بقلم سليمان جودة ١٣/ ٣/ ٢٠١١
الذين ينادون بتشكيل مجلس رئاسى يتولى إدارة البلاد، خلال هذه المرحلة الانتقالية، يفعلون ذلك بدافع من اثنين، أولهما الرغبة فى تخفيف العبء عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى يجد نفسه منشغلاً فى الوقت الحالى بقضايا ليست من اختصاصه، ومشتغلاً بحل أزمات ليست من شأنه أصلاً! والدافع الثانى أن هناك إحساساً، يكاد يكون عاماً، بأن فترة الستة أشهر، التى قرر المجلس الأعلى تسليم السلطة خلالها لرئيس منتخب، ليست كافية لإجراء الانتخابات، فضلاً عن تنظيمها، والاستعداد لها، وبالتالى فإن تشكيل مجلس رئاسى يمكن أن يطيل هذه الفترة لعام أو عام ونصف العام، أو حتى عامين، لأن المجلس الأعلى لن يكون وقتها هو وحده المسؤول، ولن يكون الجيش منهمكاً فى غير أموره الأساسية، وسوف يكون فى مقدور قادة المجلس الأعلى أن يشاركوا فى تسيير الأمور، خلال المرحلة الانتقالية، وسوف يكون فى إمكانهم فى الوقت نفسه أن يجدوا الوقت الكافى للنهوض بالمهمة الأساسية، والوحيدة للجيش، وهى حماية أمن الوطن، وحدوده، وترابه. ولكننا، فى غمرة المناداة بتشكيل المجلس الرئاسى، لم نلتفت إلى شىء شكلى فى الموضوع، ثم إلى شىء آخر خاص بالمضمون. أما الشكلى فهو أن الدكتور البرادعى كان هو أول من دعا إلى تشكيل مجلس رئاسى من هذا النوع، وأما المضمون فهو أن هذه الدعوة تناقض نفسها بنفسها، وتكاد تنطوى على سقطة للبرادعى ذاته! فالمجلس الرئاسى، الذى يدعو إليه الرجل، سوف يتكون بطبيعته من قادة عسكريين فى المجلس الأعلى، على رأسهم المشير طنطاوى، وسوف يضم إلى جانبهم شخصيات عامة من أصحاب الوزن والسمعة الحسنة فى المجتمع.. ولكن الدكتور البرادعى لم يذكر شيئاً عن الطريقة التى سوف يتم بها اختيار الشخصيات المدنية فى المجلس الرئاسى، وحين سألوه قال ـ ما معناه ـ أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذى سوف يختارهم، بما يعنى فى النهاية أن المجلس الأعلى سوف يكون هو ـ فى الأصل ـ الذى يحكم، لأنه هو الذى سوف يختار، وهو الذى يأتى بفلان إلى المجلس الرئاسى، وسوف يستبعد «علان».. والمعنى أننا ساعتها لن نكون قد فعلنا شيئاً، وسوف نكون أشبه بمن يدور فى مكانه، أو حول نفسه! بل إن الأخطر من ذلك كله أن المجلس الأعلى، فى كل كلمة صدرت عنه، منذ تولى الأمر، يوم تخلى الرئيس مبارك عن السلطة، يوم ١١ فبراير، يؤكد أنه كمجلس أعلى يريد أن يتخلص من هذا العبء، وقبل العبء يريد أن يتخلص من المسؤولية فى ستة أشهر، ولا يريد أن يبقى بعدها يوماً واحداً، ومن شأن دعوة الدكتور البرادعى أن تستدعى المجلس الأعلى، وتستبقيه فترة أطول بكثير، مما يريده ويراه! إننى هنا لا أتكلم عن شخص البرادعى، وما إذا كان جيداً أم سيئاً، ولكنى أتكلم عن مضمون اقتراحه، الذى سوف يستبقى الجيش فى الحكم، دون مسؤولية محددة عليه، لأن المسؤولية وقتها سوف تتفرق فى المجلس الرئاسى بين العسكريين وبين المدنيين، الذين سوف يكونون بطبيعتهم بلا حيثية، وسوف يؤدى ذلك كله إلى تسييل الأمور فى البلد، أكثر مما هى سائلة أصلاً! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات