الأقسام الرئيسية

حل (أمن الدولة) ليس حلا

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: عماد الدين حسين

emad eldin hussein new

17 مارس 2011 10:10:07 ص بتوقيت القاهرة

قبل أسابيع من ثورة 25 يناير ذهب بعض وكلاء النيابة إلى جهاز أمن الدولة فى محافظة البحيرة، للتفتيش على أداء ضابط قيل إنه يحتجز بعض المواطنين ويعذبهم دون توجيه أى اتهامات.

انتهت الزيارة بتهجم ضابط أمن الدولة على وكلاء النيابة ورفضه اظهار المحتجزين. وجرى تسوية الأمر من دون شوشرة إعلامية كبيرة.

ذلك ما كان سائدا قبل الثورة، رغم أن من حق النيابة ــ على الورق ــ مراقبة أداء وعمل جهاز أمن الدولة، لكن الواقع الفعلى لم يكن كذلك.

الآن الجهاز تم حله تماما والفضل للثورة وشبابها الذين أصروا على هذا المطلب، والشكر للجيش والحكومة اللذين استجابا لرغبة الثوار وضحايا الجهاز.

أن يكون هناك جهاز جديد باسم «الأمن الوطنى» خطوة ذكية وهى تشبه ــ مع الفارق ــ قيام الزوج «بتغيير العتبة» أو المنزل بالكامل بأثاثه حتى ينسى الزوجة القديمة تماما، لكن الكارثة الكبرى أن يتمخض الجبل ويلد اسما جديدا فقط بنفس السياسات القديمة.

وحتى لا نغرق فى الأوهام فالمسألة أولا وأخيرا ليست اسم الجهاز أو أهدافه ومبادئه المعلنة. القضية تتلخص فى جملة بسيطة هى «طبيعة عمل هذا الجهاز ومن يراقبه ومن يستطيع أن يردعه إذا تجاوز حدوده».

ليس كافيا ان يعلن وزير الداخلية أن الجهاز الجديد سيكون مختصا فقط بمكافحة الإرهاب ولن يتدخل فى شئون المواطنين ويبتزهم بالمعلومات الخاصة التى يجمعها عنهم.

لو عدنا إلى الأرشيف فإن الرئيس الراحل أنور السادات ــ وبعد مسرحية حرق الشرائط والتسجيلات فى أوائل السبعينيات ــ أعلن هو وحكومته ــ بعد تغيير اسم الجهاز من المباحث العامة إلى أمن الدولة ــ أنه لا تجسس على المواطنين بعد اليوم ولا تدخل فى شئونهم.

أما الذى حدث فمعروف للجميع وهو أن الجهاز الجديد صار يعرف عن الزوجة أكثر مما يعرف زوجها، وصار يتدخل فى خصوصيات المواطن بصورة تقترب مما كان سائدا فى أوروبا الشرقية أثناء الحقبة السوفييتية.

الذى يمنع تكرار كابوس الماضى أن تكون وظائف واختصاصات الجهاز الجديد محددة بكل دقة وألا يتدخل فيما ليس من شأنه سواء كان جامعات أو وسائل إعلام أو مراكز أبحاث.

وبالطبع لا يكفى ان نناشد الجهاز ووزير الداخلية أو حتى الحكومة ان تكون طيبة القلب و«تشد أذن» مسئولى الجهاز الجديد ليكون مرهفا ورومانسيا.. الذى يجعل ذلك يتحقق على أرض الواقع هو وجود رقابة فعالة من وزارة العدل على أدائه وعلى أداء وزارة الداخلية.

وحتى الرقابة والفعالية فإنهما لا تتحققان بمجرد أن نكتب ذلك فى أوراق انشاء الجهاز الجديد، بل يكون ذلك عبر وجود فصل حقيقى بين السلطات أولا ثم وجود «مجتمع حى» عبارة عن مؤسسات ونقابات وأحزاب وقوى مجتمع مدنى حقيقية تستطيع أن تعترض عندما يخرج الجهاز عن وظيفته وعندما تتجاوز وزارة الداخلية حدودها.

لو استمر تأثير ثورة 25 يناير، ولو شعرت الحكومة ــ أى حكومة ــ ان الشعب يمكن أن يخرج إلى الشارع ويسقطها، ولو ظل ضباط وجنود الشرطة يتذكرون درس الثورة.. لو حدث ذلك فلن يخرج الجهاز الجديد عن إطاره فى حماية الوطن والمواطن. أما إذا عادت «ريما إلى عادتها القديمة»، فالمؤكد أن حل الجهاز وإنشاء آخر باسم جديد ــ من دون تغيير طبيعة عمله يشبه شخصا قرر أن يغير اسمه من عبدالجبار الظالم إلى أشرف المتجبر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer