من المفترض عند نشر هذا المقال أن تكون النتائج النهائية للاستفتاء على التعديلات الدستورية قد أعلنت بصورة رسمية لتحسم أول معركة سياسية حقيقية تدور بين فصائل وتيارات هذه الثورة بعد أقل من أربعين يوما على نجاحها فى إقصاء رئيس النظام المخلوع حسنى مبارك عن منصبه. ومن المفترض أيضا أن تبدأ بناء على هذه النتائج أيا كانت مرحلة جديدة فى مسيرة الثورة المصرية تتمثل فى الشروع فى بناء هيكلها الدستورى ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية التى سيناط بها تشكيل الملامح الرئيسية للنظام السياسى الثورى الجديد الذى سيقود البلاد نحو نهضتها التى طال توق المصريين إليها.
إلا أن الطريقة التى أجريت بها التعديلات الدستورية وما ترتب عليها من استفتاء وما ارتبط به ببعض التطورات والأحداث المهمة يدفع إلى تخوفات حقيقية وكبيرة على مستقبل وإمكانية بناء نظام سياسى جديد للثورة يحفظ من ناحية وجودها ويؤدى من ناحية ثانية إلى قيادة مصر إلى مستقبلها الجديد. ويجب القول قبل كل شيء إن الملاحظات الجوهرية التى ترد على التعديلات والاستفتاء عليها لا تلغى بأى حال الحجم الهائل من الإيجابيات التى رآها الجميع فى المشاركة الفعالة والواسعة لجميع فئات وطبقات المصريين فى الاستفتاء طواعية للمرة الأولى فى تاريخهم الحديث تقريبا وحرصهم المفاجئ للجميع على القيام بدورهم فيما رأوا أنه دورهم فى إعادة بناء نظامهم السياسى وبلدهم.
وربما كانت أخطر سلبيات التعديلات والاستفتاء هذه العجالة فى صياغتها وذلك المدى الزمنى شديد الضيق والقصر الذى أعطى لتعريف المصريين بها والتفاعل بينهم حولها بما يخالف حتى ما كان الدستور الحالى المعطل ينص عليه. فهذا الدستور جرى على ما جرت عليه الدساتير الأخرى الديمقراطية من إعطاء مهلة لا تقل عن شهرين فى المادة 189 قبل مناقشة مجلس الشعب لنصوص التعديلات الدستورية لكى يفهمها الناس ويديرون حولها حوارا عاما يسمح لهم بتكوين مواقفهم واتجاهاتهم منها قبل الاستفتاء عليها، بما يصل بالفترة من اقتراح هذه التعديلات وحتى ذلك الاستفتاء إلى ما لا يقل عن شهرين ونصف الشهر. إلا أن هذا الذى ينطبق عادة فى الظروف العادية على التعديلات الدستورية حرم منه المصريون وهم يقومون بالاستفتاء على تعديلات جوهرية فى دستور بلادهم وفى مرحلة ثورية غير عادية، حيث لم تصل فترة الحوار العام حولها إلى ثلاثة أسابيع. وهنا ظهرت الأزمة الحقيقية التى يمكن أن تطيح بمصداقية أى نتائج يمكن أن يصل إليها الاستفتاء على التعديلات، حيث بدا واضحا أن الغالبية الساحقة من المصريين على الرغم من حماسهم الهائل للتصويت عليها لا يعرفون بدقة ولا حتى بصورة عامة علام كانوا يصوتون.
فقد صوت المصريون، أو أغلبيتهم الكبيرة، لما حملته دعاية النخب والقوى السياسية لهم من شعارات عامة اختزل كل منها التعديلات فيها بحسب موقفه منها سواء بالموافقة أو الرفض. وقد كان حال اتجاه الموافقة أكثر سوءا حيث اختزلها للناس فى صورة شعار واحد لا يبدو أن له وجودا واقعيا فيها عند تطبيقها هو «الاستقرار» وعودة البلاد إلى أحوالها العادية، مخاطبا بذلك تخوفات المصريين من الفوضى ورغباتهم الطبيعية فى الأمن والمعيشة الكريمة.
أما الاختزال الأكثر خطورة للتعديلات الدستورية من جانب قطاع رئيسى من النخب والقوى السياسية والدينية الداعية للموافقة عليها فقد كان فى ربطها بالموقف من الإسلام واعتبار أن التصويت عليها بنعم يعنى الحفاظ عليه والدفاع عنه أمام من يرغبون فى استبعاده من الدستور الجديد القادم ومن الحياة السياسية فى البلاد على وجه العموم. وقد ذهب جناح من هؤلاء الداعين للموافقة إلى أبعد من هذا بكثير حينما أشاعوا أن التصويت بلا على التعديلات يخالف شرع الإسلام فى أقل التقديرات ويكاد يخرج المرء منه فى أقصاها تشددا. من هنا فقد ذهب كثير من المصريين للتصويت بنعم انطلاقا من عاطفتهم الدينية وخوفهم المشروع على دينهم وشريعتهم من الضياع كما أفهمهم ذلك الجناح من النخبة والقوى السياسية والدينية الداعى للموافقة، وليس على التعديلات الدستورية ذاتها والتى تأكد أن غالبيتهم الكبيرة لا تعرف شيئا عنها لا إجمالا ولا تفصيلا. وقد أدى هذا الاستخدام المفرط والسلبى للدين على الجانب المسلم من المجتمع إلى خلق حالة من التعبئة الدينية على الجانب المسيحى منه ضد التعديلات بدون معرفتها لا إجمالا ولا تفصيلا أيضا وفقط لمجرد أن من دعا للموافقة عليها هم تلك التيارات الدينية والسياسية الإسلامية التى أشاعت أن فيها خطرا على الإسلام وشريعته. وقد ذهب الاستخدام المفرط للدين فى الترويج للموافقة على التعديلات وتخويف عامة المسلمين من الموافقة عليها إلى استخدام لونى علامة التصويت فى التعبئة حيث أشاع من يدعون إلى ذلك أن لون علامة الموافقة الأخضر يشير إلى الإسلام المعروف بأن هذا اللون هو الأقرب رمزية له بينما يوضح لون علامة الرفض الأسود ــ بحسب دعايتهم ــ إلى المصير غير الإسلامى الذى ينتظر من يرفضونها.
بهذين الاختزالين للتعديلات الدستورية من جانب الداعين للموافقة عليها وفى ظل قصر مدة الحوار العام حولها والتعريف بها، تبدو النتيجة النهائية للاستفتاء ــ أيا كانت غير ــ معبرة بأى حال عن موقف غالبية من شارك فيه من المصريين تجاه مضمونها وما يمكن أن يترتب عليها من نتائج بقدر ما هى معبرة عن استجاباتهم وتخوفاتهم لما تم اختزالها فيه من جانب النخب والقوى الدينية والسياسية الداعية للموافقة عليها. والحقيقة أن هذه المعانى والدلالات الخطيرة للاستفتاء على التعديلات الدستورية تدفع إلى التخوف الحقيقى من أمرين على الأقل بالنسبة للمستقبل.
الأول أن يفهم بعض الداعين للموافقة على التعديلات من النخب والقوى الدينية والسياسية أنه فى حالة الموافقة عليها فإن هذا يعنى الموافقة على مشروعهم السياسى والدينى وتصوراتهم لإدارة المجتمع من جانب أغلبية من المصريين، بما قد يدفع بعضهم إلى الإصرار على وضع القواعد العامة التى ستنظم الحياة السياسية فى البلاد وخصوصا تشكيل الأحزاب من واقع رؤيتهم هم، أى أن تتشكل الأحزاب فى البلاد على أسس دينية مباشرة وليس على قاعدة مدنية سياسية الأمر الذى سيهدد المجتمع المصرى بتفتيت خطير غير مسبوق فى العصر الحديث كله. وتستلزم مواجهة هذا الاحتمال الخطير أن يكون هناك توافق وإصرار ثابتان من جانب النخب والقوى الدينية والسياسية العاقلة فى البلاد سواء كانت مسلمة أو مسيحية على إصدار قانون للأحزاب وجميع الهيئات السياسية فى البلاد لا يميز فيه بين المصريين على أى أساس كان سواء دينيا أو غير دينى. أما الأمر الثانى فهو الخطورة الأشد التى يمكن أن يحملها استخدام الدين بالطريقة السلبية والمفرطة التى جرت أثناء الاستفتاء فيما هو آت من انتخابات سواء برلمانية أو رئاسية على وحدة المجتمع وتماسكه وعلى دقة وتعبير نتائجها عن التوجهات السياسية الحقيقية للمصريين. ولمواجهة ذلك الأمر الثانى لابد أيضا من توافق وإصرار ثابتين من جانب النخب والقوى الدينية والسياسية العاقلة فى البلاد سواء كانت مسلمة أو مسيحية على إصدار قانون صارم ومفصل للدعاية الانتخابية يضمن الحفاظ فى النهاية على وحدة البلاد وأهلها ونظافة الخصومة السياسية بين الفرقاء.
وإلى جانب الأمور الكبرى والخطيرة التى حملها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فإن عملية الاستفتاء نفسها قد حملت أمورا أخرى أقل حجما وخطورة وإن كانت لا تقل أهمية. فحادثة الاعتداء المدانة ضد الدكتور محمد البرادعى خارج أحد مقار اللجان الانتخابية تدفع إلى ضرورة إصدار تشريع واضح واتخاذ إجراءات معلنة لمد هيمنة القضاة على المناطق التى تجرى بها الانتخابات وليس فقط المقار الانتخابية كما هو الحال حاليا، وذلك للحيلولة دون أى منع للمرشحين أو الناخبين من دخولها أو للاعتداء على بعضهم. ولا شك أن هناك اقتراحات كثيرة مفصلة فى هذا المجال تم طرحها منذ تكرار هذا الأمر على يد النظام السابق فى المرحلتين الثانية والثالثة من انتخابات مجلس الشعب عام 2005 ضد مرشحى وأنصار الإخوان المسلمين.
كذلك فإن قيام رؤساء اللجان الفرعية والعامة للاستفتاء من أعضاء الهيئات القضائية بقصر فرز الأصوات عليهم وعلى الموظفين الإداريين أعضاء هذه اللجان دون السماح بحضور مندوبين عن منظمات المراقبة أو وسائل الإعلام، يعد سابقة خطيرة قد تدفع البعض للتشكيك فى صحة النتائج النهائية، وهو ما يجب تداركه فورا بتشريع ينظم طريقة الفرز فى الاستفتاءات بما يضمن وجود مراقبين معتمدين وممثلين لوسائل الإعلام فى جميع مراحل الفرز حتى إعلان النتائج.
ومع كل هذه الأمور والملاحظات الخطيرة منها والأقل خطورة يبقى أن حياد الجيش والشرطة أثناء التصويت للمرة الأولى فى أى استفتاء منذ أن عرف المصريون الاستفتاء إنما هو ظاهرة إيجابية كبيرة تجب الإشارة إليها والإشادة بها والحرص على استمرارها حتى لا تعود البلاد إلى زمن كان المصريون يغيبون عن التصويت ويحل محلهم النظام الحاكم فى تحديد نتائج هذا التصويت.
إلا أن الطريقة التى أجريت بها التعديلات الدستورية وما ترتب عليها من استفتاء وما ارتبط به ببعض التطورات والأحداث المهمة يدفع إلى تخوفات حقيقية وكبيرة على مستقبل وإمكانية بناء نظام سياسى جديد للثورة يحفظ من ناحية وجودها ويؤدى من ناحية ثانية إلى قيادة مصر إلى مستقبلها الجديد. ويجب القول قبل كل شيء إن الملاحظات الجوهرية التى ترد على التعديلات والاستفتاء عليها لا تلغى بأى حال الحجم الهائل من الإيجابيات التى رآها الجميع فى المشاركة الفعالة والواسعة لجميع فئات وطبقات المصريين فى الاستفتاء طواعية للمرة الأولى فى تاريخهم الحديث تقريبا وحرصهم المفاجئ للجميع على القيام بدورهم فيما رأوا أنه دورهم فى إعادة بناء نظامهم السياسى وبلدهم.
وربما كانت أخطر سلبيات التعديلات والاستفتاء هذه العجالة فى صياغتها وذلك المدى الزمنى شديد الضيق والقصر الذى أعطى لتعريف المصريين بها والتفاعل بينهم حولها بما يخالف حتى ما كان الدستور الحالى المعطل ينص عليه. فهذا الدستور جرى على ما جرت عليه الدساتير الأخرى الديمقراطية من إعطاء مهلة لا تقل عن شهرين فى المادة 189 قبل مناقشة مجلس الشعب لنصوص التعديلات الدستورية لكى يفهمها الناس ويديرون حولها حوارا عاما يسمح لهم بتكوين مواقفهم واتجاهاتهم منها قبل الاستفتاء عليها، بما يصل بالفترة من اقتراح هذه التعديلات وحتى ذلك الاستفتاء إلى ما لا يقل عن شهرين ونصف الشهر. إلا أن هذا الذى ينطبق عادة فى الظروف العادية على التعديلات الدستورية حرم منه المصريون وهم يقومون بالاستفتاء على تعديلات جوهرية فى دستور بلادهم وفى مرحلة ثورية غير عادية، حيث لم تصل فترة الحوار العام حولها إلى ثلاثة أسابيع. وهنا ظهرت الأزمة الحقيقية التى يمكن أن تطيح بمصداقية أى نتائج يمكن أن يصل إليها الاستفتاء على التعديلات، حيث بدا واضحا أن الغالبية الساحقة من المصريين على الرغم من حماسهم الهائل للتصويت عليها لا يعرفون بدقة ولا حتى بصورة عامة علام كانوا يصوتون.
فقد صوت المصريون، أو أغلبيتهم الكبيرة، لما حملته دعاية النخب والقوى السياسية لهم من شعارات عامة اختزل كل منها التعديلات فيها بحسب موقفه منها سواء بالموافقة أو الرفض. وقد كان حال اتجاه الموافقة أكثر سوءا حيث اختزلها للناس فى صورة شعار واحد لا يبدو أن له وجودا واقعيا فيها عند تطبيقها هو «الاستقرار» وعودة البلاد إلى أحوالها العادية، مخاطبا بذلك تخوفات المصريين من الفوضى ورغباتهم الطبيعية فى الأمن والمعيشة الكريمة.
أما الاختزال الأكثر خطورة للتعديلات الدستورية من جانب قطاع رئيسى من النخب والقوى السياسية والدينية الداعية للموافقة عليها فقد كان فى ربطها بالموقف من الإسلام واعتبار أن التصويت عليها بنعم يعنى الحفاظ عليه والدفاع عنه أمام من يرغبون فى استبعاده من الدستور الجديد القادم ومن الحياة السياسية فى البلاد على وجه العموم. وقد ذهب جناح من هؤلاء الداعين للموافقة إلى أبعد من هذا بكثير حينما أشاعوا أن التصويت بلا على التعديلات يخالف شرع الإسلام فى أقل التقديرات ويكاد يخرج المرء منه فى أقصاها تشددا. من هنا فقد ذهب كثير من المصريين للتصويت بنعم انطلاقا من عاطفتهم الدينية وخوفهم المشروع على دينهم وشريعتهم من الضياع كما أفهمهم ذلك الجناح من النخبة والقوى السياسية والدينية الداعى للموافقة، وليس على التعديلات الدستورية ذاتها والتى تأكد أن غالبيتهم الكبيرة لا تعرف شيئا عنها لا إجمالا ولا تفصيلا. وقد أدى هذا الاستخدام المفرط والسلبى للدين على الجانب المسلم من المجتمع إلى خلق حالة من التعبئة الدينية على الجانب المسيحى منه ضد التعديلات بدون معرفتها لا إجمالا ولا تفصيلا أيضا وفقط لمجرد أن من دعا للموافقة عليها هم تلك التيارات الدينية والسياسية الإسلامية التى أشاعت أن فيها خطرا على الإسلام وشريعته. وقد ذهب الاستخدام المفرط للدين فى الترويج للموافقة على التعديلات وتخويف عامة المسلمين من الموافقة عليها إلى استخدام لونى علامة التصويت فى التعبئة حيث أشاع من يدعون إلى ذلك أن لون علامة الموافقة الأخضر يشير إلى الإسلام المعروف بأن هذا اللون هو الأقرب رمزية له بينما يوضح لون علامة الرفض الأسود ــ بحسب دعايتهم ــ إلى المصير غير الإسلامى الذى ينتظر من يرفضونها.
بهذين الاختزالين للتعديلات الدستورية من جانب الداعين للموافقة عليها وفى ظل قصر مدة الحوار العام حولها والتعريف بها، تبدو النتيجة النهائية للاستفتاء ــ أيا كانت غير ــ معبرة بأى حال عن موقف غالبية من شارك فيه من المصريين تجاه مضمونها وما يمكن أن يترتب عليها من نتائج بقدر ما هى معبرة عن استجاباتهم وتخوفاتهم لما تم اختزالها فيه من جانب النخب والقوى الدينية والسياسية الداعية للموافقة عليها. والحقيقة أن هذه المعانى والدلالات الخطيرة للاستفتاء على التعديلات الدستورية تدفع إلى التخوف الحقيقى من أمرين على الأقل بالنسبة للمستقبل.
الأول أن يفهم بعض الداعين للموافقة على التعديلات من النخب والقوى الدينية والسياسية أنه فى حالة الموافقة عليها فإن هذا يعنى الموافقة على مشروعهم السياسى والدينى وتصوراتهم لإدارة المجتمع من جانب أغلبية من المصريين، بما قد يدفع بعضهم إلى الإصرار على وضع القواعد العامة التى ستنظم الحياة السياسية فى البلاد وخصوصا تشكيل الأحزاب من واقع رؤيتهم هم، أى أن تتشكل الأحزاب فى البلاد على أسس دينية مباشرة وليس على قاعدة مدنية سياسية الأمر الذى سيهدد المجتمع المصرى بتفتيت خطير غير مسبوق فى العصر الحديث كله. وتستلزم مواجهة هذا الاحتمال الخطير أن يكون هناك توافق وإصرار ثابتان من جانب النخب والقوى الدينية والسياسية العاقلة فى البلاد سواء كانت مسلمة أو مسيحية على إصدار قانون للأحزاب وجميع الهيئات السياسية فى البلاد لا يميز فيه بين المصريين على أى أساس كان سواء دينيا أو غير دينى. أما الأمر الثانى فهو الخطورة الأشد التى يمكن أن يحملها استخدام الدين بالطريقة السلبية والمفرطة التى جرت أثناء الاستفتاء فيما هو آت من انتخابات سواء برلمانية أو رئاسية على وحدة المجتمع وتماسكه وعلى دقة وتعبير نتائجها عن التوجهات السياسية الحقيقية للمصريين. ولمواجهة ذلك الأمر الثانى لابد أيضا من توافق وإصرار ثابتين من جانب النخب والقوى الدينية والسياسية العاقلة فى البلاد سواء كانت مسلمة أو مسيحية على إصدار قانون صارم ومفصل للدعاية الانتخابية يضمن الحفاظ فى النهاية على وحدة البلاد وأهلها ونظافة الخصومة السياسية بين الفرقاء.
وإلى جانب الأمور الكبرى والخطيرة التى حملها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فإن عملية الاستفتاء نفسها قد حملت أمورا أخرى أقل حجما وخطورة وإن كانت لا تقل أهمية. فحادثة الاعتداء المدانة ضد الدكتور محمد البرادعى خارج أحد مقار اللجان الانتخابية تدفع إلى ضرورة إصدار تشريع واضح واتخاذ إجراءات معلنة لمد هيمنة القضاة على المناطق التى تجرى بها الانتخابات وليس فقط المقار الانتخابية كما هو الحال حاليا، وذلك للحيلولة دون أى منع للمرشحين أو الناخبين من دخولها أو للاعتداء على بعضهم. ولا شك أن هناك اقتراحات كثيرة مفصلة فى هذا المجال تم طرحها منذ تكرار هذا الأمر على يد النظام السابق فى المرحلتين الثانية والثالثة من انتخابات مجلس الشعب عام 2005 ضد مرشحى وأنصار الإخوان المسلمين.
كذلك فإن قيام رؤساء اللجان الفرعية والعامة للاستفتاء من أعضاء الهيئات القضائية بقصر فرز الأصوات عليهم وعلى الموظفين الإداريين أعضاء هذه اللجان دون السماح بحضور مندوبين عن منظمات المراقبة أو وسائل الإعلام، يعد سابقة خطيرة قد تدفع البعض للتشكيك فى صحة النتائج النهائية، وهو ما يجب تداركه فورا بتشريع ينظم طريقة الفرز فى الاستفتاءات بما يضمن وجود مراقبين معتمدين وممثلين لوسائل الإعلام فى جميع مراحل الفرز حتى إعلان النتائج.
ومع كل هذه الأمور والملاحظات الخطيرة منها والأقل خطورة يبقى أن حياد الجيش والشرطة أثناء التصويت للمرة الأولى فى أى استفتاء منذ أن عرف المصريون الاستفتاء إنما هو ظاهرة إيجابية كبيرة تجب الإشارة إليها والإشادة بها والحرص على استمرارها حتى لا تعود البلاد إلى زمن كان المصريون يغيبون عن التصويت ويحل محلهم النظام الحاكم فى تحديد نتائج هذا التصويت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات