مشكلة تواجه الزعماء الذي يخفون ثرواتهم نقدا
عبد الاله مجيد من لندن
GMT 21:30:00 2011 الإثنين 14 مارس
يجري الحديث عن أن العقيد القذافي يخفي عشرات المليارات من الدولارات الأميركية والدنانير الليبية وربما عملات أخرى نقدا في مصارف وفي مجمع العزيزية في طرابلس. ومثله فعل الكثير من الزعماء في العالم، وهذا ما يجعل التحذير من أن تقضمها الفئران أمراً طريفاً، لكنه واقعي أثبتته الوقائع التاريخية.
أموال نقدية وجدت في قصر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي |
كشف مسؤولون استخباراتيون ومصدر له علاقة بالنظام الليبي ان العقيد معمر القذافي يخفي عشرات المليارات من الدولارات الأميركية والدنانير الليبية وربما عملات أخرى نقدا في مصارف وفي مجمع العزيزية مقر القذافي في طرابلس.
ويقول مراقبون ان الاحتفاظ بأرصدة ضخمة كهذه على قاعدة ان القرش الأحمر ينفع في اليوم الأسود، قد يساعد القذافي على الصمود بوجه العقوبات الاقتصادية وتجميد ارصدة الحكومة الليبية في الخارج. وبالطبع إذا فر القذافي فإن النقد الصلب أخف حملا من أصول اخرى مثل السيارات أو العقارات.
ويزخر التاريخ بحكام مستبدين وطغاة وملوك كدسوا المال نقداً تحسباً للطوارئ فضلا عن لجوئهم الى السرقة السافرة في بعض الحالات. فإن سيدة الفيليبين الأولى سابقا إيملدا ماركوس وأطفالها الثلاثة اتُّهموا بنقل 22 صندوقا من العملة الفيليبينية معهم حين هربوا الى هاواي عام 1986. وفي هايتي سحب الرئيس جان كلود دوفالييه وزوجته ميشيل ما لا يقل عن 33 مليون دولار من البنك المركزي وأودعاها في مصارف اجنبية، وربما احتفظا ببعض المال والمجوهرات في صناديق مؤمنة في فرع بنك ستي بنك في نيويورك، بحسب وثائق قدمتها حكومة هايتي الى محكمة أميركية بعد تنحي دوفالييه عام 1986.
اما دكتاتور بنما السابق الجنرال انطونيو نوريغا فإن تقارير افادت بأنه اخفى 5.8 مليون دولار اوراقا نقدية من فئة 10 و20 و50 و100 دولار في خزانة وراء مكتب في منزله. وصادرت السلطات الاميركية هذه النقود خلال غزو بنما عام 1989.
وفي عام 1997 قبيل استيلاء قوات لوران كابيلا على السلطة في الكونغو أو زائير سابقا، قام مساعدو الرئيس السابق موبوتو سيسي سيكو بتهريب صناديق معبأة بالألماس واكثر من 40 مليون دولار نقدا على متن طائرة خاصة، كما أفادت صحيفة ذي صندي اندبنتدنت الجنوب افريقية.
وفي عام 2003 نُقل عن مسؤولين ان قصي نجل الرئيس العراقي السابق صدام حسين أخذ معه نحو مليار دولار من خزائن البنك المركزي العراقي قبل ان تبدأ قنابل الأميركيين تنهمر على بغداد. وكان حجم النقد كبيرا، منه زهاء 900 مليون ورقة نقدية من فئة 100 دولار وما قيمته نحو 100 مليون دولار من اليورو، حتى ان فريقا من العمال احتاجوا الى ساعات لتحميل ثلاث شاحنات بالنقود.
ولتكوين فكرة عن حجم تل من عشرات مليارات الدولارات نقدا، يقول مكتب الحفر والطباعة الأميركي ان جميع أوراق الدولار النقدية ذات حجم واحد وبالتالي فان وزن عشرة مليارات دولار من النقد الورقي فئة 100 دولار يبلغ نحو 110 أطنان.
وتنقل صحيفة الديلي تلغراف عن العالم الانثروبولوجي جاك ويذرفورد مؤلف "تاريخ النقود"، ان خزن اكداس كبيرة من النقود في مكان آمن كان مشكلة واجهت الحكام منذ فجر الحضارة.
ويعود سك بعض النقود المعدنية من خليط من الفضة والذهب الى زمن قارون حاكم ليديا في تركيا اليوم خلال الفترة الممتدة من عام 560 الى 546 قبل الميلاد. لكن ثروة قارون الاسطورية تكدست في قصره حتى اثارت انتباه جيرانه الفرس فاستحوذوا عليها.
وفي القرن العشرين واجه السلطان سعيد بن تيمور والد سلطان عمان الحالي قابوس مشكلة من نوع آخر. إذ لم يكن هناك نظام مصرفي يستطيع الوثوق به حين بدأت عائدات النفط تنهال على السلطنة فأخذ يكدس عملات صعبة مثل الجنيهات الاسترلينية في قصره في مسقط ولكن الجذران بدأت تقضمها، بحسب الديلي تلغراف نقلا عن العالم ويذرفورد. ويرى مراقبون ان تناقص ميراث العائلة على هذا النحو ربما كان احد اسباب الانقلاب الذي قام به السلطان الحالي على والده في عام 1970.
وقال العالم ويذرفورد ان هذه مشكلة تواجه النقود الورقية لكونها فريسة سهلة تقضمها الحشرات والجرذان وغيرها من الحيوانات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات