قال الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمان باراست يوم الثلاثاء إن وجود قوات أجنبية بالبحرين "غير مقبول"، وذلك بعد يوم واحد من دخول قوات سعودية للبحرين للمساعدة في اخماد الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع.
وقال مهمان باراست في مؤتمر صحفي أسبوعي "ان وجود قوات أجنبية والتدخل في شؤون البحرين الداخلية غير مقبول وسيزيد الامر تعقيدا."
وكانت ايران قد حثت البحرين يوم امس الاثنين على عدم السماح بتدخل القوى الخارجية في شؤون البلاد، وذلك عقب الاعلان عن وصول قوات سعودية الى البحرين لمساعدة الحكومة البحرينية في قمع الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ اسابيع.
وكان مصدر رسمي سعودي قد اكد في وقت سابق الاثنين وصول حوالي الف عسكري الى البحرين لمساعدة حكومتها في حماية المنشآت الحكومية، وذلك عقب تصاعد العنف بين المحتجين - وجلهم من الشيعة - وقوات الامن البحرينية يوم الاحد.
وقال المصدر لوكالة فرانس برس ان "اكثر من الف عسكري سعودي من قوات درع الجزيرة الخليجية وصلوا مساء الاحد الى البحرين".
وذكر المصدر انه بموجب الاتفاقيات ضمن مجلس التعاون الخليجي، فان "اي قوة خليجية تدخل الى دولة من المجلس تنتقل قيادتها الى الدولة نفسها." واعتبر التدخل السعودي جزءاً من التعاون الاقليمي بين دول المجلس.
تحليل
يقول بعض المحللين السياسيين إن القرار السعودي بالتدخل العسكري في البحرين يعني ان الاسرة الحاكمة في المنامة قد تجاهلت المناشدات الامريكية بالتحاور مع المحتجين.
فقد قالت مارينا اوتاواي، مديرة برنامج الشرق الاوسط في مؤسسة كارنيجي للسلم العالمي بواشنطن إن "هذا يعني ان حكومة البحرين قد قررت الجنوح نحو التشدد. فقد كان البحرينيون يتعرضون لضغطين: امريكي يدعوهم للتحاور وسعودي يحثهم على التصرف بشدة مع المحتجين. يبدو ان البحرينيين قد اقتنعوا بوجهة النظر السعودية."
وقال مسؤولون أن الدور السعودي سيقتصر على حماية المنشآت الحيوية، بينما انتقدت المعارضة البحرينية تدخل القوات السعودية معتبرة دخول اي قوة خارجية الى المملكة "احتلالا".
ولكن مدير عام دائرة شؤون الخليج "الفارسي" والشرق الاوسط في وزارة الخارجية الايرانية حسين امير عبداللاهيان قال في تصريح نقلته وكالة فارس الايرانية الرسمية إن التدخل الخارجي في البحرين سيزيد المشكلة تعقيدا، ودعا المنامة الى عدم السماح بهذا التدخل.
وقال عبداللاهيان إن "التظاهرات السلمية في البحرين هي شأن داخلي، وخلق جو من الرعب واستخدام قوات اجنبية لقمع المتظاهرين ليس الحل الامثل."
واضاف: "نتوقع ان تستجيب السلطات البحرينية بجدية لمطالب الشعب البحريني المسلم، وان تمتنع هذه السلطات عن تعقيد الوضع باتخاذ القرارات الصائبة ووعدم السماح بالتدخل الخارجي في البحرين."
وكان وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان قد اعلن هو الآخر الاثنين في باريس أن بلاده أرسلت نحو 500 من رجال الشرطة إلى البحرين لمساعدة السلطات البحرينية في استعادة النظام.
وأوضح الوزير الإماراتي الذي يمثل مجلس التعاون الخليجي في اجتماعات وزراء خارجية دول مجموعة الثماني أن تلك القوة الأمنية الإماراتية قد وصلت إلى البحرين بالفعل وأن قرار إرسالها جاء بناء على طلب من الحكومة البحرينية لمساعدتها في إيجاد وسيلة لنزع فتيل التوتر في البحرين.
"حماية"
ودعت المعارضة البحرينية مجلس الامن الدولي الى حماية المدنيين من "التدخل العسكري الخارجي".
وقدم ولي عهد البحرين للمعارضة، وأغلبها من الشيعة، ضمانات بأن يتناول الحوار الوطني مطالبها بعد ساعات من قيام المحتجين وأكثرهم من الشباب بوضع حواجز على الطريق السريع المؤدي إلى مرفأ البحرين المالي.
وقال احد المحتجين لوكالة رويترز في المرفأ المالي الذي أصبح رمزا لما يصفه المحتجون بالتجاوزات الملكية: "الاستثمار في البحرين للجميع لا لشخص واحد... لذلك لدينا مشاكل. المسألة ليست السنة والشيعة."
وشهدت البحرين أسوأ اضطرابات منذ التسعينات بعد أن خرج محتجون الى الشوارع الشهر الماضي مستلهمين بالانتفاضتين اللتين أطاحتا برئيسي مصر وتونس.
من جانبها، حثت الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية يوم الاثنين بتوخي ضبط النفس، وذلك بعد الاعلان عن وصول قوات سعودية الى البحرين في خطوة قال محللون إنها تشير الى محدودية النفوذ الامريكي في المنطقة.
وجاء التدخل السعودي بعد يومين من الزيارة التي قام بها للمنامة وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس والتي حث فيها الحكام البحرينيين على الشروع في اصلاحات سياسية من اجل نزع فتيل التوتر مع الاغلبية الشيعية في البلاد.
الموقف الامريكي
و قالت وزارة الدفاع الامريكية يوم الاثنين إن كبار المسؤولي العسكريين الامريكيين لم يتلقوا أي مؤشرات اثناء زيارات قاموا بها مؤخرا الي الشرق الاوسط الى أن السعودية ستتدخل عسكريا في البحرين .
وقال الكولونيل ديف لابان المتحدث باسم البنتاجون في بيان "لقد أبلغنا جميع الاطراف بمخاوفنا فيما يتعلق بتصرفات قد تكون استفزازية أو تؤجج توترات طائفية ."
وقال البنتاجون ان وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس -الذي زار المنطقة الاسبوع الماضي- والاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان المشتركة لم يكن لديهما علم مسبق عن نية السعودية نشر قواتها في البحرين.
واتسم الرد الامريكي على التدخل السعودي بالحذر، إذ تخشى واشنطن من احتمال قيام ايران باستغلال التوتر في البحرين لمصلحتها، ولهذا فلم ترحب بالتدخل ولم تنتقده.
وقال جاي كارني الناطق باسم البيت الابيض: "ليس هذا غزوا للبحرين، ولكننا نعتقد رغم ذلك ان الحوار السياسي هو الطريق الامثل لمعالجة القلاقل الجارية في البحرين وغيرها من دول المنطقة وليس قمعها بالقوة."
الاضراب
وبدت الحياة شبه متوقفة الاثنين في البلاد حيث اغلقت المدراس والشركات والمصانع تلبية لدعوة الاضراب العام.
ويستمر اعتصام المطالبين بالتغيير والمناوئين للحكومة في كل من دوار اللؤلؤة وبالقرب من مرفأ البحرين المالي.
وقال النائب المستقيل علي الاسود من كتلة جمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في البلاد لوكالة فرانس برس ان "هناك التزاما كبيرا بالاضراب" مشيرا الى ان الجهات المعنية لم تقم برفع القمامة عن الطرقات كما لم تفتح المدارس ابوابها.
وقالت ناشطة من المعتصمين ان الشباب المحتجين نشروا اكواما من الرمال على الطريق الرئيسي بين المحرق والمنامة "بهدف عرقلة حركة المرور وليس منعها".
واشارت الناشطة التي طلبت التعريف باسمها الاول فقط فاطمة، ان شركات الالمنيوم والبترول تنفذ الاضراب بنسبة كبيرة، حتى ولو ان بعض المرافق ليس مغلقة رسميا على حد قولها.
واتهمت الناشطة "عسكريين من جنسيات عربية واسيوية، مجنسين، بمهاجمة السكان، خصوصا في القرى المختلطة" السنية والشيعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات