الأقسام الرئيسية

خواطر مكتئب

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم سليمان جودة ٧/ ٣/ ٢٠١١

قبل عام ونصف العام، من الآن، كان المهندس محمد منصور، وزير النقل الأسبق، قد استقال من وزارته، وما نذكره، فى هذه اللحظة، أنه، وقتها، قد طار إلى الخارج، بمجرد استقالته، وأغلق موبايله، ولم يرد على أحد، لفترة طويلة!

ورغم أنه كان قد استقال، كما قيل فى ذلك الوقت، ولم يخرج قرار بإقالته، كما كان يحدث غالباً، فإنه من الواضح، أن خروجه من الوزارة، فى تلك الظروف، سواء كان استقالة أو إقالة، قد ترك فى نفسه وجعاً من نوع خاص، وجعله يختفى تماماً عن الأنظار، وينسحب كاملاً، من الحياة العامة، ويُصاب باكتئاب شبه مستمر!

وكان الشىء اللافت للنظر، أنه قد ظهر منذ عدة أشهر، فى مناسبة عامة، وقد أطلق لحيته خفيفاً، بما يشير، بشكل أو بآخر، إلى أن خروجه من الوزارة، قد سبب له ألماً، وجلب عليه، مع الألم، نوعاً من الوجع والاكتئاب!

ولا أحد يعرف أين الرجل الآن، ولا أحد يعرف، وهذا هو الأهم، رأيه فيما جرى، ابتداء من ٢٥ يناير إلى اليوم، حين انهار البنيان، الذى كان جزءاً منه، فى غمضة عين!

غير أن الذى يستطيع الواحد منا أن يخمِّنه، أن محمد منصور يجلس الآن، حيث هو ثم يسترجع شريط ذاكرته، منذ استقالته، إلى ٢٥ يناير، ثم يسأل نفسه، فى إلحاح وإشفاق: ماذا لو لم أستقل، فى حينه، وماذا لو بقيت فى الوزارة، حتى ٢٥ يناير، ثم جاء هذا التاريخ، حيث أنا ـ هكذا يتحدث مع نفسه ـ فى وزارة النقل، فإذا بنا جميعاً، خارج السلطة، وإذا ببعضنا خلف الأسوار؟!

يحادث الوزير منصور نفسه، فى لحظتنا هذه، قائلاً: إن واحداً من أقربائى، قيد الحبس الآن، وهو ليس فقط أحد أقربائى، ولكنه ابن خالتى مباشرة، وقد كان معى فى الحكومة، قدماً بقدم، وربما أصابه الحزن هو الآخر لخروجى، كما حزنت أنا، ولكننى أتأمل شريط ما جرى، ثم أكتشف ـ هكذا يناجى نفسه ـ أننى لم أكن على حق أبداً، حين حزنت، وتوجعت، وتألمت، وأصابنى الاكتئاب، فى لحظة خروجى، فلو اطلع الإنسان على الغيب، كما قيل، لاختار الواقع!.. ثم يواصل وهو يستعرض خواطره فى أعماقه: كان من الممكن أن أكون، الآن، مجرد وعاء من ماء، لإطفاء غضب الرأى العام، وهو غضب لا يريد أن ينطفئ؟.. ثم يتردد صدى فى داخله، وهو جالس مع نفسه، ليقول: حقاً.. وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم!

يتنهد الوزير منصور، بعمق، فيهتز كيانه، وهو جالس فى مكانه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer