعتقالاتها العشوائية بين صفوف المواطنين السوريين على خلفية مشاركتهم في الاعتصامات الاحتجاجية التي شهدتها المحافظات السورية أو نتيجة اتهامهم بكتابة عبارات تنتقد الحكومة السورية".
وقال البيان "رغم أن الاعتقالات التعسفية تلك قد طالت العشرات إلى جانب الموقوفين الـ32 في دمشق، إلا أن وزارة الداخلية مازالت تتصرف وكأن تلك الانتهاكات تتم في بلد آخر، إذ لم تصدر أي تعليق أو توضيح سواء على الاعتقالات أو على إطلاق النار الحي على المتظاهرين العزل".
ومن بين المعتقلين الدكتورة علا كيالي في مدينة حلب، وسعيد محمد الجاجه في محافظة حماه، وحسن لؤي حلبيه، حماه، وخالد حسن النبهان، منظقة قمحانه، ومحمد علوش، حمص، ومحمد عبد القادر الخليل، منطقة طيبه الامام، وخالد محمد الشعار منطقة الضاهريه، وفهد الجراد، منطقة الضاهريه، والشقيقان نايف أيوب شعبان، وأبو بكر أيوب شعبان محافظة دمشق، وهيفين حسين القامشلي، ومروة الغميان وشقيقتها راما حسان الغميان، دمشق، إضافة إلى موقوفين آخرين من مدن دير الزور، ودرعا، وحلب، والسويداء، والقامشلي.
ودانت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان بأشد العبارات السلوك العنيف وغير المبرر الذي تعاملت به السلطات السورية مع هذا الاعتصامات السلمية، والذي أدى إلى سقوط ضحايا، مبدية قلقها من إصرار السلطات السورية في ممارسة الانتهاكات للحريات الأساسية بموجب حالة الطوارئ والأحكام العرفية المعلنة في البلاد منذ 1963 بحق ممارسة المواطنين حقوقهم الأساسية في التجمع والتظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبير، التي يكفلها الدستور السوري، وتحديدا في فصله الرابع "الحريات والحقوق والواجبات العامة" وبموجب المادة 39 من الدستور السوري والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
مطالبة بإقالة وزير الداخلية
وقال الدكتور عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية في تصريح خاص لـ"ايلاف" إن المنظمة، وهي تستمع إلى التسريبات الحكومية المطالبة بمحاسبة العناصر التي أطلقت النار على المتظاهرين "تعتبر أن إقالة وزير الداخلية هو الحد الأدنى الذي يجب أن تقوم به السلطات السورية، إضافة إلى بعض الإجراءات الأخرى، مثل رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية وإغلاق ملف الاعتقال السياسي وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وإصدار قانون للتجمع السلمي يجيز للمواطنين بممارسة حقهم بالتظاهر. وإصدار قانون للأحزاب يسمح للمواطنين بممارسة حقهم بالمشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد".
وكانت ثمان منظمات سورّية دانت في بيان مشترك العنف الذي مورس على المتظاهرين السوريين، والذي ترافق مع منع وتفريق العديد من التجمعات السلمية في مختلف المناطق السورية (دمشق – حمص – بانياس)، والذي يعكس بشكل واضح السياسة المتشددة التي تتبعها السلطات السورية مع الحراك المدني السلمي والتي تتعارض مع حق التجمع السلمي المكفول بالمادة 39 من الدستور السوري النافذ وتصطدم مع تعهدات الحكومة السورية المتعلقة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة.
واسفرت التظاهرات التي اندلعت في مدن سورية الجمعة عن مقتل اربعة اشخاص وجرح المئات على ايدي قوات الامن السورية في مدينة درعا، وفق مصادر حقوقية، في حين اكد مصدر رسمي ان عناصر الامن تدخلت بعدما الحق "مندسون اضرارا في الممتلكات العامة والخاصة".
اعتقالات في بانياس ودمشق وحلب
هذا وأكدت مصادر سورية أنّ الأجهزة الأمنية تشنّ حاليًا حملات اعتقال لشبان في مدن سورية عدة، شملت بانياس ودمشق وحلب، اضافة الى درعا، التي تشهد تظاهرات احتجاج دامية منذ ثلاثة ايام.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ان الأجهزة الأمنية في مدينة بانياس الساحل قد اعتقلت الصحافي والكاتب محمود ديبو من ناحية العنازة التابعة لمدينة بانياس ومصطفى الأعسر وحسان خدام من المدينة.
كما القت القبض خلال تظاهرة الجامع الأموي في دمشق يوم الجمعة على حسين مصطفى علي واحمد غويش وعكرمة العرنوس ومجاهد الأطرش وأبو بكر أيوب شعبان ونايف ايوب شعبان وعمار شربجي وياسر الشيخ يوسف وإياد عبد الكريم نور الدين وعمار بدر وحسن حسين مرعي.
اضافة إلى ذلك، فقد اعتقلت أجهزة الأمن في ريف دمشق أربعة طلاب في الصف الحادي عشر من مدرسة الباسل في دوما على خلفية كتابتهم شعارات على الجدران، وأخرجتهم مكبلي الأيدي من صفوف دراستهم، وعرف منهم: عزو علي سريول، وياسر الشيخ ابراهيم وأمجد الصمادي، واعتقلت يوم الجمعة الماضي الشاب أنس الصيصي من مدينة داريا.
كما اعتقلت السلطات الأمنية في مدينة حلب محمد نبي حمادي، ويوم السبت الماضي اعتقلتعلي معرستاوي وعلي حكواتي.
واشار المرصد الى ان الأجهزة الأمنية في دمشق اعتقلت الجمعة كل من حسين اللبواني ومحمود الغوراني ومحمد أديب مطر وبراء كلزية ومحمد منير الفقير ومحمد الخطيب، ولايزال مصيرهم مجهولاً، ولم يحالوا إلى القضاء مع 32 ناشطة وناشطًا اعتقلوا في التاريخ نفسه، وأحيلوا إلى القضاء بتهم النيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات العنصرية والمذهبية وتعكير العلاقة بين عناصر الأمة.
ودان المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار السلطات السورية في ممارسة سياسية الاعتقال التعسفي، وطالبها بالإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي والضمير في السجون السورية والقيام بالإجراءات كافة التي تكفل للمواطنين حقهم المشروع بالتجمع السلمي والتعبير عن الرأي، وعدم تقييد هذه الحقوق، وذلك احتراما للتعهدات الدولية ذات الصلة التي وقعت وصادقت عليها.
ودعا إلى إصدار قانون عصري ينظم عمل الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية في سورية، والسماح بلا قيد أو شرط بعودة السوريين من أصحاب الرأي خارج البلاد الذين يخشون اعتقالهم في حال عودتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات