بقلم خالد منتصر ١٣/ ٣/ ٢٠١١
التربص والتفتيش فى النوايا وشق الصدور صارت شعار المرحلة، وعندما كتبت منتقداً رفع الشعارات الدينية فى المظاهرات فهمه البعض على أنه كلام فى الدين برغم أننى أردته كلاماً فى السياسة، عندما طالبت بعدم إقحام اسم الله فى لعبة السياسة وتنزيهه عن بحارها المتلاطمة والحفاظ على قدسيته وجلاله، عندما ناقشت شعار «الله أسقط النظام»، كنت حريصاً أكثر من كل من هاجمنى على جلال وقدسية الخالق وعدم جر الدين إلى حلبة السياسة المليئة بالمؤامرات وتيارات المد والجزر التى من الممكن أن تجرف معها معانى الدين النبيلة إلى حيث الدسائس والمنافسات والمشاحنات، ولكن البعض أراد المزايدة وحول الموضوع من كلام فى السياسة إلى كلام فى العقيدة، وكان محور كل الرسائل هو أن الله هو مدبر الكون، والسؤال: ما هى علاقة الشعار الدينى وما طرحناه بهذه البديهية التى لم أناقشها وأطرحها أصلاً من فرط بديهيتها ووضوحها؟.. والسؤال لكل من يزايد علينا فى ديننا وإيماننا وكأنه يحتكر الدين والأخلاق، هل يستطيع أن يزايد على التقى الورع الإمام على بن أبى طالب الذى رفض شعار الخوارج «لا حكم إلا لله»؟!.. على كرم الله وجهه لم ينخدع برفع المصاحف على أسنة الرماح وقال قولته الشهيرة «كلمة حق يراد بها باطل»، كان إمام المتقين أول من فهم وتنبه إلى عدم الخلط بين قدسية الدين ومصالح السياسة. هل كان بعيداً عن ذهن وتفكير على بن أبى طالب بديهية أن الله يتحكم فى كل شىء؟، وهل عندما رفض مقولة لا حكم الا لله أو رفض تفسيرها السياسى كان يحتاج إلى دروس فى بديهيات الدين كالتى أرسلها المهاجمون عن أن الله يتحكم فى الكون ويدبر الكون؟!، كان يعرف مثل كل ليبرالى الآن يطالب بعدم إقحام شعارات الدين فى السياسة أنه لابد أن نفرق بين الدين المطلق وجلاله وننزهه عن مصالح السياسة المؤقتة، كان ينأى ويبتعد بالدين عن أسئلة مثل: وماذا لو فشل الحكم الذى يطلق عليه حكم إلهى؟ لمن سينسب هذا الفشل، ولماذا نقحم اسم الله فى مسائل سياسية نسبية معرضة للصعود والهبوط؟، وهو نفس ما يريده البعض الآن من نسبة ربط إسقاط النظام بالحكم الإلهى والذى سيقودنا إلى أسئلة مهلكة مثل: وماذا عن الأنظمة الفاسدة السابقة ولماذا ظلت وأى إرادة جعلتها جاثمة على صدورنا؟، وإذا فتحنا هذا الباب سيظل التساؤل عن فوضى ما بعد اسقاط النظام والمطالب الفئوية المجهضة للثورة والفتنة الطائفية التى أطلت برأسها الخبيث، من المسؤول عنها؟، من الأفضل أن ننزه الله عن هذه المعارك السياسية المتقلبة، دون أن يتهمنا البعض فى ديننا ويفتش فى ضمائرنا، فالحكم فى النهاية على الصدق والزيف والإيمان والكفر بيد الله وحده وليس بيد من نصبوا أنفسهم وكلاء الله على الأرض. أراد على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، ألا تتكرر مقولة «لن أخلع رداء سربلنيه الله» التى قالها ذو النورين عثمان رضى الله عنه والتى اعتبرها بعض المؤرخين تكريساً مبدئياً للحكم الإلهى حين يكون الحاكم مرتدياً ومتسربلاً بالأمر الإلهى وتكون تلك بداية مفهوم ظل الله على الأرض. من يحب الله حقاً لابد أن ينزهه عن أحراش السياسة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات