20 مارس 2011 11:44:03 ص بتوقيت القاهرة
هؤلاء هم الذين يخدشون بهاء الإسلام ويشوشون على نقاء قيمه وإنسانيتها، حين يكذبون ويضحكون على الناس بأن الذين يرفضون التعديلات الدستورية يريدون إلغاء المادة الثانية من الدستور، ويعملون على تقويض مبادئ الدين الإسلامى.
ذلك أن أحدا لم يتطرق إلى حكاية المساس بالمادة الثانية من الدستور، ولم يطالب بإلغائها، ومن ثم يدخل فى باب التدليس والتلبيس أن يدعى أحد ممن يعتلون منبر الخطابة وتخرج منه الكلمات مكسورة ومعوجة وكأنه لم يدرس اللغة العربية يوما ما، يدعى أن رافضى التعديلات ليسوا إلا ثلة من العلمانيين والأقباط.
هذا نوع من الإرهاب السياسى يرتدى عباءة الإسلام زورا وبهتانا، وأذكر بأن القاضية الجليلة المحترمة المستشار نهى الزينى، وهى صاحبة الثقافة الدينية الرفيعة والمنتمية إلى تيار الإسلام السياسى المستنير، ممن عارضوا التعديلات الدستورية بوضوح وجلاء، من منطلق سياسى ورؤية محترمة لمقتضيات الثورة المصرية، وهناك أعداد هائلة من المفكرين الذين لا ينازع أحد فى دفاعهم عن الإسلام الحقيقى، وقفوا ضد هذه التعديلات.
ومن باب الابتزاز الذى يقترب من حدود الإرهاب أن يقال لك إن قولك «لا» وفاء لدماء الشهداء يعنى أنك تمارس نوعا من تخوين أصحاب «نعم»، وهذه قمة الشطارة ومحاولة الخلط بين رأى سياسى وفتوى شرعية، فأنا قلت «لا» لأننى أرى ـ من منظور سياسى ـ أن دماء الشهداء أغلى من أن أوافق على دستور أسقطته ثورة الشهداء، دون أن أكفر من قالوا «نعم» دينيا أو سياسيا.
إن أحدا لم يصادر حق من أرادوها «نعم» لكن الاعتراض كل الاعتراض على من يريدون مصادرة الدين لحسابهم، إلى حد اعتبارهم من يقولون «لا» وكأنهم خارج حظيرة الدين، أو على الأقل متحالفون مع خصومه، وفى ذلك نوع من القتل العمد للروح المصرية الجديدة التى أسفرت عنها ثورة 25 يناير.
لقد كان من الممكن تفهم حماس البعض للتصويت بـ«نعم» لولا أنهم يعيدوننا مرة أخرى إلى عصر محاكم التفتيش، من خلال اعتبار أصحاب «نعم» هم المؤمنون، بينما الآخرون خارجون عن الملة أو فى أفضل الأحوال إيمانهم ناقص، كما جرى فى العديد من المساجد.
كان من الممكن تقبل أن ينصحوا أتباعهم بأن يقولوا «نعم» لكنهم للأسف اعتبروا «لا» طريقا إلى المعصية والانفلات من دائرة الدين والإيمان، أو أنها تفتح عمل الشيطان.
إن يوم أمس كان جليلا ومهيبا، وبدت فيه مصر فى أروع صور تحضرها، وهى تمارس السياسة بمنتهى الرقى، وكنا نتمنى لو بقيت المسألة كلها فى إطار الممارسة السياسية، بعيدا عن تدخلات الجمعيات الدينية، ومحاولة الفرز على أساس هذا حلال وذلك حرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات