الأقسام الرئيسية

شهادة من الإسكندرية

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: فهمي هويدي

fahmy howaidy

7 مارس 2011 09:19:41 ص بتوقيت القاهرة

أمس الأول تلقيت على هاتفى المحمول رسالة ممن لا أعرف هذا نصها: اليوم هو الأهم فى تاريخ الثورة بعد الذى جرى فى 28 فبراير. سحقنا أمن الدولة وأنقذنا المستندات.

فى الوقت ذاته وقعت فى موقع «فيس بوك» على شهادة واحد من الذين اقتحموا مبنى مباحث أمن الدولة فى الإسكندرية، وصف فيها وقائع الحدث منذ لحظاته الأولى وحتى نهايته كما يلى:

كان صاحب الشهادة اسمه محمود حسان ومعه آخرون يمرون أمام مبنى أمن الدولة، فلاحظوا أن أجولة من الورق المفروم تخرج من المبنى وتوضع فى عربات للقمامة. شكُّوا فى الأمر. فسألوا المخبرين الذين يحملون الأجولة عن محتوياتها، فنهروهم وطاردوهم.

جرى الشباب صوب موقع قريب للجيش وأبلغوهم بما حدث، فكان رد أحد الضابط أن ذلك ورق قديم يتم التخلص منه. لم يبدد ذلك شكوكهم فقرروا أن يأخذوا الأمر بأيديهم. تنادوا فيما بينهم وتجمعوا مع آخرين من زملائهم عند مسجد القائد إبراهيم. اتصلوا ببعض الإخوان للانضمام إليهم، لكنهم اعتذروا بأنهم مرتبطون بحفل فى استاد الجامعة. مع ذلك قرروا التوجه إلى مبنى أمن الدولة. فى الطريق لحق بهم بعض أهالى الشهداء وعدد من السلفيين، وانضم إليهم كل من عرف وجهتهم، حتى إذا ما وصلوا قريبا من الجهاز، كان عددهم قد ناهز ألفى شخص.

الطريق كان مغلقا بالكتل الأسمنتية والأسلاك الشائكة. والمبنى كان محروسا بقوات الصاعقة. لكن ذلك لم يمنعهم من ترديد الهتافات ضد الجهاز. زاد عدد المتظاهرين الذين أحاطوا بالمبنى من كل صوب. لمحوا بعض ضباط أمن الدولة وهم يحاولون الهروب، ذكر منهم الرائد محمد فاروق والضباط محمد البرعى ومحمد عبدالعزيز وهشام الخطيب. لاحقهم المتظاهرون بالصياح وذكروهم بأنهم كانوا يقومون بتعذيبهم، أحدهم ظل يصرخ قائلا: أنا رقم 24، هل تذكروننى. أنا من كبلتم يداى وراء ظهرى طوال أربعة أيام دون طعام. هل تذكرون حين صعقتمونى بالكهرباء؟

ظل الغاضبون يهتفون فى حين طلب منهم رجال الجيش عدم عبور الحواجز، فكانوا يردون عليهم بهتاف «سلمية.. سلمية». وهم كذلك خرج أحد عناصر الجهاز وألقى قنبلة مولوتوف على مجموعة من الواقفين فأصابت واحدا نقلوه إلى المستشفى، اشتدت الهتافات الغاضبة، وإذا بالرصاصات تنهال عليهم من داخل المبنى، تلفتوا حولهم فلم يعثروا على اثر لجنود الجيش، فلم يجد المتظاهرون بدا من الرد بإلقاء الحجارة عليهم.

فى الوقت ذاته بدأوا فى عبور الحواجز لاقتحام المبنى فى حين كانت طلقات الرصاص تلاحقهم، وقنابل المولوتوف تلقى عليهم من فوق سطوح المبنى التى كانت من الكثرة بحيث سقط بعضها فى شرفات البنايات المجاورة. الغريب أن الناس تصرفت بجسارة وإصرار شديدين، فلم يكترثوا بما يلقى عليهم، وكان البعض ينادى عليهم قائلين. استمروا، لو كنتم رجالا حقا لخرجتم من مخابئكم. اقترب المتظاهرون أكثر وحاولوا اقتحام المبنى من باب خلفى، ولم تثنهم النيران التى ظلت تطلق عليهم، لكنهم نجحوا فى الدخول.

أول ما لاحظوه بعد الدخول أنهم شاهدوا أكواما كبيرة من الورق المفروم فى بهو المكان، ووجدوا فى حديقة المبنى قاعة لممارسة الرياضة لم يكترث من فيها بما يجرى وظلوا يمارسون تمارينهم الرياضية! ــ حاولوا صعود الدرج ولكن عناصر الصاعقة اعترضتهم، فى الوقت الذى كانت فيه النار الكثيفة تتصاعد من الطوابق العليا.

أصر المتظاهرون على الصعود ولم يستطع جنود الجيش إيقافهم. حينما شاهدهم من تبقى من ضباط أمن الدولة وهم يصعدون شرعوا فى إطلاق الرصاص عليهم، مما أدى إلى إصابة ستة من جنود الجيش فى ظهورهم. صعد المتظاهرون إلى الطابقين الأول والثانى، ففر الضباط واختبأوا بإحدى الغرف.

تدخل ضباط الجيش لإخراجهم وتأمينهم، لكن الجماهير لم تتركهم ينزلون بسلام، فانهالوا عليهم بالضرب حتى غطت الدماء وجوه بعضهم وفقد آخرون وعيهم. أحد الذين أخرجوا من الحبس أحضر من الداخل بعض أدوات التعذيب التى كان بينها صواعق كهربائية «ومنجلة» من الصلب كانوا يضعون أصابعهم فيها ويضغطون بشدة حتى يفقد الواحد وعيه.

انتقد صاحب المدونة شهادة الإخوان الذين غابوا عن المشهد وانضموا إلى المتظاهرين فى نهاية المطاف لكى يحصلوا على بعض المستندات من الجهاز، وامتدح وقفة السلفيين الذين ظلوا يرددون انهم تعرضوا لتعذيب يفوق طاقة البشر، وحيا شجاعة فتاة اسمها ماهينور المصرى لأنها تقدمت الجميع للحاق بأحد الضباط الذين حاولوا الهرب. وختم مدونته قائلا: لم نعد نخاف الرصاص ولا أمن الدولة، لأننا ولدنا من جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer